الجبهة
المجموعات : الأعضاء والجوارح

الجبهة

الجبهة هي مستوى ما بين الحاجبين إلى النّاصية، و الجمع جباه.

قال تعالی:«يوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ»[1] إرداف الجباه بالجنوب و الظّهور كالتّصريح بأنّ المراد بها معناها المشهور، و هو أعلى الوجه فوق الحاجبين إلى قصاص الشّعر، و هو أوفق بكونها علامة.

ذكروا لاختصاص المواضع الثّلاثة بالكيّ وجوها:

1- أنّ البخيل إذا سأله السّائل توى عنه جبهته، ثمّ أعرض عنه بجنبه، ثمّ ولّاه ظهره، فتكوى بها هذه الأعضاء عقوبة لما صدر عنها.

2- أنّ الكيّ في الجبهة شنيع إذ يراه كلّ من نظر إليه، و في الجنب و الظّهر أوجع، لأنّهما مجوّفتان فيصل الحرّ إلى الجوف، بخلاف اليد و الرّجل و الجبهة.

3- أنّ الّذي يكنز الذّهب و الفضّة و الأموال و لا ينفقها في سبيل اللّه إنّما يطلب بها الوجاهة و التّنعّم بالغنى، و بالمطاعم الشّهيّة و الملابس البهيّة، فتكوى جباههم لإزالة الوجاهة، و جنوبهم و ظهورهم لإزالة أثر تلك المطاعم و الملابس.

4- أنّها أشرف الأعضاء المشتملة على الأعضاء الرّئيسيّة الّتي هي الدّماغ و القلب و الكبد، و لأنّها أصول الجهات الأربع الّتي هي مقاديم البدن و مآخره و جنباه.

5- أنّ الّذي يكنزها لحذره من أن يطّلع عليه أحد يلتفت يمينا و شمالا، و أماما و وراء. و لا يكاد ينظر إلى فوق، أو يتخيّل أنّ أحدا يطّلع عليه من تحت، فلمّا كانت تلك الجهات الأربع مطمح نظره و مظنّة حذره، دون الجهتين الآخرتين من الجهات السّتّ اقتصر عليها دونهما.

6- إنّ الجهة موضع الوسم لظهورها، و الجنب موضع الألم، و الظّهر موضع الحدود.

7- إنّ إمساكه عن إنفاقها نشأ عن خوفه الفقر الّذي هو الموت الأحمر، لأنّه سبب الكدّ و عرق الجبين، و الاضطراب يمينا و شمالا، و عدم استقرار الجنب لتحصيل المعاش، مع خلوّه عمّا يستند إليه ظهره، و يعوّل عليه في الملمّات، فتكوى بها جزاء لما يخافه من الكدّ و الاضطراب، و عدم الاعتماد في هذه الأعضاء.

8- لأنّهم خضعوا لتلك الأموال بالجباه، لاذوا إليها بالجنوب، و اتّكؤوا عليها بالظّهور.

9- و هذه الوجوه متقاربة لا يخلو شي ء منها من لطف، كما لا يخلو من ضعف. و يخطر بالبال وجه آخر: و هو أنّ الكيّ في هذه الأعضاء للّذين يكنزون الذّهب و الفضّة كالعلامة لهؤلاء في جهنّم من بين أهلها، كما أنّ اللّون الأحمر على ظهر الماشية و رأسها و عقبها علامة لصاحبها، و قد جاء في الرّوايات علامات لكلّ طائفة من أهل النّار. فالكيّ عذاب و علامة لهم معا، و بذلك جمع اللّه لهم بين العذاب الجسمانيّ و الروحانيّ.[2]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 23

 

[1]التّوبة: 35

[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 23