وحشي الحبشي
المجموعات : الأشخاص

وحشيّ الحبشيّ

هو أبو دسمة، و قيل: أبو وسمة، و قيل: أبو حرب وحشيّ بن حرب الحبشيّ، الحمصيّ، مولى جبير بن مطعم، و قيل: مولى طعيمة بن بدر. صحابيّ من سودان مكّة، و من شجعان الموالي في الجاهليّة. كان مدمنا على الخمر في الجاهليّة و الإسلام، و مات مخمورا.

كان أوّل من لبس الثياب المدلّكة، و ضرب في الخمر بحمص، و يعتبر من جملة رواة حديث غدير خمّ.

في سنة 3 ه اشترك مع المشركين في واقعة أحد، و كان مولاه قد أوعده إن قتل حمزة بن عبد المطّلب أعتقه، فتمكّن من قتل حمزة بحربة غيلة، و كان يقذف بها فيصيب المرمى، و قلّما كان يخطئ، و لمّا عاد إلى مكّة كافأه مولاه على قتله لحمزة فأعتقه، و أهدته هند بنت عتبة قلائدها و خلاخيلها مكافأة له لقتله حمزة سيّد الشهداء.

و لم يزل على كفره بمكّة حتّى فتحها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنة 8 ه، فهرب إلى الطائف، ثمّ وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة فأسلم و قدّم توبته و ندمه للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقبل توبته و أمره بأن يغيّب وجهه عنه. بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شارك المسلمين في حربهم مع مسيلمة الكذّاب، و تمكّن من قتل مسيلمة بنفس الحربة التي اغتال بها حمزة، فكان يقول: قتلت خير الناس في الجاهليّة و شرّ الناس في الإسلام، و شهد واقعة اليرموك.

روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحاديث، و روى عنه جماعة.

في آخر عمره سكن حمص، و قيل: دمشق، و لم يزل بها حتّى توفّي حدود سنة 25 ه.

قال الإمام الصادق عليه السّلام: «المرجون لأمر اللّه قوم كانوا مشركين، قتلوا حمزة و جعفرا و أشباههما من المؤمنين، فيجب لهم الجنّة، و لم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم و إمّا يتوب عليهم».

القرآن الكريم و وحشيّ الحبشيّ:

نزلت فيه الآية 48 من سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً.

لمّا وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أبدى توبته و ندمه و استجار بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال: يا محمّد! أتيتك مستجيرا فأجرني حتّى أسمع كلام اللّه، و إنّي أشركت باللّه، و قتلت النفس التي حرّم اللّه تعالى، و زنيت، هل يقبل اللّه منّى توبة؟ فنزلت الآية 68 من سورة الفرقان: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً.

و نزلت كذلك الآية 69 من نفس السورة: يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً.

و نزلت فيه أيضا الآية 70 من السورة المذكورة: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

فلمّا سمع وحشيّ الآية المذكورة قال: أرى شرطا فلعلّي لا أعمل صالحا، أنا في جوارك حتّى أسمع كلاما، فلمّا نزلت الآية 48 من سورة النساء- و التي ذكرناها سابقا- قال: و لعلّي ممّن لا يشاء، أنا في جوارك حتّى أسمع كلام اللّه، فنزلت الآية 53 من سورة الزمر: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فلمّا سمع تلك الآية قال: الآن لا أرى شرطا فأسلم.[1]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 1028

 

[1]أعلام القرآن، ص 1028