الجِبت
المجموعات : الأصنام

الجبت

لم يقطع أحد من اللّغويّين بأصل «الجبت» إلّا «قطرب»، فقال: أصله الجبس، و هو الّذي لا خير فيه، فأبدلت «التّاء» من «السّين»، و زاد الرّاغب في معناه، فقال: «الغسل الّذي لا خير فيه. و قيل: «التّاء» بدل من «السّين»، تنبيها على مبالغته في الغسولة».

و قال الجوهريّ: «و هذا ليس من محض العربيّة، لاجتماع «الجيم» و «التّاء» في كلمة واحدة من غير حرف ذولقيّ». و لا شكّ أنّه يريد بقوله: «حرف ذو لقيّ» حروف طرف اللّسان، و هي: الرّاء و اللّام و النّون، و ليست حروف طرف الشّفة، و هي: الفاء و الباء و الميم، و إن كانت من الحروف الذّلق، و إلّا فإنّ لفظ «الجبت» يحتوي على «الباء» أيضا.

و لقد حذا اللّغويّون حذو المفسّرين في بيان معنى «الجبت»، فقالوا: كلّ ما عبد من دون اللّه، أو هو السّحر و السّاحر، أو الطّيرة و العيافة و الطّرق. و زاد المفسّرون معاني أخرى أيضا، فقالوا: الشّيطان، أو كعب بن الأشرف، أو حييّ بن أخطب و غير ذلك.

و ذهب بعضهم مذهبا بعيدا؛ إذ نقل السّيوطيّ في الإتقان عن ابن عبّاس أنّه قال: «الجبت اسم الشّيطان بالحبشة»، و عن سعيد بن جبير، قال: «الجبت: السّاحر بلسان الحبشة». فهما عيّنا منشأه أيضا.

من قال بأعجميّة هذا اللّفظ قوله فند، لأنّه لا يركن إلى ركن شديد، فهو إمّا ارتجال، و إمّا احتمال. و قول الجوهريّ حسن، إلّا أنّه ليس قياسا فأنت ترى أنّ ما تذرّع به الجوهريّ لا يقوى على جعل «الجبت» أعجميّا، بل أنّ ما ذكره يطّرد في الكلمات الرّباعيّة أو الخماسيّة.[1]

قال تعالی:«أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا»[2] يلاحظ أنّ الجبت معرّفا باللّام جاء مع الطّاغوت تنديدا بالإيمان بهما، و الجبت و الطّاغوت ليسا شخصين، أو صنفين من النّاس كالسّاحر و الكاهن، أو صنمين، بل يعمّان كلّ فاسد لا خير فيه، كما جاء في النّصوص اللّغويّة، و في كلّ موضع يحمل على ما يناسبه ممّا ذكر، إلّا أنّ الطّاغوت في القرآن جاء في مصاديق كثيرة، منها الجبت في خصوص الأصنام.[3]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 8، ص 797

 

[1]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 8، ص 797

[2]النّساء: 51

[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 8، ص 79