الأبالسة
قالوا انّ إبلیس عربيّ مشتقّ من الإبلاس، أي البعد عن الخير، أو اليأس من رحمة اللّه. و قالوا: إنّه أعجميّ، و لذا منع من الصّرف للعجمة و التّعريف. و القول الأوّل قريب لفظا و معنى و بعيد استعمالا؛ فلو كان عربيّا لما منع من الصّرف؛ إذ ليس فيه علّة لمنع الصّرف إلّا التّعريف، و التّعريف وحده لا يمنع من الصّرف.
و الحقّ أنّه أعجميّ معرّب للّفظ اليونانيّ «ذياقولوس» و قد أخذته السّريانيّة- من اللّغات السّاميّة- عن اليونانيّة بلفظ مقارب لها، فقد ورد فيها بلفظ «ديبلوس» أمّا العرب فتصرّفوا فيه و جعلوه على وزن «إفعيل»، فألحقوه ببعض الألفاظ اليونانيّة، مثل: إبريز، و إبليس في اليونانيّة اسم علم، و يعني فيها مجازا من يعمل عملا يكون موضع إعجاب لدى الآخرين، و يعني أيضا الشّخص العنيف، و الشّخص القدير.
و نظرا لكون «إبليس» شخصا معيّنا فقد جاء مفردا دائما. و لو صحّ ما شاع في المحاورات من لفظ «أبالسة» فلأجل أنّهم استعملوا لفظ «إبليس» محلّ «شيطان» مجازا.
جاء إبليس 11 مرّة و أطلق على شخص لا على جنس في كلّ المواضع الّتي ورد فيها قال تعالی: «وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ»[1] و نظرا لكون «إبليس» شخصا معيّنا فقد جاء مفردا دائما. و أمّا الشّيطان، فهو و إن أطلق على شخص معيّن مرادف لإبليس، إلّا أنّه في الأصل اسم جنس. فكلّما أريد به الشّخص استعمل معرّفا بألف و لام العهد.[2]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 1، ص 162
[1]البقرة: 34
[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 1، ص 162