الرؤیا
الرُّؤيا: ما يرى في المنام.[1] قال الطبرسی: الرؤيا في النوم هي تصور يتوهم معه الرؤية في اليقظة و لا يكون إدراكا و لا علما بل كثير مما يراه الإنسان في نومه يكون تعبيره بالعكس مما رآه كما يكون تعبير البكاء ضحكا.[2]
قد اعتنى بشأن الرؤیا في القرآن الكريم كما حكى الله سبحانه فيه رؤيا إبراهيم في ابنه[3] و رؤيا يوسف[4] و رؤيا صاحبي يوسف في السجن[5] و رؤيا الملك[6] و رؤي رسول الله[7] . و قد وردت روايات كثيرة تصدق ذلك. لكن الباحثين من علماء الطبيعة من أوربا لا يرون لها حقيقة و لا للبحث عن شأنها و ارتباطها بالحوادث الخارجية وزنا علميا إلا بعضهم من علماء النفس ممن اعتنى بأمرها، و احتج عليهم ببعض المنامات الصحيحة.
نعم مما لا سبيل إلى إنكاره أن الرؤيا أمر إدراكي و للخيال فيها عمل، و المتخيلة من القوى الفعالة دائما ربما تدوم في عملها من جهة الأنباء الواردة عليها من ناحية الحس كاللمس و السمع، و ربما تحلل الصور المركبة و تركب البسائط. فجميع الرؤى لا تخلو عن حقيقة بمعنى أن لها أصول و أسباب تستدعي وجودها للنفس و ظهورها للخيال فلكل منام تأويل و تعبير غير أن تأويل بعضها السبب الطبيعي العامل في البدن في حال النوم، و تأويل بعضها السبب الخلقي و بعضها أسباب متفرقة اتفاقية.[8]
التفاسير في حقيقة الرؤيا يمكن تصنيفها الى قسمين هما:
التّفسير المادي: يقول الماديون: يمكن ان تكون للرؤيا عدّة علل کالأعمال اليومية، و سلسلة من الاماني، و الخوف من شي ء ما. امّا فرويد و اتباعه فلديهم مذهب خاص في تفسير الأحلام، انهم يقولون: انّ الرؤيا عبارة عن إرضاء الميول المكبوتة التي تحاول الظهور على مسرح الوعي بعد تحويرها و تبدّلها في عملية خداع الانا. و يعتقد بعض علماء التغذية انّ هناك علاقة بين الرؤيا و حاجة البدن للغذاء، فمثلا لو راى الإنسان في نومه دما يقطر من أسنانه، فتعبير ذلك انّ بدنه يحتاج الى فيتامين (ث) و إذا رأى في نومه أن شعر رأسه صار أبيضا، فمعناه انّه مبتلى بنقص فيتامين (ب).
التّفسير المعنوي : يقول الفلاسفة: انّ الرؤيا و الأحلام على اقسام:
الرّؤيا المرتبطة بماضي الحياة حيث تشكل الرغبات و الامنيات قسما مهما من هذه الأحلام.
الرؤيا غير المفهومة و المضطربة و أضغاث الأحلام التي تنشأ من التوهم و الخيال (و ان كان من المحتمل ان يكون لها دافع نفسي.
الرّؤيا المرتبطة بالمستقبل و التي تخبر عنه. فهي على نحوين: منها أحلام واضحة و صريحة لا تحتاج الى تعبير. و منها الأحلام التي تتحدث عن المستقبل، و لكنّها غير واضحة، و قد تغيّرت نتيجة العوامل الذهنية و الروحيّة الخاصّة فتحتاج الى تعبير.[9]
و یمکن ان نقول ان المنامات التي لا تستند إلى أسباب طبيعية، أو مزاجية أو اتفاقية أو خلقية أو غير ذلك، و لها ارتباط بالحوادث الخارجية و الحقائق الكونية، ثلاثة أقسام كلية: و هي المنامات الصريحة و لا تعبير لها لعدم الحاجة إليه، و أضغاث الأحلام و لا تعبير فيها لتعذره أو تعسره و المنامات التي تصرفت فيها النفس بالحكاية و التمثيل و هي التي تقبل التعبير.[10]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 373
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 4، ص 840
الميزان في تفسير القرآن، ج 11، ص 268
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 7، ص 128
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 373
[2]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 4، ص 840
[3]الصافات: 105
[4]يوسف: 4
[5]يوسف: 36
[6]يوسف: 43
[7]الأنفال: 43، الفتح: 27 ، الإسراء: 60
[8]الميزان في تفسير القرآن، ج 11، ص 268
[9]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 7، ص 128
[10]الميزان في تفسير القرآن، ج 11، ص 268