هاویل

هاویل

قوم لقاهم ذو القرنین.

أخرج ابن اسحق و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الشيرازي في الألقاب و أبو الشيخ عن وهب بن منبه اليماني و كان له علم الأحاديث الاولى انه كان يقول كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره و كان اسمه الإسكندر و انما سمى ذا القرنين ان صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما بلغ و كان عبدا صالحا قال الله له يا ذا القرنين انى باعثك إلى أمم الأرض منهم أمتان بينهما طول الأرض كلها و منهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم الانس و الجن و يأجوج و مأجوج فاما اللتان بينهما طول الأرض فامة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك و أما الأخرى فعند مطلعها يقال لها منسك و أما اللتان بينهما عرض الأرض فامة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل و أما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فامة يقال لها تاويل فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين يا الهى أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره الا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني اليها باي قوة أكابرهم و باي جمع أكاثرهم و باي حيلة أكايدهم و باي انسان أناطقهم و كيف لي بان أحاربهم و باي سمع أعي قولهم و باي بصر أنفذهم و باي حجة أخاصمهم و باي قلب أعقل عنهم و باي حكمة أدبر أمرهم و باي قسط أعدل بينهم و باي حلم أصابرهم و باي معرفة أفصل بينهم و باي علم أتقن أمرهم و باي يد أسطو عليهم و باي رجل أطؤهم و باي طاقة أخصمهم و بأى جند أقاتلهم و باي رفق أستالفهم و انه ليس عندي يا الهى شي مما ذكرت يقرن لهم و لا يقوى عليهم و لا يطيقهم و أنت الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا و لا يحملها الا طاقتها و لا يعنتها و لا يفدحها بل يرأفها و يرحمها فقال له الله عز و جل انى سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شي و اشرح لك فهمك فتفقه كل شي و ابسط لك لسانك فتنطق بكل شي و افتح لك سمعك فتعي كل شي و أمد لك بصرك فتنفد كل شي و أدبر لك أمرك فتتقن كل شي و أحصر لك فلا يفوتك شي و احفظ عليك فلا يعزب عنك شي و أشد ظهرك فلا يهدك شي و أشد لك ركبك فلا يغلبك شي و أشد لك قلبك فلا يروعك شي و أشد لك عقلك فلا يهولك شي و أبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شي و ألبسك الهيبة فلا يروعك شي و أسخر لك النور و الظلمة فاجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من امامك و تحوطك الظلمة من ورائك فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الامة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا و عددا لا يحصيه الا الله تعالى و قوة و بأسا لا يطيقه الا الله و ألسنة مختلفة و أمورا مشتبهة و أهواء متشتة و قلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة و ضرب حولهم ثلاثة عساكر منها و أحاطت بهم من كل جانب و حاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله و عبادته فمنهم من آمن به و منهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فادخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم و أنفهم و آذانهم و أجوافهم و دخلت في بيوتهم و دورهم و غشيتهم من فوقهم و من تحتهم و من كل جانب منهم فماجوا فيها و تحيروا فلما أشفقوا ان يهلكوا فيها عجوا اليه بصوت واحد فكشف عنهم و أخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جند واحدا ثم انطلق بهم يقودهم و الظلمة تسوقهم من خلفهم و تحرسهم من حولهم و النور من أمامه و يقوده و يدله و هو يسير في ناحية الأرض اليمنى و هو يريد الامة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل و سخر الله يده و قلبه ورائه و نظره و ائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر و إذا عمل عملا أتقنه فانطلق يقود تلك الأمم و هي تتبعه فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم و تلك الجنود فإذا قطع الأنهار و البحار فتقها ثم دفع إلى كل انسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها و جند منها جنودا كفعله في لامتين اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى و هو يريد تاويل و هي الامة التي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها فلما بلغها عمل فيها و جند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن و سائر الانس و يأجوج و مأجوج ....[1]

المنبع:

الدر المنثور فى التفسير بالماثور، ج 4، ص 242

 

[1]الدر المنثور فى التفسير بالماثور، ج 4، ص 242