67181 / _1 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قُلْتُ: وُلْدُهُ كَيْفَ أُوتِيَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؟ قَالَ: «أَحْيَا لَهُ مِنْ وُلْدِهِ اَلَّذِينَ كَانُوا مَاتُوا قَبْلَ اَلْبَلِيَّةِ، وَ أَحْيَا لَهُ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ، مِثْلَ اَلَّذِينَ هَلَكُوا يَوْمَئِذٍ».
67182 / _2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، وَ غَيْرِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ . قَالَ: «أَحْيَا اَللَّهُ لَهُ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ اَلْبَلِيَّةِ، وَ أَحْيَا أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا وَ هُوَ فِي اَلْبَلِيَّةِ».
30,13,69109 / _1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَحْرٍ ، عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِيَّةِ 30أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اَلَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا، لِأَيِّ عِلَّةٍ كَانَتْ؟ قَالَ: «لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا وَ أَدَّى شُكْرَهَا، وَ كَانَ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ لاَ يُحْجَبُ 1إِبْلِيسُ مِنْ دُونِ اَلْعَرْشِ ، فَلَمَّا صَعِدَ وَ رَأَى شُكْرَ أَيُّوبَ نِعْمَةَ رَبِّهِ حَسَدَهُ 1إِبْلِيسُ ، وَ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ 30أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْكَ شُكْرَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ إِلاَّ بِمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا، وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْيَاهُ، مَا أَدَّى إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً، فَسَلِّطْنِي عَلَى دُنْيَاهُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً. فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَ وُلْدِهِ. قَالَ: فَانْحَدَرَ 1إِبْلِيسُ فَلَمْ يُبْقِ لَهُ مَالاً وَ لاَ وَلَداً إِلاَّ أَعْطَبَهُ، فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً، قَالَ: فَسَلِّطْنِي عَلَى زَرْعِهِ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. فَجَاءَ مَعَ شَيَاطِينِهِ، فَنَفَخَ فِيهِ، فَاحْتَرَقَ، فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً، فَقَالَ: يَا رَبِّ، سَلِّطْنِي عَلَى غَنَمِهِ. فَسَلَّطَهُ عَلَى غَنَمِهِ، فَأَهْلَكَهَا، فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً. فَقَالَ: يَا رَبِّ، سَلِّطْنِي عَلَى بَدَنِهِ. فَسَلَّطَهُ عَلَى بَدَنِهِ، مَا خَلاَ عَقْلَهُ وَ عَيْنَيْهِ، فَنَفَخَ فِيهِ 1إِبْلِيسُ ، فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً، مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ، فَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ عُمُراً طَوِيلاً يَحْمَدُ اَللَّهَ وَ يَشْكُرُهُ، حَتَّى وَقَعَ فِي بَدَنِهِ اَلدُّودُ، وَ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَدَنِهِ فَيَرُدُّهَا، وَ يَقُولُ لَهَا: اِرْجِعِي إِلَى مَوْضِعِكِ اَلَّذِي خَلَقَكِ اَللَّهُ مِنْهُ. وَ نَتِنَ، حَتَّى أَخْرَجَهُ أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ مِنَ اَلْقَرْيَةِ، وَ أَلْقَوْهُ فِي اَلْمَزْبَلَةِ خَارِجَ اَلْقَرْيَةِ. وَ كَانَتِ اِمْرَأَتُهُ رَحْمَةَ بِنْتَ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ عَلَيْهَا) تَتَصَدَّقُ مِنَ اَلنَّاسِ وَ تَأْتِيهِ بِمَا تَجِدُهُ. قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ اَلْبَلاَءُ، وَ رَأَى 1إِبْلِيسُ صَبْرَهُ أَتَى أَصْحَاباً لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِي اَلْجِبَالِ، فَقَالَ: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا اَلْعَبْدِ اَلْمُبْتَلَى، نَسْأَلْهُ عَنْ بَلِيَّتِهِ. فَرَكِبُوا بِغَالاً شُهْباً وَ جَاءُوا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ، فَقَرَّبُوا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِ، وَ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَدَثُ اَلسِّنِّ، فَقَعَدُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا 30أَيُّوبُ ، لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ لَعَلَّ اَللَّهَ يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ، وَ مَا نَرَى اِبْتِلاَءَكَ بِهَذَا اَلْبَلاَءِ اَلَّذِي لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ. فَقَالَ 30أَيُّوبُ : وَ عِزَّةِ رَبِّي إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا أَكَلْتُ طَعَاماً إِلاَّ وَ يَتِيمٌ أَوْ ضَعِيفٌ يَأْكُلُ مَعِي، وَ مَا عَرَضَ لِي أَمْرَانِ كِلاَهُمَا طَاعَةٌ لِلَّهِ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِي. فَقَالَ اَلشَّابُّ: شَوْهٌ لَكُمْ، عَمَدْتُمْ إِلَى نَبِيِّ اَللَّهِ فَعَيَّرْتُمُوهُ حَتَّى أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مَا كَانَ يَسْتُرُهَا. فَقَالَ: 30أَيُّوبُ : يَا رَبِّ، لَوْ جَلَسْتُ مَجْلِسَ اَلْحَكَمِ مِنْكَ لَأَدْلَيْتُ بِحُجَّتِي. فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِ غَمَامَةً، فَقَالَ: يَا 30أَيُّوبُ ، أَدْلِ بِحُجَّتِكَ، فَقَدْ أَقْعَدْتُكَ مَقْعَدَ اَلْحَكَمِ، وَ هَا أَنَا ذَا قَرِيبٌ، وَ لَمْ أَزُلْ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لِي أَمْرَانِ قَطُّ كِلاَهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى نَفْسِي، أَ لَمْ أَحْمَدْكَ، أَ لَمْ أَشْكُرْكَ، أَ لَمْ أُسَبِّحْكَ؟». قَالَ: «فَنُودِيَ مِنَ اَلْغَمَامَةِ بِعَشَرَةِ آلاَفِ لِسَانٍ: يَا 30أَيُّوبُ ، مَنْ صَيَّرَكَ تَعْبُدُ اَللَّهَ وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، وَ تَحْمَدُهُ، وَ تُسَبِّحُهُ، وَ تُكَبِّرُهُ، وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، أَ تَمُنُّ عَلَى اَللَّهِ بِمَا لِلَّهِ فِيهِ اَلْمِنَّةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَأَخَذَ 30أَيُّوبُ اَلتُّرَابَ، فَوَضَعَهُ فِي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لَكَ اَلْعُتْبَى يَا رَبِّ، أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِي. فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكاً فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ، فَخَرَجَ اَلْمَاءُ، فَغَسَّلَهُ بِذَلِكَ اَلْمَاءِ، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، وَ أَطْرَأَ، وَ أَنْبَتَ اَللَّهُ عَلَيْهِ رَوْضَةً خَضْرَاءَ، وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ، وَ مَالَهُ، وَ وُلْدَهُ، وَ زَرْعَهُ، وَ قَعَدَ مَعَهُ اَلْمَلَكُ يُحَدِّثُهُ وَ يُؤْنِسُهُ. فَأَقْبَلَتْ اِمْرَأَتُهُ وَ مَعَهَا اَلْكِسَرُ، فَلَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى اَلْمَوْضِعِ إِذاً اَلْمَوْضِعُ مُتَغَيِّرُ، وَ إِذَا رَجُلاَنِ جَالِسَانِ، فَبَكَتْ، وَ صَاحَتْ، وَ قَالَتْ: يَا 30أَيُّوبُ ، مَا دَهَاكَ؟ فَنَادَاهَا 30أَيُّوبُ ، فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْهُ وَ قَدْ رَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ بَدَنَهُ وَ نِعَمَهُ، سَجَدَتْ لِلَّهِ شُكْراً، فَرَأَى ذَوَائِبَهَا مَقْطُوعَةً، وَ ذَلِكَ أَنَّهَا سَأَلَتْ قَوْماً أَنْ يُعْطُوهَا مَا تَحْمِلُهُ إِلَى 30أَيُّوبَ مِنَ اَلطَّعَامِ، وَ كَانَتْ حَسَنَةَ اَلذَّوَائِبِ، فَقَالُوا لَهَا: تَبِيعِينَا ذَوَائِبَكِ حَتَّى نُعْطِيَكِ؟ فَقَطَعَتْهَا وَ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِمْ، فَأَخَذَتْ مِنْهُمْ طَعَاماً 30لِأَيُّوبَ ، فَلَمَّا رَآهَا مَقْطُوعَةَ اَلشَّعْرِ غَضِبَ، وَ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ يَضْرِبَهَا مِائَةً، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ كَانَ سَبَبُهُ كَيْتَ وَ كَيْتَ، فَاغْتَمَّ 30أَيُّوبُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ ، فَأَخَذَ مِائَةَ شِمْرَاخٍ، فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَخَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَ وَهَبْنٰا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنّٰا وَ ذِكْرىٰ لِأُولِي اَلْأَلْبٰابِ ، قَالَ: فَرَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ اَلْبَلاَءِ، وَ رَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا بَعْدَ مَا أَصَابَهُ اَلْبَلاَءُ، كُلَّهُمْ أَحْيَاهُمُ اَللَّهُ جَمِيعاً فَعَاشُوا مَعَهُ. وَ سُئِلَ 30أَيُّوبُ بَعْدَ مَا عَافَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا مَرَّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: شَمَاتَةُ اَلْأَعْدَاءِ. قَالَ: فَأَمْطَرَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ فِرَاشَ اَلذَّهَبِ، وَ كَانَ يَجْمَعُهُ، فَإِذَا ذَهَبَ اَلرِّيحُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَدَا خَلْفَهُ فَرَدَّهُ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : أَ مَا تَشْبَعُ، يَا 30أَيُّوبُ ؟ قَالَ: وَ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رِزْقِ رَبِّهِ؟».
69110 / _2 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ، قُلْتُ: وُلْدُهُ كَيْفَ أُعْطِيَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؟ قَالَ: «أَحْيَا لَهُ مِنْ وُلْدِهِ اَلَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ مِثْلَ اَلَّذِينَ هَلَكُوا يَوْمَئِذٍ».
69119 / _11 (تُحْفَةِ اَلْإِخْوَانِ): بِحَذْفِ اَلْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِيَّةِ أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اَلَّتِي اُبْتُلِيَهَا فِي اَلدُّنْيَا، لِأَيِّ شَيْءٍ عِلَّتُهُ؟ قَالَ: «لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا، وَ أَدَّى شُكْرَهَا، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلاَّ أَيُّوبُ بْنُ مَوْصِ بْنِ رُعْوِيلَ بْنِ اَلْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، وَ كَانَ أَيُّوبُ رَجُلاً عَاقِلاً، حَلِيماً، نَظِيفاً، حَكِيماً، وَ كَانَ أَبُوهُ رَجُلاً مُثْرِياً كَثِيرَ اَلْمَالِ، يَمْلِكُ اَلْمَاشِيَةَ مِنَ اَلْإِبِلِ، وَ اَلْبَقَرِ، وَ اَلْغَنَمِ، وَ اَلْحَمِيرِ، وَ اَلْبِغَالِ، وَ اَلْخَيْلِ، وَ لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضِ اَلشَّامِ مَنْ كَانَ فِي غِنَائِهِ، فَلَمَّا مَاتَ وَرِثَ ذَلِكَ أَيُّوبُ، وَ كَانَ أَيُّوبُ يَوْمَئِذٍ عُمُرُهُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، فَأَحَبَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ، فَوُصِفَتْ لَهُ رَحْمَةُ بِنْتُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ كَانَتْ رَحْمَةُ عِنْدَ أَبِيهَا بِأَرْضِ مِصْرَ، وَ كَانَ أَبُوهَا شَدِيدَ اَلْفَرَحِ بِهَا، وَ كَانَ يُحِبُّهَا حُبّاً عَظِيماً، لِأَنَّهُ رَأَى فِي اَلْمَنَامِ أَنَّ جَدَّهَا يُوسُفَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) نَزَعَ قَمِيصاً كَانَ عَلَيْهِ فَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ، وَ قَالَ: يَا رَحْمَةُ، هَذَا حُسْنِي وَ جَمَالِي وَ بَهَائِي قَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ. وَ كَانَتْ رَحْمَةُ أَشْبَهَ اَلْخَلْقِ بِيُوسُفَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ كَانَتْ زَاهِدَةً عَابِدَهً، فَلَمَّا سَمِعَ بِهَا أَيُّوبُ رَغِبَ فِيهَا، فَخَرَجَ إِلَى بَلَدِهَا وَ مَعَهُ مَالٌ جَزِيلٌ وَ هَدَايَا، وَ سَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَبِيهَا، فَخَطَبَ مِنْهُ اِبْنَتَهُ رَحْمَةَ، فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا لِزُهْدِهِ وَ مَالِهِ، وَ جَهَّزَهَا إِلَيْهِ، فَحَمَلَهَا أَيُّوبُ إِلَى بِلاَدِهِ، فَرَزَقَهُ اَللَّهُ مِنْهَا اِثْنَيْ عَشَرَ بَطْناً، فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَ أُنْثَى. ثُمَّ بَعَثَهُ اَللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ رَسُولاً، وَ هُمْ أَهْلُ حَوْرَانَ وَ اَلْبَثْنَةِ ، وَ أَعْطَاهُ اَللَّهُ مَنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ وَ اَلرِّفْقَ مَا لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ، وَ لَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ، وَ لاَ يُكْذِبُهُ أَحَدٌ لِشَرَفِهِ وَ شَرَفِ أَبِيهِ، فَشَرَعَ لَهُمْ اَلشَّرَائِعَ، وَ بَنَى لَهُمْ اَلْمَسَاجِدَ، وَ كَانَتْ لَهُ مَوَائِدُ يَضَعُهَا لِلْفُقَرَاءِ وَ اَلْمَسَاكِينِ وَ اَلْأَضْيَافِ يُضِيفُهُمْ وَ يُكْرِمُهُمْ، وَ كَانَ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ اَلرَّحِيمِ، وَ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ اَلْعَطُوفِ، وَ لِلضَّعِيفِ كَالْأَبِ اَلْوَدُودِ، وَ كَانَ قَدْ أَمَرَ وُكَلاَءَهُ وَ أُمَنَاءَهُ أَنْ لاَ يَمْنَعُوا أَحَداً مِنْ زَرْعِهِ وَ أَثْمَارِهِ، وَ كَانَ اَلطَّيْرُ وَ اَلْوُحُوشُ وَ جَمِيعُ اَلْأَنْعَامِ تَرْعَى فِي كَسْبِهِ ، وَ بَرَكَةِ اَللَّهِ تَعَالَى تَزْدَادُ لِأَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) صَبَاحاً وَ مَسَاءً، وَ كَانَتْ جَمِيعُ مَوَاشِيهِ تَحْمِلْ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَوْأَمَيْنِ، وَ لَمْ يَكُنْ أَيُّوبُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَفْرَحُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ يَقُولُ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ وَ سَنَدِي، هَذِهِ اَلدُّنْيَا عَلَى هَذِهِ اَلْحَالَةِ، فَكَيْفَ بِالْآخِرَةِ وَ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي خَلَقْتَهَا لِأَهْلِ كَرَامَتِكَ؟ وَ كَانَ إِذَا جَاءَ اَللَّيْلُ يَجْمَعُ مَنْ يَلُوذُ بِهِ فِي مَسْجِدِهِ، يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، وَ يُسَبِّحُونَ بِتَسْبِيحِهِ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ أَمَرَ بِاتِّخَاذِ اَلطَّعَامِ لَهُمْ، وَ لِجَمِيعِ اَلضُّعَفَاءِ، وَ كَانَ يَذْهَبُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَالٌ لاَ يُحْصَى، وَ كَانَ لَهُ مِنَ اَلْخَيْلِ أَلْفُ فَرَسٍ، وَ أَلْفُ رَمَكَةٍ، وَ أَلْفُ بَغْلٍ وَ بَغْلَةٍ، وَ ثَلاَثَةُ آلاَفِ بَعِيرٍ، وَ أَلْفٌ وَ خَمْسُ مِائَةِ نَاقَةٍ، وَ أَلْفُ ثَوْرٍ، وَ أَلْفُ بَقَرَةٍ، وَ عَشَرَةُ آلاَفِ شَاةٍ، وَ خَمْسُ مِائَةٍ فَدَّانٍ، وَ ثَلاَثُ مِائَةِ أَتَانٍ ، وَ خَلْفَ كُلَّ رَمَكَةٍ مِهْرَانَ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَ كُلَّ نَاقَةٍ فَصِيلٌ، وَ كَذَلِكَ جَمِيعُ مَوَاشِيهِ، وَ عَلَى كُلِّ خَمْسِينَ رَأْساً مِنَ هَذِهِ رَاعٍ مَمْلُوكٌ لِأَيُّوبَ، وَ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ أَهْلٌ وَ وَلَدٌ. وَ كَانَ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ لاَ يَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ أَيُّوبَ إِلاَّ رَآهُ مَخْتُوماً بِخَاتَمِ اَلشُّكْرِ، مُطَهَّراً بِالزَّكَاةِ، فَحَسَدَهُ، وَ لَمْ يَقْدِرْ لَهُ عَلَى ضَرَرٍ، وَ كَانَ إِبْلِيسُ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ يَصْعَدُ إِلَى اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ، وَ يُحْجَبُ مِنْ دُونِ اَلْعَرْشِ، وَ يَقِفُ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنْهَا شَاءَ، حَتَّى رُفِعَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، فَحُجِبَ عَنْ أَرْبَعِ سَمَاوَاتٍ، وَ يَصْعَدُ إِلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا، حَتَّى بُعِثَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَحُجِبَ إِبْلِيسُ عَنْ جَمِيعِهَا، وَ كَانَ يَسْتَرِقُ اَلسَّمْعَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَ مِنْهُ تَعَجَّبَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ، وَ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَنّٰا لَمَسْنَا اَلسَّمٰاءَ فَوَجَدْنٰاهٰا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً* وَ أَنّٰا كُنّٰا نَقْعُدُ مِنْهٰا مَقٰاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ اَلْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهٰاباً رَصَداً . فَصَعِدَ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ فِي زَمَانِ أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى مَا دُونَ اَلْعَرْشِ كَمَا كَانَ يَصْعَدُ، وَ وَقَفَ فِي اَلْمَوْضِعِ اَلَّذِي كَانَ يَقِفُ فِيهِ، وَ فِي قَلْبِهِ مِنَ اَلنَّبِيِّ أَيُّوبُ مَا فِيهِ، وَ اَللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى اَلسِّرِّ وَ اَلْعَلاَنِيَةِ، فَنُودِيَ: يَا مَلْعُونٌ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ: إِلَهِي، طُفْتُ اَلْأَرْضَ لِأَفْتِنَ مَنْ أَطَاعَنِي، فَفَتَنْتُهُمْ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ اَلْمُخْلَصِينَ. فَنُودِيَ: يَا لَعِينُ، مَا فِي قَلْبِكَ مِنْ نِعْمَةِ أَيُّوبَ؟ فَقَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ ذَكَرْتَهُ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَتُكَ. فَنُودِيَ: يَا لَعِينُ، هَلْ نِلْتَ مِنْهُ شَيْئاً مَعَ طُولِ عِبَادَتِهِ، فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغْوِيَهُ عَنْ عِبَادَتِي؟ فَقَالَ: إِلَهِي وَ مَوْلاَيَ، إِنَّ أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ شُكْرَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ، وَ نَظَرْتُ فِي أَمْرِهِ وَ إِذَا هُوَ عَبْدٌ عَافَيْتُهُ فَقَبِلَ عَافِيَتَكَ، وَ رَزَقْتَهُ فَشَكَرَكَ، وَ لَمْ تُجَرِّبْهُ فِي اَلْبَلاَءِ وَ اَلْمَصَائِبِ، فَلَوْ اِبْتَلَيْتَهُ لَوَجَدْتَهُ بِخِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَ لَوْ سَلَّطْنَتِي يَا رَبِّ عَلَى مَالِهِ لَرَأَيْتُهُ كَيْفَ يَنْسَاكَ. فَنُودِيَ: يَا مَلْعُونٌ، قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ كَاذِبٌ فِيمَا تَعْتَقِدُهُ فِيهِ». قَالَ: «فَانْقَضَّ مِنَ اَلسَّمَاوَاتِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى اَلصَّخْرَةِ اَلَّتِي رَضَخَ عَلَيْهَا قَابِيلُ رَأْسَ أَخِيهِ هَابِيلَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ هِيَ صَخْرَةٌ سَوْدَاءُ يَنْبُعُ مِنْهَا صَدِيدُ اَللَّعْنَةِ، فَوَقَفَ إِبْلِيسُ عَلَيْهَا، وَ رَنَّ رَنَّةً حَتَّى اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ اَلْعَفَارِيتُ اَلْمُتَمَرِّدُونَ مِنَ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ، فَقَالُوا: يَا أَبَانَا، وَ مَا وَرَاءَكَ، وَ مَا دَهَاكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي مُكِّنْتُ مِنْ فُرْصَةٍ مَا تَمَكَّنْتُ مِنْ مِثْلِهَا مُنْذُ أَخْرَجْتُ آدَمَ مِنَ اَلْجَنَّةِ، وَ ذَلِكَ أَنِّي سُلِّطْتُ عَلَى مَالِ أَيُّوبَ لِأُفْقِرَهُ، وَ أُعْطِبَ مَالَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَلِّطْنِي عَلَى أَشْجَارِهِ، فَإِنِّي أَتَحَوَّلُ نَاراً، وَ لاَ أَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ إِلاَّ أَحْرَقْتُهُ، وَ صَيَّرْتُهُ رَمَاداً. فَقَالَ إِبْلِيسُ: أَنْتَ لِذَلِكَ. وَ قَالَ آخَرُ: سَلِّطْنِي عَلَى مَوَاشِيهِ حَتَّى أَصِيحَ صَيْحَةً تُخْرِجُ أَرْوَاحَهَا. فَقَالَ أَنْتَ لِذَلِكَ. فَأَقْبَلَ اَلْأَوَّلُ، وَ تَحَوَّلَ نَاراً، حَتَّى أَحْرَقَ تِلْكَ اَلْأَشْجَارَ وَ اَلْآجَامَ. وَ أَقْبَلَ اَلْآخَرُ عَلَى اَلْمَوَاشِي، فَصَاحَ بِهَا صَيْحَةً خَرَجَتْ كُلُّهَا مِيتَةً مَعَ رُعَاتِهَا. فَرَأَى أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ دُخَاناً عَظِيماً، وَ صَيْحَةً عَظِيمَةً، فَفَزِعُوا فَزِعاً شَدِيداً، فَأَقْبَلَ اَللَّعِينُ إِلَى أَيُّوبَ وَ هُوَ فِي صَلاَتِهِ، وَ خَيَّلَ إِلَى أَيُّوبَ أَنَّهُ أَصَابَهُ وَهَجُ ذَلِكَ اَلْحَرِيقِ، وَ قَدِ اِسْوَدَّ وَجْهُهُ، وَ تَمَعَّطَ شَعْرُهُ، وَ هُوَ لَعَنَهُ اَللَّهُ يُنَادِي: يَا أَيُّوبُ، أَدْرِكْنِي، فَأَنَا اَلنَّاجِي مِنْ دُونِ غَيْرِي، فَمَا رَأَيْتُ نَاراً أَقْبَلَتْ مِنَ اَلسَّمَاءِ فِيهَا دُخَانٌ فَأَحْرَقَتْ مَالَكَ يَا أَيُّوبُ وَ أَصَابَتْنِي نَفْحَةٌ مِنْ نَفَحَاتِهَا، وَ سَمِعْتُ مُنَادِياً مِنَ اَلسَّمَاءِ يَقُولُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ كَانَ مُرَائِياً فِي عِبَادَتِهِ، يُرِيدُ بِهَا اَلنَّاسَ دُونَ اَللَّهِ تَعَالَى. وَ قَالَ إِبْلِيسُ: وَ سَمِعْتُ اَلنَّارَ تَقُولُ: أَنَا نَارُ اَلْغَضَبِ، أَنَا نَارُ اَلسَّخَطِ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ أَيُّوبُ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، وَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ تَامَّةً كَامِلَةً، فَقَالَ: يَا هَذَا، لَيْسَتْ هِيَ أَمْوَالِي، وَ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ اَللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ. فَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ: صَدَقْتَ. وَ مَاجَ اَلنَّاسُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مَا قَبَضَهُ قَبْضُ اَلْعُجْبِ. وَ قَالَ آخَرُونَ: مَا كَانَ أَيُّوبُ صَادِقاً فِي تَوْبَتِهِ، فَلِهَذَا جَازَاهُ بِهَذَا اَلْجَزَاءِ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَ لَمْ يُجِبْهُمْ، غَيْرُ أَنَّهُ قَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قَضَائِهِ وَ قَدَرِهِ. فَأَقْبَلَ اَلنَّبِيُّ أَيُّوبُ عَلَى اَللَّعِينِ إِبْلِيسَ، وَ قَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ؟ كَأَنَّكَ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ اَللَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَ سَلَبَ عَنْهُ نِعْمَتَهُ، وَ لَوْ عَلِمَ فِيكَ خَيْراً لَأَخْبَرَنِي بِكَ، وَ لِقَبْضِ رُوحِكَ مَعَ أَرْوَاحِ اَلرُّعَاةِ، وَ لَكِنَّهُ عَلِمَ فِيكَ شَرّاً فَخَلَّصَكَ مِنْهَا كَمَا يُخَلَّصُ اَلزُّوَانُ مِنَ اَلْقَمْحِ، فَسِرْ عَنِّي أَيُّهَا اَلْعَبْدُ مَذْمُوماً مَدْحُوراً. فَقَالَ إِبْلِيسُ: صَدَقَ مَنْ قَالَ: لاَ تَخْدِمُوا اَلْمُتَكَبِّرِينَ. يَا أَيُّوبُ، اَلْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ كُنْتَ مُرَائِياً فِي صَلاَتِكَ، أَ لَمْ أَكُنْ لَكَ عَبْداً شَفِيقاً مِنْ عَبِيدِكَ، أَ لَمْ أَكُنْ حَرِيصاً عَلَى أَمْوَالِكَ، فَمَا جَزَائِي مِنْكَ إِلاَّ أَنْ تُعَيِّرَنِي بِمَا نَالَنِي مِنْ وَهَجِ اَلْحَرِيقِ، دُونَ أَنْ تَقُولَ مَا تَقُولُهُ؟ فَلَمْ يُكَلِّمْ إِبْلِيسَ، وَ أَقْبَلَ أَيُّوبُ عَلَى صَلاَتِهِ. وَ اِنْصَرَفَ عَنْهُ إِبْلِيسُ خَائِباً ذَلِيلاً، وَ صَعِدَ إِلَى اَلسَّمَاءِ كَمَا كَانَ يَصْعَدُ، وَ وَقَفَ كَمَا كَانَ يَقِفُ، فَنُودِيَ: يَا مَلْعُونٌ، كَيْفَ وَجَدْتَ عَبْدِي أَيُّوبَ، كَيْفَ صَبَرَ عَلَى ذَهَابِ أَمْوَالِهِ جَمِيعاً، مِنَ اَلْمَوَاشِي، وَ اَلْعَبِيدِ، وَ غَيْرِهَا، وَ كَيْفَ حَمِدَنِي عَلَى اَلْبَلِيَّةِ؟ فَقَالَ اَللَّعِينُ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي، إِنَّكَ مَتَّعْتَهُ بِعَافِيَةِ أَوْلاَدِهِ، وَ زَخَارِفِ دُورِهِ، وَ لَوْ سَلَّطْتَنِي عَلَى دُنْيَاهُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً. فَنُودِيَ: يَا مَلْعُونٌ، اِذْهَبْ، فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى أَوْلاَدِهِ». قَالَ: فَانْقَضَّ عَدُوُّ اَللَّهِ إِلَى قَصْرِ أَيُّوبَ اَلَّذِي فِيهِ أَوْلاَدُهُ، فَأَمَّا اَلْبَنُونَ: فَحَزْقَلُ، وَ هُوَ أَكْبَرُهُمْ، وَ مُقْبِلٌ، وَ رُشْدٌ، وَ رُشَيْدٌ، وَ بِهَارُونُ، وَ بَشِيرٌ، وَ أَقْرُونُ، وَ اَلْبَاقِي مِنَ اَلذُّكُورِ، لَمْ نَجِدْ لَهُمْ أَسْمَاءَ فِي اَلْكُتُبِ وَ اَلْقِصَصِ. وَ أَمَّا اَلْبَنَاتُ: فَمَرْجَانَةُ ، وَ عُبَيْدَةُ، وَ صَالِحَةٌ، وَ عَافِيَةُ، وَ تَقِيَّةُ ، وَ مُؤْمِنَةُ. قَالَ: «فَزَلْزَلَ عَلَيْهِمْ اَلْقَصْرَ بِنَفَسِهِ حَتَّى سَقَطَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَ جَعَلَ يَشُدُّ أَفْوَاهَهُمْ بِالْخَشَبِ، وَ اَلْخِرَقِ، وَ يَقْذِفُهُمْ بِالْجَنْدَلِ، حَتَّى مَثَّلَ بِهِمْ أَقْبَحَ مُثْلَةٍ، وَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى اَلْأَرْضِ: أَنِ اِحْفَظِي أَوْلاَدَ اَلنَّبِيِّ أَيُّوبَ، فَإِنِّي بَالِغُ مَشِيْئَتِي فِيهِمْ، وَ لَأْجِزَيَنَّهُمْ بِذَلِكَ اَلثَّوَابَ. فَأَقْبَلَ إِبْلِيسُ إِلَى أَيُّوبَ، وَ قَالَ: يَا أَيُّوبُ، لَوْ رَأَيْتَ قُصُورَكَ وَ أَوْلاَدَكَ كَيْفَ صَارُوا، وَ لَقَدْ صَارَتْ قُصُورُهُمْ لَهُمْ قُبُوراً، وَ طِيْنُهَا صَارَ لَهُمْ حَنُوطاً، وَ ثِيَابُهُمْ وَ فُرُشُهُمْ صَارَتْ لَهُمْ أَكْفَاناً، وَ لَوْ أَبْصَرْتَ كَيْفَ تَغَيَّرَتْ تِلْكَ اَلْوُجُوهُ اَلْحِسَانُ بِالدِّمَاءِ وَ اَلتُّرَابِ، وَ اَلْعِظَامُ كَيْفَ تَهَشَّمَتْ، وَ اَللُّحُومُ كَيْفَ رُصِعَتْ ، وَ اَلْجُلُودُ كَيْفَ تَمَزَّقَتْ. وَ لَمْ يَزَلْ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ يَعُدُّ عَلَيْهِ مِثْلَ هَذَا بِافْتِجَاعٍ وَ اِنْكِسَارٍ وَ اِنْتِحَابٍ حَتَّى بَكَى أَيُّوبُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ سَاعَدَهُ إِبْلِيسُ عَلَى اَلْبُكَاءِ، فَنَدِمَ أَيُّوبُ عَلَى بُكَائِهِ، وَ أَخَذَ قَبْضَةً مِنَ اَلتُّرَابِ، وَ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ، وَ اِسْتَغْفَرَ اَللَّهَ تَعَالَى، وَ خَرَّ سَاجِداً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى إِبْلِيسَ، وَ قَالَ لَهُ: يَا مَلْعُونٌ، اِنْصَرِفْ عَنِّي خَائِباً ذَلِيلاً مَدْحُوراً، فَإِنَّ أَوْلاَدِي كَانُوا عَارِيَّةً لِلَّهِ تَعَالَى عِنْدِي، وَ لاَ بُدَّ مِنَّ اَللَّحَاقِ بِهِمْ». قَالَ: «فَانْصَرَفَ إِبْلِيسُ وَ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ، وَ صَعِدَ إِلَى اَلسَّمَاءِ كَمَا كَانَ يَصْعَدُ، وَ وَقَفَ كَمَا كَانَ يَقِفُ، فَأَتَاهُ اَلنِّدَاءُ: يَا مَلْعُونٌ، كَيْفَ رَأَيْتَ عَبْدِي أَيُّوبَ وَ تَوْبَتَهُ وَ اِسْتِغْفَارَهُ بَعْدَ بُكَائِهِ؟ فَقَالَ إِبْلِيسُ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي، إِنَّكَ مَتَّعْتَهُ بِعَافِيَةِ نَفْسِهِ، وَ فِيهَا عِوَضٌ عَنِ اَلْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ، فَلَوْ سَلَّطْنَتِي عَلَى بَدَنِهِ لَرَأَيْتَهُ كَيْفَ يَنْسَى ذِكْرَكَ، وَ يَتْرُكُ شُكْرَكَ. فَنُودِيَ: يَا لَعِينُ، اِذْهَبْ، فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى بَدَنِهِ، مَا خَلاَ: عَيْنَيْهِ ، وَ عَقْلَهُ، وَ لِسَانَهُ اَلَّذِي لاَ يَفْتُرُ عَنِ ذِكْرِي، وَ أُذُنَيْهِ». قَالَ: «فَانْقَضَّ إِلَيْهِ اَللَّعِينُ، فَوَجَدَ أَيُّوبَ فِي مَسْجِدِهِ مُتَضَرِّعاً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعِ اَلثَّنَاءِ، دَاعِياً إِلَيْهِ بِأَعْظَمِ اَلدُّعَاءِ، وَ يَشْكُرُهُ عَلَى جَمِيعِ اَلنَّعْمَاءِ، وَ يَحْمَدُهُ عَلَى جَمِيعِ اَلْبَلاَءِ، وَ هُوَ يَقُولُ: وَ عِزَّتِكَ وَ جَلاَلِكَ، لاَ اِزْدَدْتُ عَلَى بَلاَئِكَ إِلاَّ شُكْراً، وَ لَوْ أَلْبَسْتَنِي ثَوْبَ اَلْبَلاَءِ سَرْمَداً لاَ اِزْدَدْتُ عَلَى بَلاَئِكَ إِلاَّ صَبْراً. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِيسُ اِغْتَاظَ مِنْ قَوْلِهِ، وَ عَجَّلَ، وَ لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ اَلسُّجُودِ، فَانْحَدَرَ فِي اَلْأَرْضِ حَتَّى صَارَ تَحْتَ أَنْفِهِ، ثُمَّ نَفَخَ فِي فِيهِ وَ مَنْخِرَيْهِ نَارَ اَللَّهَبِ، فَاسْوَدَّ وَجْهُ أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي اَلْحَالِ، فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ، فَتَمَعَّطَ مِنْهَا شَعْرُهُ، فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّانِي وَرِمَ، وَ عَظُمَ، وَ فِي اَلثَّالِثِ اِسْوَدَّ، وَ فِي اَلرَّابِعِ اِمْتَلَأَ مَاءً أَصْفَرَ، وَ فِي اَلْخَامِسِ صَارَ قَيْحاً، وَ فِي اَلسَّادِسَ وَقَعَ فِيهِ اَلدُّودُ، وَ سَالَ صَدِيدُهُ، وَ وَقَعَ فِيهِ اَلْحِكَاكُ ، فَحَكَّ جَسَدَهُ شَهْرَيْنِ حَتَّى سَقَطَتْ أَظَافِيرُهُ، ثُمَّ حَكَّ بِالْمُسُوحِ وَ اَلْخِرَقِ، وَ بِالْحِجَارَةِ اَلْخَشِنَةِ، وَ كَانَ إِذَا رَأَى دُودَةً سَقَطَتْ مِنْ بَدَنِهِ رَدَّهَا بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعِهَا، وَ يَقُولُ لَهَا: كُلِي مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي حَتَّى يَأْتِيَ اَللَّهُ بِالْفَرَجِ. فَقَالَتْ رَحْمَةُ: يَا أَيُّوبُ، ذَهَبَ اَلْمَالُ وَ اَلْوَلَدُ، وَ قَدْ بَدَأَ اَلضُّرُّ فِي اَلْجَسَدِ. فَقَالَ أَيُّوبُ: يَا رَحْمَةُ، إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى اِبْتَلَى اَلنَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي فَصَبَرُوا، وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ اَلصَّابِرِينَ خَيْراً. ثُمَّ خَرَّ أَيُّوبُ سَاجِداً، وَ جَعَلَ يَقُولُ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي، لَوْ جَعَلْتَ عَلَيَّ ثَوْبَ اَلْبَلاَءِ سَرْمَداً، وَ حَرَمْتَنِي اَلْعَافِيَةَ، وَ مَزَّقَتْنِي اَلدِّيدَانُ، مَا اِزْدَدْتُ إِلاَّ شُكْراً، إِلَهِي لاَ تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي إِبْلِيسَ اَللَّعِينَ». قَالَ: «وَ كَانَتْ رَحْمَةُ تَبْكِي مَرَّةً، وَ تَصْرُخُ أُخْرَى لِمَا تَرَى مِنْ بَلاَءِ أَيُّوبَ، وَ هُوَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَنْهَاهَا عَنْ ذَلِكَ، وَ يَقُولُ لَهَا: أَ لَسْتِ أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي نَبِيُّ اَللَّهِ، وَ أَنَّ لِي أُسْوَةً بِالنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ آبَائِكَ: إِبْرَاهِيمَ، وَ إِسْمَاعِيلَ، وَ إِسْحَاقَ، وَ يَعْقُوبَ، وَ يُوسُفَ؟ ثُمَّ سَأَلَ اَللَّهَ تَعَالَى لَهَا اَلصَّبْرَ عَلَى مَا تُشَاهِدُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَيُّوبُ: اِنْطَلِقِي اِلْتَمِسِي لِي مَوْضِعاً غَيْرَ مَسْجِدِي فَاحْمِلِينِي إِلَيْهِ. فَمَضَتْ رَحْمَةُ، وَ نَظَرَتْ لَهُ مَوْضِعاً، ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ فَاحْتَمَلَتْهُ إِلَى فَضَاءٍ مِنَ اَلْأَرْضِ، وَ كَانَ قَدْ قَالَ لَهَا: إِنِّي لاَ أُحِبُّ أَنْ يَتَلَوَّثَ اَلْمَسْجِدُ. ثُمَّ اِنْطَلَقَتْ إِلَى قَوْمٍ كَانَ أَيُّوبُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَبَرُّهُمْ وَ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ كَثِيراً، فَلَمَّا اِلْتَمَسَتْ لَهُ مَوْضِعاً، طَلَبَتْهُمْ أَنْ يُعِينُوهَا عَلَى إِخْرَاجِ أَيُّوبَ مِنَ اَلْمَسْجِدِ. فَقَالُوا لَهَا: إِنْ أَيُّوبَ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ رَبُّهُ وَ هَتَكَ سِتْرَهُ لِمَا كَانَ فِعْلُهُ مِنْ اَلرِّيَاءِ، فَيَا لَيْتَ كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ بُعْدَ اَلْمَشْرِقَيْنِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، مَا اِبْتَلاَهُ. فَرَجَعَتْ رَحْمَةُ إِلَى أَيُّوبَ، وَ قَالَتْ لَهُ: يَا أَيُّوبُ، جَلَّتِ اَلْمُصِيبَةُ، خَابَ أَمَلُنَا مِنْ أَهْلِ اَلْمَعَارِفِ وَ أَهْلِ اَلاِصْطِنَاعِ. فَقَالَ لَهَا: يَا رَحْمَةُ، هَكَذَا يَكُونُونَ أَهْلُ اَلْبَلاَءِ، وَ لَكِنْ تَقَدَّمِي إِلَيَّ، وَ قُولِي: لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ، وَ أَدْخِلِي يَدَكِ اَلْيُمْنَى تَحْتَ رَأْسِي، وَ يَدَكِ اَلْيُسْرَى تَحْتَ رِجْلَيَّ، وَ اِحْمِلِينِي. فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، وَ اِحْتَمَلَتْهُ بِقُوَّةِ اَللَّهِ تَعَالَى حَتَّى أَخْرَجَتْهُ إِلَى اَلْفَضَاءِ، وَ هُوَ اَلْمَوْضِعُ اَلَّذِي يُوضَعُ فِيهِ اَلْمَوَائِدُ مِنْ أَيُّوبَ لِلضُّعَفَاءِ وَ اَلْمَسَاكِينِ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَحْمَةُ، إِنَّ اَلصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَيْنَا، وَ لاَ تَحِلُّ لَنَا، فَاحْتَالَيْ فِي اَلْخِدْمَةِ. فَأَسْبَلَ دَمْعَتَهُ. فَقَالَتْ رَحْمَةُ: مَا يُبْكِيكَ، يَا نَبِيَّ اَللَّهِ؟ فَقَالَ لَهَا: يَا رَحْمَةُ، أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ مِنْ نَسْلِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ أَنْتِ اِمْرَأَةٌ عَظِيمَةُ اَلْحُسْنِ وَ اَلْجَمَالُ، وَ مَا أُعْطِيَ اَلْحُسْنَ وَ اَلْجَمَالَ فِي زَمَانِكَ إِلاَّ جَدُّكَ يُوسُفُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ إِنَّ فِي اَلْقَرْيَةِ فُسَّاقٌ كَثِيرَةٌ، وَ أَنْتِ تَخْدُمِينَ، وَ أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ مَكَائِدِ إِبْلِيسَ اَللَّعِينَ. فَبَكَتْ رَحْمَةُ، وَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، مَا جَزَائِي مِنْكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّهِمَنِي وَ تَنْسُبَنِي إِلَى ذَلِكَ، وَ أَنَا مِنْ بَنَاتِ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ اَلطَّاهِرِينَ؟! وَ حَقِّ آبَائِي وَ أَجْدَادِي مَا مِلْتُ بِعَيْنِي إِلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَذِنَ لَهَا أَيُّوبُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِالْخِدْمَةِ. وَ كَانَتْ تَخْدُمُ أَهْلَ اَلْبَثْنَةِ فِي سَقْيِ اَلْمَاءِ، وَ كَنْسِ اَلْبُيُوتِ، وَ إِخْرَاجِ اَلْمَزَابِلِ، وَ غَسْلِ اَلثِّيَابِ وَ اَلْخِرَقِ، وَ يُعْطُونَهَا اَلْأُجْرَةَ وَ تُنْفِقُهَا عَلَى أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي طَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ، فَأَقْبَلَ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ، فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ تَطِيبُ أَنْفُسُكُمْ بِامْرَأَةٍ تُعَالِجُ مِنْ زَوْجِهَا اَلْقَيْحَ، وَ اَلصَّدِيدَ، وَ نَتَنَ اَلرَّائِحَةِ، ثُمَّ تَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ وَ تُدْخِلُ يَدَيْهَا فِي أَوْعِيَتِكُمْ، وَ طَعَامِكُمْ، وَ شَرَابِكُمْ؟ قَالَ: فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَ لَمْ يَتْرُكُوا رَحْمَةَ أَنْ تَدْخُلَ بُيُوتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ. فَكَرِهَتْ رَحْمَةُ أَنْ تُخْبِرَ أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِذَلِكَ حَتَّى لاَ يَزْدَادَ حُزْناً عَلَى حُزْنِهِ، وَ كَانَ اَلْقَوْمُ لاَ يَسْتَخْدِمُونَهَا، وَ كَانُوا يُعْطُونَهَا اَلشَّيْءَ فَتُطْعِمُهُ ذَلِكَ، وَ لاَ تُخْبِرُهُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا». قَالَ: «فَاشْتَدَّ بِأَيُّوبَ اَلْبَلاَءُ وَ نَتْنُ رَائِحَتِهِ، حَتَّى لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي بَيْتِهِ لِشِدَّةِ نَتْنِ اَلرَّائِحَةِ، وَ لَمْ يَدْرُوا مَا يَصْنَعُونَ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُرْسِلُوا عَلَيْهِ كِلاَباً لِتَأْكُلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَحْمَةَ، فَجَاءَتْ إِلَى أَيُّوبَ فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا: يَا رَحْمَةُ، لَمْ يَكُنِ اَللَّهُ تَعَالَى بِالَّذِي يُسَلِّطُ عَلَيَّ اَلْكِلاَبَ وَ أَنَا نَبِيُّهُ وَ اِبْنُ أَنْبِيَائِهِ. قَالَ: فَجَمَعَ أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ كِلاَبَ اَلرُّعَاةِ، فَأَرْسَلُوهَا عَلَى أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ تَعْدُو، فَلَمَّا تَقَارَبَتْ مِنْهُ رَجَعَتْ إِلَى خَلْفِهَا، فَهَرَبَتِ اَلْكِلاَبُ عَنِ اَلْبِلاَدِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ اَلْقَرْيَةِ كَلْبٌ وَاحِدٌ. وَ كَانَ اَلْقَوْمُ يَأْتُونَ أَيُّوبَ، وَ يَقُولُونَ لَهُ: لاَ صَبْرَ لَنَا عَلَى بَلِيَّتِكَ، إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ عَنَّا وَ إِلاَّ رَجَمْنَاكَ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ فَنَسْتَرِيحُ مِنْكَ. فَقَالَ لَهُمْ أَيُّوبَ: لاَ تَرْجُمُونِي بِالْحِجَارَةِ، وَ لَكِنْ أَخْرِجُونِي مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِلَى بَعْضِ مَزَابِلِكُمْ، فَإِنِّي أَرْجُو مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى أَنْ لاَ يُضِيعَنِي. فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نَسْتَقْذِرُكَ وَ أَنْتَ بَعِيدٌ عَنَّا، فَكَيْفَ نَدْنُو مِنْكَ وَ نَحْمِلُكَ؟ ثُمَّ اِنْصَرَفُوا عَنْهُ. فَقَالَ أَيُّوبُ لِرَحْمَةَ: أَيَّتُهَا اَلصِّدِّيقَةُ اَلطَّاهِرَةُ اَلْبَارَّةُ، قَدْ عَرَفْتِ أَنَّ هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمَ قَدْ بَغَضُونِي وَ مَلُّونِي، فَقِفِي عَلَى مَفْرِقِ اَلطَّرِيقِ، فَلَعَلَّكِ أَنْ تَقِفِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ اَلنَّاسِ فَتُخْبِرِينَهُ بِقِصَّتِي، وَ تَسْأَلِيهِ أَنْ يُعِينَكِ عَلَى حَمْلِي مِنْ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ. فَقَالَتْ رَحْمَةُ: لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى بَلَدِ كَذَا وَ كَذَا وَ أَتَّخِذَ لَكَ هُنَاكَ عَرِيشاً. ثُمَّ وَقَفَتْ عَلَى اَلطَّرِيقِ تَنْظُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهَا، وَ إِذَا هِيَ بِرَجُلَيْنِ كَأَنَّهُمَا قَمَرَيْنِ، تَفُوحُ مِنْهُمَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَتَوَسَّمَتْ فِيهِمَا اَلْخَيْرَ، وَ اِسْتَحْيَتْ أَنْ تَسْأَلَهُمَا عَنْ حَاجَتِهَا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهَا قَالاَ لَهَا: وَ أَيْنَ أَيُّوبُ خَلِيلُنَا وَ صَدِيقُنَا، وَ كَيْفَ هُوَ عَلَى بَلاَئِهِ؟ فَأَخْبَرَتْهُمَا بِحَالِهِ، وَ ضَجَرِ أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ مِنْهُ، وَ كَيْفَ سَوَّتْ لَهُ اَلْعَرِيشَ عَلَى اَلْمَزْبَلَةِ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا: إِنَّ لِي إِلَيْكُمَا حَاجَةً، وَ هِيَ دَعْوَةٌ مِنْكُمَا لَهُ بِالْعَافِيَةِ. فَقَالاَ لَهَا: نَعَمْ، فَإِذَا رَجَعْتِ إِلَيْهِ فَأَقْرِئِيهِ مِنَّا اَلسَّلاَمَ. ثُمَّ إِنَّهُمَا مَضَيَا، فَانْصَرَفَتْ رَحْمَةُ إِلَى أَيُّوبَ، وَ أَخْبَرَتْهُ بِحَدِيثِ اَلرَّجُلَيْنِ وَ مَا كَانَ مِنْهُمَا، فَصَاحَ أَيُّوبُ صَيْحَةً، وَ قَالَ: وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا جَبْرَئِيلُ، وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا مِيكَائِيلُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَحْمَةُ، وَ مَنْ مِثْلُكِ اَلْآنَ وَ قَدِ كَلَّمَتْكِ اَلْمَلاَئِكَةُ. فَقَالَتْ لَهُ رَحْمَةُ: قَدْ هَيَّأْتُ لَكَ اَلْعَرِيشَ، وَ لَكِنْ اِصْبِرْ حَتَّى أَقِفَ عَلَى قَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ لَعَلَّ أَحَداً يَمُرُّ بِي فَيُسَاعِدَنِي عَلَى حَمْلِكَ. ثُمَّ مَضَتْ وَ وَقَفْتَ عَلَى قَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ، وَ إِذَا هِيَ بِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، فَسَأَلُوهَا، وَ قَالُوا لَهَا: أَيَّتُهَا اَلْمَرْأَةُ، أَ لَكِ حَاجَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَ هِيَ أَنْ تُعِينُونِي عَلَى حَمْلِ نَبِيَّ اَللَّهِ أَيُّوبَ إِلَى مَزْبَلَةِ كَذَا وَ كَذَا. فَأَقْبَلُوا حَتَّى وَقَفُوا عَلَى أَيُّوبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ صَبَّرُوهُ عَلَى بَلاَئِهِ، وَ دَعَوْا لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَ اِحْتَمَلُوهُ بِأَطْرَافِ اَلنِّطْعِ، وَ وَضَعُوهُ عَلَى بَابِ اَلْعَرِيشِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. وَ كَانَتْ رَحْمَةُ قَدْ جَمَعَتْ فِي اَلْعَرِيشِ تُرَاباً كَثِيراً، وَ اِتَّخَذَتْ مَنَصَّةً مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: قُمْ يَا أَيُّوبُ إِلَى فِرَاشِكَ اَلتُّرَابِ مِنْ بَعْدِ اَلْفُرُشِ اَلْمُمَهَّدَةِ، وَ وِسَادِكَ اَلْحِجَارَةِ مِنْ بَعْدِ اَلْوَسَائِدِ اَلْمُنَضَّدَةِ. فَقَالَ لَهَا أَيُّوبُ: أَ لَمْ أَنْهَكِ عَنْ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ نَعِيمِ اَلدُّنْيَا؟ فَزَحَفَ أَيُّوبُ، وَ أَلْقَى بِنَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ اَلرَّمَادِ، وَ هُوَ يُسَبِّحُ اَللَّهَ اَلْعَلِيَّ اَلْأَعْلَى، وَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اَلْعَزِيزِ اَلْأَدْنَى، سُبْحَانَ اَلرَّفِيعِ اَلْأَعْلَى، سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى. ثُمَّ عَمَدَتْ رَحْمَةُ إِلَى كِسَاءٍ كَانَ عِنْدَهَا فَجَعَلَتْهُ غِطَاءً، وَ سَتَرَتْ بَابَ اَلْعَرِيشِ، وَ كَانَتْ تَصْدَعُ بِخِدْمَتِهِ، وَ تَأْتِيهِ بِمَا تَجِدُهُ. وَ مَضَتْ تَطْلُبُ لَهُ شَيْئاً مِنَ اَلطَّعَامِ لِتَأْتِيَهُ بِهِ، فَأَقْبَلَتْ إِلَى بَابِ دَارٍ فَسَأَلَتْهُمْ، فَقَالَتْ لَهَا اِمْرَأَةٌ مِنْ دَاخِلِ اَلدَّارِ: إِلَيْكِ عَنَّا، فَإِنَّ رَبَّ أَيُّوبَ قَدْ سَخِطَ عَلَيْهِ. وَ سَارَتْ إِلَى بَابٍ آخَرَ، وَ قَالُوا لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى دَارَتِ اَلْقَرْيَةَ وَ لَمْ يُعْطُوهَا شَيْئاً، فَرَجَعَتْ بَاكِيَةً إِلَى أَيُّوبَ، وَ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ اَلْقَوْمَ طَرَدُونِي، وَ أَغْلَقُوا اَلْأَبْوَابَ مِنْ دُونِي. فَقَالَ لَهَا أَيُّوبُ: لاَ بَأْسَ عَلَيْكِ يَا رَحْمَةُ إِنْ أَغْلَقُوا أَبْوَابَهُمْ دُونَنَا، فَإِنَّ اَللَّهَ لاَ يُغْلِقُ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ دُونَنَا، وَ لَكِنْ يَا رَحْمَةُ لَعَلَّكِ مَلَلْتِنِي، وَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ فِرَاقِي؟ فَقَالَتْ رَحْمَةُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَ أَيُّ عُذْرٍ يَكُونُ لِي عِنْدَ اَللَّهِ عَلَى فِرَاقِ نَبِيِّهِ؟ حَاشَا، وَ كَلاَّ، وَ لَكِنْ أَحْمِلُكَ مِنْ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى لَعَلَّهُمْ يَكُونُونَ أَرْحَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ». قَالَ: «فَأَخَذَتْهُ رَحْمَةُ عَلَى اَلنَّطْعِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ مِنَ اَلْوَجَعِ، فَجَاءَتْهُ بِمَاءٍ، فَرَشَّتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى أَفَاقَ، فَغَطَّتْهُ بِذَلِكَ اَلْكِسَاءِ، وَ جَسَدُ أَيُّوبَ كَأَنَّمَا اِنْسَلَخَ سَلْخاً، ثُمَّ حَمَلَتْهُ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَوْرَانَ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ إِلَى جَانِبِ اَلْقَرْيَةِ، فَرَفَعَتْ يَدَهَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ دَعَتِ اَللَّهَ أَنْ يَحْفَظَهُ مِنَ اَلسِّبَاعِ وَ غَيْرِهَا، فَدَخَلَتِ اَلْقَرْيَةَ، وَ قَالَتْ: أَلاَ مَنْ أَرَادَ غَسْلَ ثِيَابٍ، أَوْ خِرَقٍ، أَوْ كَنْسَ دَارٍ، أَوْ حَمْلَ تُرَابٍ إِلَى مَزْبَلَةٍ، أَوْ اِسْتِسْقَاءَ مَاءٍ بِشَيْءٍ مِنَ اَلطَّعَامِ أَحْمِلُهُ إِلَى نَبِيِّ اَللَّهِ أَيُّوبَ. فَخَرَجْنَ إِلَيْهَا نِسَاءُ اَلْقَرْيَةِ، وَ قَالَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ: هَذِهِ غُولَةٌ قَدْ دَخَلَتْ قَرْيَتَنَا. فَقَالَتْ لَهَا رَحْمَةُ: لِمَ تَقُولِينَ هَذَا اَلْكَلاَمَ، وَ أَنَا رَحْمَةُ بِنْتِ أَفْرَائِيمَ نَبِيِّ اَللَّهِ بْنِ يُوسُفَ صِدِّيقِ اَللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ إِسْرَائِيلِ اَللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ صَفِيِّ اَللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، زَوْجَةُ أَيُّوبَ اَلْمُبْتَلَى نَبِيِّ اَللَّهِ! فَقُلْنَ لَهَا: وَ أَيْنَ أَيُّوبَ؟ قَالَتْ: هَا هُوَ عَلَى بَابِ اَلْقَرْيَةِ، إِلَى جَنْبِ كَنَائِسِكُمْ وَ مَزَابِلِكُمْ. فَأَقْبَلْنَ إِلَى أَيُّوبَ، فَلَمَّا رَأَيْنَ مَا عَلَيْهِ مِنَ اَلْبَلاَءِ بَكَيْنَ أَشَدَّ اَلْبُكَاءِ، ثُمَّ قُلْنَ: هَذَا أَيُّوبُ اَلنَّبِيُّ صَاحِبُ اَلْإِمَاءِ وَ اَلْعَبِيدِ وَ اَلْمَوَاشِي؟ فَبَكَى أَيُّوبُ وَ رَحْمَةُ بُكَاءً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَيُّوبُ عَبْدً رَبِّي وَ رَسُولُهُ، أَنَا اَلْجَائِعُ اَلَّذِي لاَ أَشْبَعُ إِلاَّ مِنْ ذِكْرِهِ، وَ أَنَا اَلْعَطْشَانُ اَلَّذِي لاَ أَرْوَى إِلاَّ مِنْ تَسْبِيحِهِ. قَالَ: فَبَكَيْنَ، وَ بَكَتْ رَحْمَةُ مَعَهُنَّ، وَ قَالَتْ لَهُنَّ: لِي إِلَيْكُنَّ حَاجَةٌ، وَ هِيَ أَنْ تُعْطُونِي فَأْساً أَقْطَعُ بِهَا أَشْجَاراً لِأَتَّخِذَ لِأَيُّوبَ عَرِيشاً يَكُنُّهُ مِنَ اَلْحَرِّ وَ اَلْبَرْدِ، فَأَعْمَلَ لَهُ طَعَاماً. فَأَتَوْهَا بِجَمِيعِ ذَلِكَ، فَعَمَدَتْ إِلَى مِطْهَرَةٍ مَعَهَا مِنْ خَزَفٍ، وَ بَلَّتْ ذَلِكَ اَلْخُبْزَ فِي تِلْكَ اَلْمِطْهَرَةِ، ثُمَّ مَرَسَتْهُ بِيَدِهَا فَأَطْعَمَتْهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ أَسْنَانَهُ قَدْ تَسَاقَطَتْ، ثُمَّ قَطَعَتْ أَعْوَادا وَ ظَلَّلَتْ بِهَا عَلَى رَأْسِ أَيُّوبَ مِثْلَ اَلْعَرِيشِ، ثُمَّ دَخَلَتْ اَلْقَرْيَةَ، فَقَرَّبُوهَا، وَ أَكْرَمُوهَا، فَعَمِلَتْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ بُيُوتٍ، وَ اِتَّخَذَتْ عَشْرَةَ أَقْرَاصٍ. فَلَمَّا رَجَعَتْ أَخْبَرَتْ أَيُّوبَ بِذَلِكَ، وَ قَالَتْ: أَصَبْتُ اَلْيَوْمَ طَعَاماً كَثِيراً، مِنْ رِزْقِ رَبِّي، فَأَقْعُدُ عِنْدَكَ، فَإِنِّي لاَ أُفَارِقُكَ حَتَّى يَفْرُغَ هَذَا اَلطَّعَامُ: فَقَالَ لَهَا أَيُّوبُ: جَزَاكِ اَللَّهُ خَيْراً يَا رَحْمَةُ فَأَنْتَ مِنْ بَنَاتِ اَلنَّبِيِّينَ، فَقَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَ لاَ يُخَيِّبُ عَبْداً شَكَرَهُ، وَ لاَ يُضِيعُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، لَهُ اَلْحُكْمُ، وَ إِلَيْهِ يَرْجِعُ اَلْأَمْرُ كُلَّهُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَأَقْبَلَ نِسَاءُ أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ، فَقَعَدْنَ ذَاتَ يَوْمٍ بِقُرْبِ عَرِيشِ أَيُّوبَ، فَشَمِمْنَ رَائِحَتَهُ، فَانْصَرَفْنَ مُسْرِعَاتٍ إِلَى بُيُوتِهِنَّ، وَ أَغْلَقْنَ اَلْأَبْوَابَ عَنْ رَحْمَةَ، وَ قُلْنَ لِرَحْمَةَ: لاَ تَدْخُلِي بُيُوتَنَا، وَ لَكِنْ نُوَاسِيكِ فِي طَعَامِنَا. فَرَضِيَتْ رَحْمَةُ بِذَلِكَ. فَبَيْنَمَا رَحْمَةُ ذَاتَ يَوْمٍ رَاجِعَةٌ مِنَ اَلْقَرْيَةِ إِلَى أَيُّوبَ، وَ إِذَا هِيَ بِإِبْلِيسُ اَللَّعِينُ قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي صُورَةِ طَبِيبٍ، وَ مَعَهُ آلَةُ اَلطِّبِّ، وَ قَالَ لِرَحْمَةَ: إِنِّي أَقْبَلْتُ مِنْ فِلَسْطِينَ حِينَ سَمِعْتُ بِخَبَرِ زَوْجَكِ أَيُّوبَ، جِئْتُ لِأُدَاوِيَهُ، وَ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ غَداً، فَأَخْبِرِيهِ بِقِصَّتِي، وَ قُولِي لَهُ يَأْخُذْ عُصْفُوراً فَيَذْبَحُهُ، وَ لاَ يَذْكُرِ اِسْمَ اَللَّهِ عَلَيْهِ، وَ يَأْكُلْهُ، وَ يَشْرَبْ عَلَيْهِ قَدَحاً مِنْ خَمْرٍ، وَ يَطْلِي نَفْسَهُ بِالدَّمِ، فَإِنَّ فَرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَجَاءَتْ رَحْمَةُ إِلَى أَيُّوبَ فَرْحَانَةً، فَأَعْلَمَتْهُ بِذَلِكَ، فَبَانَ اَلْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهَا: مَتَى رَأَيْتِ أَنِّي [أَشْرَبُ اَلْخَمْرَ وَ] آكُلُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اَللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَ أَطْلِي نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ اَلدَّمِ. يَا رَحْمَةُ، بِالْأَمْسِ كُنْتِ رَسُولَةً مِنْ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ، وَ أَنْتِ اَلْيَوْمَ رَسُولَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ اَللَّعِينِ؟! فَعَلِمَتْ أَنَّهَا أَخْطَأَتْ، فَاعْتَذَرَتْ إِلَيْهِ وَ لَمْ تَزَلْ تَتَلَطَّفُ بِهِ حَتَّى رَضِيَ عَنْهَا، وَ حَذَّرَهَا أَنْ لاَ تَعُودَ إِلَى مِثْلِهَا». قَالَ: «فَبَيْنَمَا هِيَ ذَاتَ يَوْمٍ رَاجِعَةٌ مِنَ اَلْقَرْيَةِ إِلَى أَيُّوبَ، وَ مَعَهَا شَيْءٌ مِنَ اَلطَّعَامِ، فَاعْتَرَضَ لَهَا إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ بَهِيِّ اَلصُّورَةِ، حَسَنِ اَلْوَجْهِ، عَلَى حِمَارٍ أَحْمَرَ، فَقَالَ اَللَّعِينُ لَهَا: كَأَنِّي أَعْرِفُكِ، أَ لَسْتِ رَحْمَةَ بِنْتَ أَفْرَائِيمَ نَبِيِّ اَللَّهِ، وَ زَوْجَةَ اَلْمُبْتَلَى أَيُّوبَ نَبِيِّ اَللَّهِ؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ اَللَّعِينُ لَهَا: إِنِّي أَعْرِفُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَهْلُ غِنَاءٍ وَ ثَرْوَةٍ، فَمَا اَلَّذِي غَيَّرَ حَالَكُمْ؟ فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا بُلِينَا بِذَهَابِ اَلْمَالِ جَمِيعِهِ، وَ اَلْوَلَدِ، ثُمَّ اَلْبَلاَءِ اَلْأَعْظَمِ مَا نَزَلَ بِصَاحِبِي أَيُّوبَ، فَقَالَ لَهَا اَلْمَلْعُونُ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَصَابَتْكُمْ هَذِهِ اَلْمَصَائِبُ؟ قَالَتْ: لِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُجَرِّبُ صَبْرَنَا عَلَى بَلاَئِهِ. قَالَ اَللَّعِينُ: بِئْسَمَا قُلْتَ، وَ لَكِنَّ إِلَهَ اَلسَّمَاءِ هُوَ اَللَّهُ، وَ إِلَهَ اَلْأَرْضِ أَنَا، فَأَرَدْتُكُمْ لِنَفْسِي، فَعَبَدْتُمْ إِلَهَ اَلسَّمَاءِ وَ لَمْ تَعْبُدُونِي، فَفَعَلْتُ بِكُمْ مَا فَعَلْتُ، وَ سَلَبْتُكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَ أَمَتُّ أَوْلاَدَكُمْ وَ عَبِيدَكُمْ وَ مَوَاشِيَكُمْ، فَهَا هِيَ كُلُّهَا عِنْدِي. فَإِنْ أَرَدْتِ ذَلِكِ فَاتَّبِعِينِي حَتَّى أُرِيَكِ أَوْلاَدَكِ، وَ عَبِيدَكِ، وَ مَوَاشِيَكِ، فَإِنَّهُمْ عِنْدِي فِي وَادِي كَذَا وَ كَذَا. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ بَقِيَتْ مُتَعَجِّبَةً وَ هِيَ مُتَحَيِّرَةٌ، وَ اِتَّبَعَتْهُ غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى أَوْقَفَهَا عَلَى ذَلِكَ اَلْوَادِي، وَ سَحَرَ عَيْنَيْهَا حَتَّى رَأَتْ جَمِيعَ مَا فَقَدَتْهُ هُنَاكَ. فَقَالَ لَهَا: أَنَا صَادِقٌ عِنْدَكِ اَلْآنَ، أَمْ كَاذِبٌ؟ فَقَالَتْ رَحْمَةُ: لاَ أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَيُّوبَ». قَالَ: «فَرَجَعَتْ إِلَى أَيُّوبَ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْهُ جَمِيعِهِ. فَقَالَ أَيُّوبُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَيْحَكِ يَا رَحْمَةُ أَ مَا تَعْلَمِينَ أَنْ لَيْسَ مَعَ اَللَّهِ إِلَهٌ آخَرُ، وَ أَنَّ اَلَّذِي أَمَاتَهُ اَللَّهُ فَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُحْيِيَهُ! قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ أَيُّوبُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): فَلَوْ كُنْتِ عَاقِلَةً مَا أَصْغَيْتِ إِلَى كَلاَمِهِ، [وَ لاَ اِتَّبَعْتِيهِ] حَتَّى سَحَرَ عَيْنَيْكِ. فَقَالَتْ رَحْمَةً: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، اِغْفِرْ لِي هَذِهِ اَلْخَطِيئَةَ، فَإِنِّي لاَ أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَداً. فَقَالَ لَهَا أَيُّوبُ: قَدْ نَهَيْتُكِ عَنْ هَذَا اَللَّعِينِ مَرَّةً، وَ هَذِهِ ثَانِيَةٌ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ لَئِنْ عَافَانِيَ اَللَّهُ مِمَّا أَنَا فِيهِ لَأَجْلِدَنَّكِ مِائَةً جَلْدَةٍ عَلَى مَا كَانَ مِنْ مُكَالَمَتِكِ لِإِبْلِيسَ لَعَنَهُ اَللَّهُ. وَ كَانَتْ رَحْمَةُ تَقُولُ: لَيْتَهُ قَامَ مِنْ بَلاَئِهِ وَ جَلَدَنِي مِائَةً وَ مِائَةٍ».
30،169120 / _1 قال ابن عبّاس: لبث أيوب (عليه السلام) في بلائه ثماني عشرة سنة حتّى لم يبق منه إلاّ عيناه تدوران في رأسه، و لسانه ينطلق به، و قلبه على حالته، و أذناه فإنّه كان يسمع بهما، و كانت تحت لسانه دودة عظيمة سوداء تؤلمه في خروجها من تحت لسانه، فإذا رجعت إلى موضعها يتأوه لذلك، فأوحى اللّه تعالى إليه: أن يا أيوب قد صبرت على رخائي، فاصبر الآن على بلائي. قال: و خرجت رحمة ذات يوم في طلب الطعام فلم تقدر على شيء، فرفعت رأسها إلى السماء، و قالت: إلهنا و سيدنا، ارحم غربتنا و ضعفنا. قال: فسمع ذلك بعض أهل القرية، فقال لها: ادخلي على نساء أهل القرية، فإنهن أرق قلوبا. فأقبلت رحمة، و قرعت باب عجوز، و قالت: أنا رحمة امرأة أيوب، و لقد طفت يومي هذا فلم أجد طعاما، و لقد بلغني جوع شديد. فقالت العجوز: لي إليك حاجة يا رحمة، إني قد زوجت ابنة لي، فهل لك أن تعطيني ظفيرتين من ظفائرك أزين بهما ابنتي، و أعطيك رغيفين؟ فقالت لها رحمة: و لا يرضيك مني إلاّ ذلك؟ قالت: نعم. قالت رحمة: احضري لي الرغيفين، فو اللّه لو أردت شعري كله لأعطيتك لطعام أيوب. قال: فجاءت العجوز بالرغيفين و المقص، فقصت ظفيرتين. و جاءت رحمة بالرغيفين إلى أيوب، فأنكرهما، و قال لها: من أين لك هذا؟ فأخبرته بالقصة لما اشتد عليها طلب الطعام، فصاح أيوب صيحة، فقال: إلهي أي ذنب عملته حتّى صرفت وجهك الكريم عني، إلهي الموت أجمل لي ممّا أنا فيه، رب إنّي مسني الضر و أنت أرحم الراحمين فأوحى اللّه تعالى إليه: يا أيوب، لقد سمعت كلامك، و تمنيك الموت في ضرك، و لو مت بغير هذا البلاء لم يكن لك من الأجر و الثواب ما يكون لك مع البلاء، و لأجزينك على صبرك. و أمّا رحمة، فو عزتي و جلالي لارضينها في الجنة فعند ذلك فرح أيوب، و تسلى. فلما طال على أيوب البلاء، و رأى إبليس اللعين صبره أتى إليه أصحاب له، و كانوا رهبانا في الجبال: أحدهم اسمه نفير و هو من اليمن، و الآخر اسمه صوتى و هو من فلسطين، و الثالث ملهم و هو من حمص، و كانوا من تلامذته، و هم حكماء، و كان أيوب هو الذي اصطنعهم، و رفع أقدارهم، و كانوا يأتونه و يسألونه عن حاله، فركبوا بغالا شهبا، و جاءوا حتّى إذا دنوا منه نفرت بغالهم من نتن رائحته (عليه السلام)، فقربوا بعضها إلى بعض، ثم مشوا إليه، و قعدوا عنده، و قالوا: يا أيوب، لو أخبرتنا بذنبك، لعل اللّه تعالى يهبه لنا إذا سألناه، و دعونا إليه، و ما نراه ابتلاك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلاّ من أمر كنت تسره، و لو كنت صادق النية في عبادته لما وقع بك البلاء العظيم. فوقع في قلوبهم أن يجتمعوا عليه و يذبحوه. فقال أيوب: و عزة ربي إنّه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلاّ و يتيما أو ضعيفا يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله تعالى، إلاّ أخذت بأشدهما على بدني. أيها القوم، أراكم تغيظوني و توبخوني من غير معرفة، و ما كان هذا جزائي منكم، فإن اللّه تعالى يبتلي من يشاء زيادة في أجره، كما ابتلى سائر النبيين و الصالحين. ثم رفع طرفه إلى السماء، و قال: إلهي و سيدي، أذقني طعم العافية و لو ساعة من النهار، و لا تشمت بي الأعداء، و لا تصرف وجهك الكريم عني، فإني قد أجهدني البلاء، و قد تقطعت أوصالي، و ورمت شفتاي حتّى غطت العليا أنفي، و السفلى ذقني، و قد سقط لحم رأسي، و ما تبين أذني من نفاخ وجهي، و لقد غص من القيح و الصديد جوفي، و نخرت من الدود عظامي، و لقد ملني و جفاني من كان يكرمني فبكى بكاء شديدا. فلما فرغوا من توبيخه، و هموا أن يقوموا، التفت إليهم شاب حدث السن، كان قد سمع كلامهم، و كان اللّه قد قيضه لهم، فقال الشاب: شوه لكم، عبرتم إلى نبي اللّه فعيرتموه، و لقد تركتم الرأي الصائب بتوبيخكم لأيوب (عليه السلام)، و لقد كان له عليكم من الحقوق ما كان الواجب عليكم أن تقصروا عما قلتموه. ويلكم، أ تدرون من الذي و بختم، أ لم تعلموا أنّه نبي اللّه، اختاره لرسالته، و ائتمنه على وحيه؟! فإن اللّه تعالى لم يطلعكم على أنه سخط عليه، و أن هذا البلاء الذي نزل به قد صغره عندكم، و لقد علمتم أن اللّه تعالى يبتلي النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و لا يكون ذلك سخطا و لا هوانا، و لو كان لم يكن نبيّا لكان لا يجمل للأخ أن يعير أخاه عند البلاء، و لا يعاتبه عند المصيبة، و لا يزيده غما إلى غمه، اللّه اللّه في أنفسكم، و لو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة. ثمّ أقبل على أيوب، و عزاه، و سكن ما به، و أقبل أيوب على الثلاثة، و قال لهم: «إنكم أعجبتكم أنفسكم، فلو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة، و لكن أصبحت اليوم و ليس لي رأي معكم، لأن أهلي قد ملوني و تنكرت معارفي، و هربوا عني أصدقائي، و قطعوني أصحابي، و كفر بي أهل ملتي، و إلاّ لم تكونوا تقولون ما تقولون. سبحان من لو يشاء لفرج عني ما أنا فيه من هذا البلاء الذي لم تقم به الجبال الرواسي. فقال أيوب: يا ربّ، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي. فبعث إليه غمامة سوداء مظلمة فيها رعد، و برق، و صواعق متداركات، ثمّ نودي منها بأكثر من عشرة آلاف صوت: يا أيوب، إن اللّه تعالى يقول لك: أدلني بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا قريب منك، و لم أزل قريبا دائما. فقال: يا ربّ، إنك تعلم أنّه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلاّ أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك، و أذكرك، و أكبرك؟ فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد اللّه و الناس عنه غافلون، و تحمده و تشكره و الناس عنه لاهون؟ تمن على اللّه فيه؟ بل المن لله تعالى عليك. فأخذ التراب، و وضعه في فيه، ثمّ قال: لك العتبى. يا ربّ أنت فعلت ذلك. قال: فانصرفوا أولئك الذين وبخوه، و انصرف الفتى الذي كان عن يمينه. فلما كان في الغد، و هو يوم الجمعة، عند الزوال. هبط الأمين جبرئيل (عليه السلام)، فقال: «السلام عليك، يا أيوب فقال: و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته، فمن أنت يا عبد اللّه، فإني أسمع منك نغمة حسنة، و أجد منك رائحة طيبة، و أرى صورة جميلة؟ فقال له: أنا جبرئيل، رسول ربّ العالمين، أبشرك يا أيوب بروح اللّه، و برحمته، منها شفاؤك، و أن اللّه تعالى قد وهب لك أهلك و مثلهم معهم، و ما لك و مثله معه، ليكون آية لمن مضى، و عبرة لأهل البلاء. قال: و كان أيوب (عليه السلام) من شدة البلاء حصل له فرح عظيم بعد ذلك، فقال: الحمد لله الذي لا إله إلاّ هو ذو العزة و السلطان و المنة و الطول، ذو الجلال و الإكرام الذي لم يشمت بي إبليس اللعين و أعوانه ثمّ قال جبرئيل (عليه السلام): يا أيوب، قم بإذن اللّه تعالى». فنهض أيوب قائما على قدميه. فقال له جبرئيل: اركض برجلك الأرض. ففعل أيوب (عليه السلام) ذلك، فإذا بالعين من الماء قد نبعت من تحت قدميه أشدّ بياضا من الثلج، و أحلى من العسل، و أذكى رائحة من الكافور، فشرب منه شربة فلم يبق في بدنه دودة إلاّ سقطت، فتعجب أيوب (عليه السلام) من كثرة الدود. فأمره جبرئيل بالغسل، فاغتسل في تلك العين، فخرج منها و وجهه كالقمر في ليلة البدر، و عاد إليه حسنه و جماله، و صار أحسن ممّا كان و أطرأ. ثم ناوله جبرئيل الأمين حلتين. فاتزر بواحدة، و ارتدى بالأخرى، و ناوله نعلين من ذهب، شراكهما من ياقوت، و أعطاه سفرجلة من الجنة، فأكل بعضها و ترك منها لزوجته رحمة، فقال له جبرئيل: كلها يا أيوب فإن معي ثانية لها. فأكل أيوب باقي السفرجلة ثمّ وثب، و صف قدميه، و قام يصلي. فأقبلت رحمة و هي مهمومة، مطرودة من جميع أبواب أهل القرية، باكية العين، فلما وصلت إلى الموضع رأت نظافة المكان، و أن اللّه تعالى أنبت روضة خضراء، و رأت نظافة الرجل الذي يصلي، فظنت أنّها قد ضلت عن الطريق، ثمّ قالت: أيها المصلي، أقبل علي حتّى أكلمك. فلم يكلمها أيوب، و هو ساكت، فصاحت، و قالت: يا أيوب، ما دهاك؟ فلما أتم صلاته قال له جبرئيل (عليه السلام): كلمها، يا أيوب فقال لها أيوب: ما حاجتك، أيتها المرأة؟. قالت رحمة: أ لك علم بأيوب المبتلى، فإني أرى الموضع متغيرا علي، فلقد خلفته هاهنا و لست أراه؟ فتبسم أيوب، و قال لها: إن رأيته تعرفينه؟. فقالت رحمة: إنك لأشبه الناس به قبل أن يصيبه البلاء. فضحك أيوب (عليه السلام)، و قال: أنا أيوب فبادرت إليه، فاعتنقته، و اعتنقها، فما فرغا من معانقتهما حتّى بشرهما بأولادهما، و أولاد أولادهما، و إمائهما، و عبيدهما، و مواشيهما، و مثلهم معهم، و أمطر اللّه تعالى عليه جرادا من الذهب، و كان يلقطه بثوبه، فإذا ذهب الريح بشيء ركض خلفه فرده، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أما تشبع، يا أيوب؟ فقال: يا جبرئيل، و من يشبع من رزق اللّه تعالى؟ و كان له بئران عظيمان فأفرغ في أحدهما الفضة، و في الآخر الذهب، حتى فاض أحدهما على الآخر. و أعطاه اللّه من الإبل أربعين ألفا، و من النوق عشرين ألفا، و من البقر الإناث أربعين ألفا، و من البقر الذكور أربعين ألفا، و من الضأن أربعة آلاف، و من المعز كذلك، و من العبيد خمسة آلاف، و مثلهم من الإماء. و كان له في ضياعه أربعة آلاف وكيل، و اجرة كل واحد منهم في كل شهر مائة مثقال من الذهب، و بين يديه اثنا عشر من البنين، و اثنا عشر من البنات، فلما رأت رحمة جميع ذلك سجدت لله تعالى شكرا، و ملكه جميع الشام و أولاده، و أعطاه مثل عمره الماضي. و ذكر مكالمة رحمة لإبليس زمان بلائه، و ذكر نذره، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى اللّه إليه: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً أي شمراخا مشتملا عدده على مائة فَاضْرِبْ بِهِ زوجتك رحمة وَ لاٰ تَحْنَثْ في النذر، فأخذ شمراخا، فضربها ضربة واحدة عن يمينه، و روي أن ضربه لها بالشماريخ لما رأى ذؤابتها مقطوعة غضب، و حلف عليها أن يضربها مائة جلدة، فأخبرته أنّه كان سبب قطعها كذا و كذا، فاغتم أيوب (عليه السلام) من ذلك، فأمره اللّه بالضغث حذرا من الحنث، و روي أن اللّه تعالى ردّ على رحمة ذؤابتيها كما كانتا. و سئل أيوب بعد ما عافاه اللّه: أي شيء كان أشدّ عليك ممّا مر عليك من البلاء؟ قال: شماتة الأعداء. ثمّ إنّه عمر عمرا طويلا، فلما أدركته الوفاة أحضر أولاده، و أوصاهم أن يصنعوا في ماله كما كان يصنع للفقراء و المساكين، ثمّ مات (عليه السلام)، و توفيت امرأته قبله، أو بعده بقليل، و دفن إلى جانب العين التي أذهب اللّه بلاءه بها، و سار أولاده سيرة أبيهم أيوب (عليه السلام) حتى ظهر عليهم ملك يقال له لام بن عاد، فتغلب على بلاد الشام، و على أولاد أيوب، و جعل يؤذي أولاد أيوب، و بعث إلى حزقل بن أيوب و كان أكبرهم و قال: إنكم ضيقتم علينا بلاد الشام بكثرة مواشيكم، فأريد أن تعطوني نصف أموالكم، مع العقار و العبيد و الإماء، و إلاّ ما تركتكم على ما أنتم عليه، و أن تزوجوني باختكم التي يقال لها نقية، و قيل: اسمها مؤمنة، و قيل: صالحة، و كانت امرأة حسناء ذات حسن و جمال، إذا مشت كأنها تنحدر من جبل في حذاء مسيل، كأن غرتها البدر المشرق، و جبهة واسعة، و عينان كالنيل، و حاجبان كالقسي المنحنية، و خداها كاللؤلؤ الأحمر يكاد ان يدميهما الهواء، و جيد كأنّه جيد ريم، و روي أنّه كان في بيتهم غلام صغير، و كان إذا نامت على جنب فيقعد الصبيّ و معه اترنجة، فيدحرجها فتعبر من بين خصرها و الأرض، و كانت ذات منطق، أديبة، لبيبة، عجيبة، رحيمة للفقراء و المساكين، فجعل يبعث إليهم بذلك، فيقول: اختاروا أحدها، و إلاّ جئتكم بخيلي و رجلي، و جعلت أولادكم غنيمة لي. فأجابه حزقل بن أيوب (عليه السلام)، و أرسل إليه رسولا: أما الأموال التي في أيدينا، فليس لأحد فيها حقّ إلا الفقراء و المساكين و الأيتام و الضعفاء و أبناء السبيل، و لست منهم، و إنّما ورثتها من أبينا أيوب، و أمّا أختنا فلست على ديننا حتّى نزوجكها، و أمّا تخويفك لنا بخيلك و رجلك فإنا نتوكل على اللّه، فهو حسبنا و نعم الوكيل. قال: فلما سمع هذه الرسالة جمع جنوده لحربهم، فعلم بذلك حزقل بن أيوب، فاستشار إخوته بحربه، فقال أخوه بشير: لا أشور عليك بالحرب، فإني أخاف أن يظفر بنا لأنّه قوي، فيأسرنا، و لكن الرأي أن تبعثوا له من المال ما طلبه، و أمّا خطبته أختنا فإنك تداريه بالمواعيد الحسنة و الهدايا لعله يقنع بها. فأبى حزقل، و أحبّ المحاربة، فجمع جيشه، و مضى حتّى التقى الجيشان، فاقتتلا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة على حزقل بن أيوب، و احتوى لام بن عاد على جميع أموالهم و أملاكهم، و غنمهم، و أسر من قومه جيشا كثيرا، و أسر بشير بن أيوب، و هم بقتله، فأمر بحبسه. و أفلت حزقل بنفسه، فاغتم لما ناله غما شديدا، ثمّ إنّه جمع مالا عظيما ليحمله إلى الملك لام بن عاد، ليخلص أخاه منه، فسار إليه، فبينما هو في طريقه إذ أتاه آت في منامه، و قال له: لا تحمل هذا المال، و لا تخف على أخيك، فإنه يخلص، و الملك يؤمن، و تكون عاقبته خيرا. فأصبح حزقل، و قص رؤياه على إخوته، فأقاموا معه في موضعه، فبلغ ذلك لام بن عاد، فبعث إليه: أن ادفع إلي ما حملت، و إلاّ أحرقت أخاك في النار. فبعث إليه: إني لا أدفع إليك من أموالي شيئا، فاصنع ما أنت صانع. فغضب لام بن عدا من ذلك، فقال لبشير بن أيوب: إنك قد تكفلت بإخوتك أن يدفعوا إلي هذا المال، فقد امتنعوا، فإن هم وفوا بكفالتك و إلاّ أحرقتك بالنار. فلما سمع ذلك منه خشي من القتل إن لم يوف بما تكفل له. قال: فأرسل حزقل إلى أخيه بشير، و أخبره بما رأى في منامه، ففرح به بشير. ثمّ إن الملك أمر أن يخدوا له أخدودا واسعا، و طرح فيه النار و النفط و الزيت و القطران، و أمر بإلقاء بشير بن أيوب فيه، فلما القي فيه لم تحرقه النار، فتعجب الملك لام بن عاد من ذلك، ثمّ قال: يا بني أيوب، إنكم سحرة. فقال بشير: أيها الملك، لسنا بسحرة، و لكن كان لنا جد يقال له إبراهيم الخليل بن تارخ، ألقاه النمرود بن كنعان في النار، فجعلها اللّه له بردا و سلاما، و كذلك أرجو أن يفعل اللّه بي كذلك. قال: فوقع في قلب الملك ما قاله بشير، فأسلم، و حسن إسلامه، و اختلط بعضهم في بعض، و زوجوه أختهم، فسمى اللّه تعالى بشير بن أيوب ذا الكفل، لما كان من كفالته، و جعله رسولا إلى جميع أهل الشام، و كان بين يديه لام بن عاد يقاتل الكفّار، فلم يزل كذلك حتّى مات ذو الكفل، ثمّ مات من بعده لام بن عاد، فغلب على أهل الشام العمالقة، إلى أن بعث اللّه شعيبا، و اسمه: فترون بن صهون بن عنقاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم الخليل (عليه السلام).
امام صادق عليه السّلام در تفسير آيۀ وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ فرمودند: يعنى خداوند همۀ فرزندان او را كه مرده بودند زنده كرد، چه آنهايى كه قبل از بلا مرده بودند، و چه آنهايى كه در حال بلا از دنيا رفته بودند.1 وَ ذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي اَلظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ (87) 87و(بياد بياور)ذو النون(يونس)را هنگامىكه خشمگين(از ميان قوم خود)بيرون رفت، و چنين...
وَ اُذْكُرْ عَبْدَنٰا أَيُّوبَ إِذْ نٰادىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ اَلشَّيْطٰانُ بِنُصْبٍ وَ عَذٰابٍ ابو بصير گويد از امام صادق عليه السّلام سؤال كردم كه ايوب در دنيا به چه گناه و علتى گرفتار گشت؟ فرمود:به خاطر آن نعمتهائى كه خداوند به او عنايت كرده بود، و او شكر آنها را بجا مىآورد.در آن زمان ابليس از آسمانها ممنوع نگشته بود و تا زير عرش بالا مىرفت.روزى شكر نعمتهاى ايوب را ديد و به آن حضرت حسد ورزيد و گفت:خداوندا!شكركردن ايوب به خاطر آن نعمتهائى است كه در دنيا به او ارزانى داشتهاى و اگر...
1) محمد بن يعقوب از يحيى بن عمران،از هارون بن خارجه،از ابى بصير روايت مىكند كه از امام جعفر صادق عليه السّلام در مورد تفسير آيه: «وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» پرسيدم و گفتم:چگونه خداوند علاوه بر فرزندانش،افرادى ديگرى همانند آنان را به او برگرداند؟ايشان پاسخ دادند:آن دسته از فرزندانش كه قبل از آن بلا و گرفتارى مرده بودند،بهعلاوه آن دسته از افراد خانوادهاش را كه پيش از آن بلا به مرگ طبيعى مرده بودند،زنده گرداند.اينان همانند افرادى بودند كه در آن روز هلاك شدند و خداوند،آنان را دوباره...
2)على بن ابراهيم از محمد بن جعفر،از محمد بن عيسى،از حسن بن على فضال،از عبد اللّه بن بكير و ديگران،از امام جعفر صادق عليه السّلام روايت مىكند كه ايشان در مورد آيه «وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» فرمودند:خداوند آن دسته از خانوادهاش را كه قبل از گرفتارى مرده بودند،بهعلاوه كسانى كه در دوره گرفتارى ايوب مرده بودند،زنده كرد3. و اگر خدا بخواهد،حكاياتى در مورد قصه ايوب در سوره ص ذكر خواهد شد.
1)على بن ابراهيم،از پدرش،از ابن فضّال،از عبد اللّه بن بحر،از ابن مسكان، از ابو بصير روايت كرده است كه وى گفت:از حضرت امام جعفر صادق عليه السلام پرسيدم:بلايى كه ايوب عليه السلام در دنيا به آن دچار گشت،به چه سبب بود؟ايشان فرمود:به سبب نعمتى بود كه خداوند متعال در دنيا به او ارزانى فرمود و او شكر آن نعمت به جا آورد؛در آن روزگار شيطان تا به نزديك عرش راه داشت،روزى بالا رفت و در آنجا شكر ايوب عليه السلام را ديد كه به خاطر نعمت پروردگارش به جا مىآورد،چون اين بديد به ايوب حسد ورزيد و عرض...
2)محمّد بن يعقوب،به اسناد وى از يحيى بن عمران،از هارون بن خارجه،از ابو بصير روايت كرده است كه او گفت:از حضرت امام جعفر صادق عليه السلام درباره كلام خداوند متعال: «وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» 1[و كسان او و نظيرشان را همراه با آنان(مجددا)به وى عطا كرديم]پرسيدم:چگونه خداوند نظير كسانش را به همراه آنان به او عطا فرمود؟ فرمود:خداوند براى ايوب،فرزندانش را كه پيش از آن اجلشان رسيده بود و مرده بودند،همانند آنان را كه در آن هنگام هلاك شده بودند،زنده كرد.
11)در تحفة الإخوان،به حذف اسناد،از ابو بصير روايت شده است كه وى گفت:از حضرت امام جعفر صادق عليه السلام پرسيدم:بلايى كه ايوب عليه السلام در دنيا به آن دچار شد،به چه سبب بود؟ايشان فرمود:به سبب نعمتى بود كه خداوند متعال در دنيا به او عطا كرد و او شكر آن نعمت به جا آورد.داستان از اين قرار بود كه پس از يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليه السلام،ايوب بن موص بن رعويل بن عيص بن اسحاق بن ابراهيم خليل اللّه عليه السلام پيامبر شد، او مردى دانا و بردبار و پاكيزه و خردمند بود و پدرش مردى ثروتمند با مال...
12)ابن عباس:ايوب هجده سال در آن بلا بر جاى بماند تا اينكه آنچه از او ماند،چشمانى بود كه در كاسه مىچرخيد و زبانى كه با آن سخن مىگفت و دلى كه بر حال خود بود و گوشهايى كه با آنها مىشنود و در آن حال به زير زبانش كرمهايى درشت و سياه افتاده بود كه بيرون آمدنشان بر او دردناك و به زير رفتنشان عذابآور بود.خداوند متعال به او وحى فرمود:اى ايوب!تو در آسايش من صبر پيشه كردى،پس اكنون در بلايم نيز صبر كن. روزى رحمه در پى غذايى بيرون رفت،امّا هيچ نيافت.پس سر بهسوى آسمان فراز كرد و گفت:خداوندا و سرورا!بر...
6 في الكافي عن الصادق عليه السلام: انّه سئل كيف أوتي مثلهم معهم قال احيى له من ولده الّذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.
6 في الكافي عن الصادق عليه السلام: انّه سئل كيف أوتي مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قال أحيى لهم من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.
6 و القمّيّ عنه عليه السلام قال: أحيى اللّٰه لَهُ أَهْلَهُ الذين كانوا قبل البليّة و احيى له الذين ماتوا و هو في البليّة.
30,13,6 و القمّيّ عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن بليّة 30أيّوب (عليه السلام) التي ابتلي بها في الدنيا لأيّ علّة كانت قال لنعمة أنعم اللّٰه عزّ و جلّ عليه بها في الدنيا و أدّى شكرها و كان في ذلك الزمان لا يحجب 1إبليس عن دون العرش فلمّا صعد و رأى شكر نعمة 30أيّوب (عليه السلام) حسده 1إبليس فقال يا ربّ انّ 30أيّوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة الاّ بما أعطيته من الدنيا و لو حرمته دنياه ما أدّى إليك شكر نعمة أبداً فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أنّه لا يؤدّي إليك شكر نعمة أبداً فقيل له قد سلطتك على ماله و ولده قال فانحدر 1إبليس فلم يبق له مالاً و لا ولداً إلاّ أعطبه فازداد 30أيوب للّٰه شكراً و حمداً قال سلّطني على زرعه قال قد فعلت فجمع شياطينه فنفخ فيه فاحترق فازداد 30أيّوب (عليه السلام) للّٰه شكراً و حمداً فقال يا ربّ فسلّطني على غنمه فسلطه على غنمه فأهلكها فازداد 30أيّوب (عليه السلام) للّٰه شكراً و حمداً فقال يا ربّ سلّطني على بدنه فسلّطه على بدنه ما خلا عقله و عينيه فنفخ فيه 1إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه فبقي في ذلك دهراً طويلاً يحمد اللّٰه و يشكره حتّى وقع في بدنه الدّود فكانت تخرج من بدنه فيردّها فيقول لها ارجعي الى موضعك الذي خلقك اللّٰه منه و نتن حتّى أخرجوه أهل القرية من القرية و ألقوه في المزبلة خارج القرية و كانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم (عليه السلام) تتصدّق من الناس و تأتيه بما تجده قال فلمّا طال عليه البلاء و رأى 1إبليس صبره اتى أصحاباً 30لأيّوب (عليه السلام) كانوا رهباناً في الجبال و قال لهم مرّوا بنا الى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليّته فركبوا بغالاً شهباء فجاءوا فلمّا دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه فنظر بعضهم إلى بعض ثمّ مشوا إليه و كان فيهم شابّ حدث السنّ فقعدوا إليه فقالوا يا 30أيّوب لو أخبرتنا بذنبك لعلّ اللّٰه كان يملكنا إذا سألناه و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحداً الاّ من امر كنت تستره فقال 30أيّوب و عزّة ربّي انّه ليعلم انّي ما أكلت طعاماً الاّ و يتيم او ضعيف يأكل معي و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة للّٰه الاّ أخذت بأشدّهما على بدني فقال الشّابّ سوءة لكم عيّرتم نبيّ اللّٰه حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسترها فقال 30أيّوب يا ربّ لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجّتي بعث اللّٰه عزّ و جلّ إليه غمامة فقال يا 30أيّوب ادل بحجّتك فقد أقعدتك مقعد الحكم و ها انا ذا قريب و لم أزل فقال يا ربّ انّك لتعلم أنّه لم يعرض لي أمران قطّ كلاهما لك طاعة الاّ أخذت بأشدّهما على نفسي أ لم أحمدك أ لم أشكرك أ لم اسبّحك قال فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان يا 30أيّوب من صيّرك تعبد اللّه و النّاس عنه غافلون و تحمده و تسبّحه و تكبّره و النّاس عنه غافلون اتمنّى على اللّٰه بما للّٰه فيه المنّة عليك قال فأخذ التراب فوضعه في فيه ثمّ قال لك العُتبى يٰا ربّ أنت فعلت ذلك بي فأنزل اللّه عليه ملكاً فركض برجله فخرج الماء فغسله بذلك الماء فعاد أحسن ما كان و أطرأ و أنبت اللّٰه عليه روضة خضراء و ردّ عليه اهله و ماله و ولده و زرعه و قعد معه الملك يحدّثه و يؤنسه فأقبلت امرأته معها الكسرة فلمّا انتهت إلى الموضع إذ الموضع متغيّر و إذا رجلان جالسان فبكت و صاحت و قالت يا 30أيّوب ما دهاك فناداها 30أيّوب فأقبلت فلمّا رأته و قد ردّ اللّٰه عليه بدنه و نعمته سجدت للّٰه عزّ و جلّ شكراً فرأى ذوابتها مقطوعة و ذلك أنّها سألت قوماً ان يعطوها ما تحمله الى 30أيّوب من الطعام و كانت حسنة الذوائب فقالوا لها بيعينا ذؤابتك هذه حتّى نعطيك فقطعتها و دفعتها إليهم و أخذت منهم طعاماً 30لأيّوب فلمّا رآها مقطوعة الشعر غضب و حلف عليها ان يضربها مائة فأخبرته انّه كان سببه كيت و كيت فاغتمّ 30أيّوب من ذلك فأوحى اللّٰه عزّ و جلّ إليه خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ فأخذ عِذقاً مشتملاً على مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه قال فردّ اللّٰه عليه اهله الذين ماتوا قبل البلاء و ردّ عليه اهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلّهم أحياهم اللّٰه له فعاشوا معه و سئل 30أيّوب (عليه السلام) بعد ما عافاه اللّٰه أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك فقال شماتة الأعداء قال فأمطر اللّٰه عليه في داره جراد الذهب و كان يجمعه فكان إذا ذهبت الريح منه بشيء عدا خلفه فردّه فقال له جبرئيل أ ما تشبع يا 30أيّوب قال و من يشبع من رزق ربّه عزّ و جلّ.
6 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زِيَادٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِ اَللَّهِ: «وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» قَالَ أَحْيَا اَللَّهُ لَهُ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ اَلْبَلِيَّةِ وَ أَحْيَا لَهُ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا وَ هُوَ فِي اَلْبَلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «وَ اُذْكُرْ عَبْدَنٰا 30أَيُّوبَ إِذْ نٰادىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ 1اَلشَّيْطٰانُ بِنُصْبٍ وَ عَذٰابٍ» قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَحْرٍ [مَحْبُوبٍ] عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِيَّةِ 30أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا لِأَيِّ عِلَّةٍ كَانَتْ قَالَ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا وَ أَدَّى شُكْرَهَا وَ كَانَ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ لاَ يُحْجَبُ 1إِبْلِيسُ مِنْ دُونِ اَلْعَرْشِ فَلَمَّا صَعِدَ وَ رَأَى شُكْرَ نِعْمَةِ 30أَيُّوبَ حَسَدَهُ 1إِبْلِيسُ وَ قَالَ يَا رَبِّ إِنَّ 30أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْكَ شُكْرَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ إِلاَّ بِمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْيَاهُ مَا أَدَّى إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً فَسَلِّطْنِي عَلَى دُنْيَاهُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً، فَقِيلَ لَهُ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَ وُلْدِهِ قَالَ فَانْحَدَرَ 1إِبْلِيسُ فَلَمْ يُبْقِ لَهُ مَالاً وَ وَلَداً إِلاَّ أَعْطَبَهُ فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ شُكْراً لِلَّهِ وَ حَمْداً قَالَ فَسَلِّطْنِي عَلَى زَرْعِهِ، قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَجَاءَ مَعَ شَيَاطِينِهِ فَنَفَخَ فِيهِ فَاحْتَرَقَ فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً فَقَالَ يَا رَبِّ! سَلِّطْنِي عَلَى غَنَمِهِ، فَسَلَّطَهُ عَلَى غَنَمِهِ فَأَهْلَكَهَا فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً وَ قَالَ يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى بَدَنِهِ فَسَلَّطَهُ عَلَى بَدَنِهِ مَا خَلاَ عَقْلَهُ وَ عَيْنَهُ فَنَفَخَ فِيهِ 1إِبْلِيسُ فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ فَبَقِيَ فِي ذَلِكَ دَهْراً طَوِيلاً يَحْمَدُ اَللَّهَ وَ يَشْكُرُهُ حَتَّى وَقَعَ فِي بَدَنِهِ اَلدُّودُ وَ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَدَنِهِ فَيَرُدُّهَا وَ يَقُولُ لَهَا اِرْجِعِي إِلَى مَوْضِعِكِ اَلَّذِي خَلَقَكِ اَللَّهُ مِنْهُ وَ نَتِنَ حَتَّى أَخْرَجَهُ أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ مِنَ اَلْقَرْيَةِ وَ أَلْقَوْهُ فِي اَلْمَزْبَلَةِ خَارِجَ اَلْقَرْيَةِ وَ كَانَتِ اِمْرَأَتُهُ رَحِيمَةُ بِنْتُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ عَلَيْهَا تَتَصَدَّقُ مِنَ اَلنَّاسِ وَ تَأْتِيهِ بِمَا تَجِدُهُ قَالَ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ اَلْبَلاَءُ وَ رَأَى 1إِبْلِيسُ صَبْرَهُ أَتَى أَصْحَاباً لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِي اَلْجِبَالِ وَ قَالَ لَهُمْ: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا اَلْعَبْدِ اَلْمُبْتَلَى وَ نَسْأَلَهُ عَنْ بَلِيَّتِهِ فَرَكِبُوا بِغَالاً شُهْباً وَ جَاءُوا فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ فَقَرَنُوا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِ وَ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَدَثُ اَلسِّنِّ فَقَعَدُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا 30أَيُّوبُ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ لَعَلَّ اَللَّهَ كَانَ يُهْلِكُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ مَا نَرَى اِبْتِلاَءَكَ بِهَذَا اَلْبَلاَءِ اَلَّذِي لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ فَقَالَ 30أَيُّوبُ وَ عَزَّةِ رَبِّي إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا أَكَلْتُ طَعَاماً إِلاَّ وَ يَتِيمٌ أَوْ ضَيْفٌ يَأْكُلُ مَعِي وَ مَا عَرَضَ لِي أَمْرَانِ كِلاَهُمَا طَاعَةٌ لِلَّهِ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِي فَقَالَ اَلشَّابُّ سَوْأَةً لَكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَى نَبِيِّ اَللَّهِ فَعَيَّرْتُمُوهُ حَتَّى أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مَا كَانَ يَسْتُرُهَا، فَقَالَ 30أَيُّوبُ : يَا رَبِّ لَوْ جَلَسْتُ مَجْلِسَ اَلْحَكَمِ مِنْكَ لَأَدْلَيْتُ بِحُجَّتِي فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِ غَمَامَةً فَقَالَ: يَا 30أَيُّوبُ أَدْلِنِي بِحُجَّتِكَ فَقَدْ أَقْعَدْتُكَ مَقْعَدَ اَلْحَكَمِ وَ هَا أَنَا ذَا قَرِيبٌ وَ لَمْ أَزَلْ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لِي أَمْرَانِ قَطُّ كِلاَهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى نَفْسِي أَ لَمْ أَحْمَدْكَ أَ لَمْ أَشْكُرْكَ أَ لَمْ أُسَبِّحْكَ قَالَ فَنُودِيَ مِنَ اَلْغَمَامَةِ بِعَشَرَةِ أَلْفِ لِسَانٍ يَا 30أَيُّوبُ مَنْ صَيَّرَكَ تَعْبُدُ اَللَّهَ وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَ تَحْمَدُهُ وَ تُسَبِّحُهُ وَ تُكَبِّرُهُ وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ أَ تَمُنُّ عَلَى اَللَّهِ بِمَا لِلَّهِ فِيهِ اَلْمِنَّةُ عَلَيْكَ قَالَ: فَأَخَذَ 30أَيُّوبُ اَلتُّرَابَ فَوَضَعَهُ فِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَكَ اَلْعُتْبَى يَا رَبِّ أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِي، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكاً فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ اَلْمَاءُ فَغَسَلَهُ بِذَلِكَ اَلْمَاءِ فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ وَ أَطْرَأَ وَ أَنْبَتَ اَللَّهُ عَلَيْهِ رَوْضَةً خَضْرَاءَ وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ وَ وَلَدَهُ وَ زَرْعَهُ وَ قَعَدَ مَعَهُ اَلْمَلَكُ يُحَدِّثُهُ وَ يُؤْنِسُهُ. فَأَقْبَلَتِ اِمْرَأَتُهُ مَعَهَا اَلْكِسَرُ، فَلَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى اَلْمَوْضِعِ إِذِ اَلْمَوْضِعُ مُتَغَيِّرٌ وَ إِذَا رَجُلاَنِ جَالِسَانِ فَبَكَتْ وَ صَاحَتْ وَ قَالَتْ يَا 30أَيُّوبُ مَا دَهَاكَ فَنَادَاهَا 30أَيُّوبُ ، فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْهُ وَ قَدْ رَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ بَدَنَهُ وَ نِعْمَتَهُ سَجَدَتْ لِلَّهِ شُكْراً فَرَأَى ذُوَابَتَهَا مَقْطُوعَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهَا سَأَلَتْ قَوْماً أَنْ يُعْطُوهَا مَا تَحْمِلُهُ إِلَى 30أَيُّوبَ مِنَ اَلطَّعَامِ وَ كَانَتْ حَسَنَةَ اَلذَّوَائِبِ فَقَالُوا لَهَا تَبِيعِينَا ذَوَائِبَكِ هَذِهِ حَتَّى نُعْطِيَكِ فَقَطَعَتْهَا وَ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِمْ وَ أَخَذَتْ مِنْهُمْ طَعَاماً 30لِأَيُّوبَ ، فَلَمَّا رَآهَا مَقْطُوعَةَ اَلشَّعْرِ غَضِبَ وَ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ يَضْرِبَهَا مِائَةَ سَوْطٍ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ كَانَ سَبَبُهُ كَيْتَ وَ كَيْتَ فَاغْتَمَّ 30أَيُّوبُ مِنْ ذَلِكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ «وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ» فَأَخَذَ مِائَةَ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَخَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: «وَ وَهَبْنٰا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنّٰا وَ ذِكْرىٰ لِأُولِي اَلْأَلْبٰابِ» قَالَ: فَرَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ اَلْبَلاَءِ وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا بَعْدَ مَا أَصَابَهُ اَلْبَلاَءُ كُلَّهُمْ أَحْيَاهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى، فَعَاشُوا مَعَهُ، وَ سُئِلَ 30أَيُّوبُ بَعْدَ مَا عَافَاهُ اَللَّهُ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا مَرَّ عَلَيْكَ قَالَ: شَمَاتَةُ اَلْأَعْدَاءِ قَالَ فَأَمْطَرَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ فَرَاشَ اَلذَّهَبِ وَ كَانَ يَجْمَعُهُ فَإِذَا ذَهَبَ اَلرِّيحُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَدَا خَلْفَهُ فَرَدَّهُ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : أَ مَا تَشْبَعُ يَا 30أَيُّوبُ قَالَ: وَ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رِزْقِ رَبِّهِ .
6 و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبد اللّه بن بكير و غيره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في هذه الآية قال: أحي اللّه عزّ و جلّ له أهله الّذين كانوا قبل البليّة. و أحي [له أهله] الّذين ماتوا و هو في البليّة.
6 و في روضة الكافي : يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في هذه الآية، قلت: ولده كيف أوتي مثلهم معهم؟ قال: أحي اللّه له من ولده الّذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم، مثل الّذين هلكوا يومئذ.
30,13,6 و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي ، عن ابن فضّال ، عن عبد اللّه بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن بليّة 30أيّوب عليه السّلام الّتي ابتلي بها في الدّنيا، لأيّ علّة كانت. قال: لنعمة أنعم اللّه عزّ و جلّ بها عليه في الدّنيا، و أدّى شكرها. و كان في ذلك الزّمان لا يحجب 1إبليس عن دون العرش . فلمّا صعد و رأى شكر نعمة 30أيّوب ، حسده 1إبليس فقال: يا ربّ، إنّ 30أيّوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النّعمة إلاّ بما أعطيته من الدّنيا. و لو حرمته دنيا، ما أدّى إليك شكر نعمة أبدا. فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أنّه لم يؤدّ إليك شكر نعمة أبدا. فقيل له: قد سلّطتك على ماله و ولده. قال: فانحدر 1إبليس ، قلم يبق له مالا و لا ولدا، إلاّ أعطبه . فازداد 30أيّوب شكرا [للّه] و حمدا. قال: فسلّطني على زرعه. قال: قد فعلت. فجمع شياطينه، فنفخ فيه، فاحترق. فازداد 30أيّوب للّه شكرا و حمدا. فقال: يا ربّ، فسلّطني على غنمه. فسلّطه على غنمه. فأهلكها. فازداد 30أيّوب للّه شكرا و حمدا. فقال: يا ربّ، سلّطني على بدنه ما خلا عقله و عينيه . فنفخ فيه 1إبليس ، فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه. فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد اللّه و يشكره. حتّى وقع في بدنه الدّود، فكانت تخرج من بدنه، فيردّها و يقول لها: ارجعي إلى موضعك الّذي خلقك اللّه منه. و نتن، حتّى أخرجه أهل القرية من القرية، و ألقوه في المزبلة خارج القرية. و كانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات اللّه عليهم و عليها تتصدّق من النّاس و تأتيه بما تجده. قال: فلمّا طال عليه البلاء، و رأى 1إبليس صبره، أتى أصحابا 30لأيّوب كانوا رهبانا في الجبال و قال لهم: مرّوا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليّته. فركبوا بغالا شهبا و جاؤوا. فلمّا دنوا منه، نفرت بغالهم من نتن ريحه. فقرنوا بعضا إلى بعض، ثمّ مشوا إليه. و كان فيهم شابّ حدث السّنّ. فقعدوا إليه فقالوا: يا 30أيّوب عليه السّلام لو أخبرتنا بذنبك لعلّ اللّه كان يملكنا إذا سألناه. و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الّذي لم يبتل به أحد، إلاّ من أمر كنت تستره. فقال 30أيّوب عليه السّلام : و عزّة ربّي، إنّه ليعلم أنّي ما أكلت طعاما إلاّ و يتيم أو ضعيف يأكل معي. و ما عرض أمران كلاهما طاعة للّه، إلاّ أخذت بأشدّهما على بدني. فقال الشّابّ: سوءة لكم! عيّرتم نبىّ اللّه حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسترها. فقال: 30أيّوب : يا ربّ، لو جلست مجلس الحكم منك، لأدليت بحجّتي. فبعث اللّه إليه غمامة فقال: يا أيّوب، أدل بحجّتك. فقد أقعدتك مقعد الحكم. و ها أنا ذا قريب و لم أزل. فقال: يا ربّ، إنّك لتعلم أنّه لم يعرض لي أمران قطّ كلاهما لك طاعة، إلاّ أخذت بأشدّهما على نفسي. ألم أحمدك!؟ أ لم أشكرك!؟ ألم أسبّحك!؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا 30أيّوب ! من صيّرك تعبد اللّه، و النّاس عنه غافلون!؟ و تحمده و تسبّحه و تكبّره. و النّاس عنه غافلون!؟ أتمنّ على اللّه بما للّه فيه المنّة عليك!؟ قال: فأخذ [ 30أيّوب] التّراب، فوضعه في فيه. ثمّ قال: لك العتبى يا ربّ! أنت فعلت ذلك بي. فأنزل اللّه عزّ و جلّ عليه ملكا، فركض برجله. فخرج الماء. فغسله بذلك الماء. فعاد أحسن ما كان و أطرأ. و أنبت اللّه عليه روضة خضراء، و ردّ عليه ماله و ولده و زرعه. و قعد معه الملك يحدّثه و يؤنسه. فأقبلت امرأته و معه الكسرة . فلمّا انتهت إلى الموضع، إذ الموضع متغيّر، و إذا رجلان جالسان. فبكت و صاحت و قالت: يا 30أيّوب ، [ما دهاك] ؟ فناداها 30أيّوب . فأقبلت. فلمّا رأته و قد ردّ اللّه عليه بدنه و نعمه، سجدت للّه عزّ و جلّ شكرا. فرأى ذؤابتها مقطوعة. و ذلك أنّها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى 30أيّوب من الطّعام و كانت حسنة الذّوائب فقالوا لها: بيعينا ذوأبتك هذه حتّى نعطيك. فقطعتها و دفعتها إليهم، و أخذت منهم طعاما 30لأيّوب . فلمّا رآها مقطوعة الشّعر، غضب و حلف عليها أن يضربها مائة جلدة. فأخبرته أنّه كان سببه كيت و كيت. فاغتمّ أيّوب بذلك. فأوحى اللّه إليه: خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ . فأخذ [عذقا مشتملا] على مائة شمراخ، فضربها ضربة واحدة، فخرج من يمينه. ثمّ قال: وَ وَهَبْنٰا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنّٰا وَ ذِكْرىٰ لِأُولِي اَلْأَلْبٰابِ . قال: فردّ اللّه عليه أهله الّذين ماتوا قبل البلاء، و ردّ عليه الّذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلّهم أحياهم اللّه تعالى فعاشوا معه. و سئل 30أيّوب بعد ما عافاه اللّه: أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك؟ فقال: شماتة الأعداء. قال: فأمطر اللّه عليه في داره فراش الذّهب. و كان يجمعه. فكان إذا ذهبت الرّيح منه بشيء، عدا خلفه، فردّه. فقال له جبرئيل عليه السّلام: أما تشبع يا 30أيّوب ؟ قال: و من يشبع من رزق اللّه عزّ و جلّ!؟
6 131 فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ عِيسَى بْنِ زِيَادٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قَالَ: أَحْيَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ اَلْبَلِيَّةِ، وَ أَحْيَى لَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا وَ هُوَ فِي اَلْبَلِيَّةِ.
6 132 فِي رَوْضَةِ اَلْكَافِي يَحْيَى بْنُ عِمْرَانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ آتَيْنٰاهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» قُلْتُ: وُلْدُهُ كَيْفَ أُوتِيَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؟ قَالَ: أَحْيَى اَللَّهُ لَهُ مِنْ وُلْدِهِ اَلَّذِينَ كَانُوا مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ مِثْلَ اَلَّذِينَ هَلَكُوا يَوْمَئِذٍ.
30,13,6 69 حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِيَّةِ 30أَيُّوبَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا لِأَيِّ عِلَّةٍ كَانَتْ؟ قَالَ: لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بِهَا فِي اَلدُّنْيَا وَ أَدَّى شُكْرَهَا، وَ كَانَ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ لاَ يُحْجَبُ 1إِبْلِيسُ دُونَ اَلْعَرْشِ ، فَلَمَّا صَعِدَ وَ رَأَى شُكْرَ نِعْمَةِ 30أَيُّوبَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَسَدَهُ 1إِبْلِيسُ ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ 30أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْكَ شُكْرَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ إِلاَّ بِمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا، وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْيَاهُ مَا أَدَّى إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً، فَسَلِّطْنِي عَلَى دُنْيَاهُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَ وُلْدِهِ، قَالَ: فَانْحَدَرَ 1إِبْلِيسُ فَلَمْ يُبْقِ لَهُ مَالاً وَ لاَ وَلَداً إِلاَّ أَعْطَبَهُ فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً، قَالَ: فَسَلِّطْنِي عَلَى زَرْعِهِ يَا رَبِّ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَجَاءَ مَعَ شَيَاطِينِهِ فَنَفَخَ فِيهِ فَاحْتَرَقَ فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً، فَقَالَ: يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى غَنَمِهِ فَسَلَّطَهُ عَلَى غَنَمِهِ فَأَهْلَكَهَا، فَازْدَادَ 30أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً، فَقَالَ: يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى بَدَنِهِ فَسَلَّطَهُ عَلَى بَدَنِهِ مَا خَلاَ عَقْلَهُ وَ عَيْنَيْهِ، فَنَفَخَ فِيهِ 1إِبْلِيسُ فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ، فَبَقِيَ فِي ذَلِكَ دَهْراً طَوِيلاً يَحْمَدُ اَللَّهَ وَ يَشْكُرُهُ حَتَّى وَقَعَ فِي بَدَنِهِ اَلدُّودُ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَدَنِهِ فَيَرُدُّهَا فَيَقُولُ لَهَا اِرْجِعِي إِلَى مَوْضِعِكِ اَلَّذِي خَلَقَكِ اَللَّهُ مِنْهُ، وَ نَتُنَ حَتَّى أَخْرَجُوهُ أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ مِنَ اَلْقَرْيَةِ وَ أَلْقَوْهُ فِي اَلْمَزْبَلَةِ خَارِجَ اَلْقَرْيَةِ، وَ كَانَتِ اِمْرَأَتُهُ رَحْمَةَ بِنْتَ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ عَلَيْهَا، تَتَصَدَّقُ مِنَ اَلنَّاسِ وَ تَأْتِيهِ بِمَا تَجِدُهُ. قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ اَلْبَلاَءُ وَ رَأَى 1إِبْلِيسُ صَبْرَهُ أَتَى أَصْحَاباً 30لِأَيُّوبَ كَانُوا رُهْبَاناً فِي اَلْجِبَالِ وَ قَالَ لَهُمْ: مُرُوا بِنَا إِلَى هَذَا اَلْعَبْدِ اَلْمُبْتَلَى فَنَسْأَلَهُ عَنْ بَلِيَّتِهِ فَرَكِبُوا بِغَالاً شُهْباً وَ جَاءُوا فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِ وَ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَدَثُ اَلسِّنِّ فَقَعَدُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا 30أَيُّوبُ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ لَعَلَّ اَللَّهَ كَانَ يُهْلِكُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ مَا نَرَى اِبْتِلاَءَكَ بِهَذَا اَلْبَلاَءِ اَلَّذِي لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ؟ فَقَالَ 30أَيُّوبُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : وَ عِزَّةِ رَبِّي إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا أَكَلْتُ طَعَاماً إِلاَّ وَ يَتِيمٌ أَوْ ضَعِيفٌ يَأْكُلُ مَعِي، وَ مَا عَرَضَ لِي أَمْرَانِ كِلاَهُمَا طَاعَةُ اَللَّهِ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِي، فَقَالَ اَلشَّابُّ: سَوْأَةً لَكُمْ عَيَّرْتُمْ نَبِيَّ اَللَّهِ حَتَّى أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مَا كَانَ يَسْتُرُهَا؟ فَقَالَ 30أَيُّوبُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : يَا رَبِّ لَوْ جَلَسْتَ مَجْلِسَ اَلْحَكَمِ مِنْكَ لَأَدْلَيْتُ بِحُجَّتِي فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِ غَمَامَةً فَقَالَ: يَا 30أَيُّوبُ أَدْلِ بِحُجَّتِكَ فَقَدْ أَقْعَدْتُكَ مَقْعَدَ اَلْحَكَمِ وَ هَا أَنَا ذَا قَرِيبٌ وَ لَمْ أَزَلْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لِي أَمْرَانِ قَطُّ كِلاَهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى نَفْسِي، أَ لَمْ أَحْمَدْكَ؟ أَ لَمْ أَشْكُرْكَ؟ أَ لَمْ أُسَبِّحْكَ؟ قَالَ: فَنُودِيَ مِنَ اَلْغَمَامَةِ بِعَشَرَةِ آلاَفِ لِسَانٍ: يَا 30أَيُّوبُ مَنْ صَيَّرَكَ تَعْبُدُ اَللَّهَ وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ؟ وَ تَحْمَدُهُ وَ تُسَبِّحُهُ وَ تُكَبِّرُهُ وَ اَلنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ؟ أَ تَمُنُّ عَلَى اَللَّهِ بِمَا لِلَّهِ فِيهِ اَلْمِنَّةُ عَلَيْكَ؟. قَالَ: فَأَخَذَ اَلتُّرَابَ فَوَضَعَهُ فِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ: لَكَ اَلْعُتْبَى يَا رَبِّ أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِي، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ مَلَكاً فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ اَلْمَاءُ فَغَسَّلَهُ بِذَلِكَ اَلْمَاءِ فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ وَ أَطْرَأَ. وَ أَنْبَتَ اَللَّهُ عَلَيْهِ رَوْضَةً خَضْرَاءَ وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ وَ وُلْدَهُ وَ زَرْعَهُ، وَ قَعَدَ مَعَهُ اَلْمَلَكُ يُحَدِّثُهُ وَ يُونِسُهُ، فَأَقْبَلَتِ اِمْرَأَتُهُ مَعَهَا اَلْكِسْرَةُ فَلَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى اَلْمَوْضِعِ إِذِ اَلْمَوْضِعُ مُتَغَيِّرٌ وَ إِذَا رَجُلاَنِ جَالِسَانِ، فَبَكَتْ وَ صَاحَتْ وَ قَالَتْ: يَا 30أَيُّوبُ مَا دَهَاكَ؟ فَنَادَاهَا 30أَيُّوبُ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْهُ وَ قَدْ رَدَّهُ اَللَّهُ عَلَيْهِ بَدَنَهُ وَ نِعَمَهُ سَجَدَتْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شُكْراً، فَرَأَى ذُؤَابَتَهَا مَقْطُوعَةً، وَ ذَلِكَ أَنَّهَا سَأَلَتْ قَوْماً أَنْ يُعْطُوهَا مَا تَحْمِلُهُ إِلَى 30أَيُّوبَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنَ اَلطَّعَامِ، وَ كَانَتْ حَسَنَةَ اَلذَّوَائِبِ. فَقَالُوا لَهَا: تَبِيعِينَّا ذُؤَابَتَكِ هَذِهِ حَتَّى نُعْطِيَكِ؟ فَقَطَعَتْهَا وَ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِمْ، وَ أَخَذَتْ مِنْهُمْ طَعَاماً 30لِأَيُّوبَ ، فَلَمَّا رَآهَا مَقْطُوعَةَ اَلشَّعْرِ غَضِبَ وَ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ يَضْرِبَهَا مِائَةً، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ كَانَ سَبَبُهُ كَيْتَ وَ كَيْتَ، فَاغْتَمَّ 30أَيُّوبُ مِنْ ذَلِكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ فَأَخَذَ عِذْقاً مُشْتَمِلاً عَلَى مِائَةِ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَخَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَ وَهَبْنٰا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنّٰا وَ ذِكْرىٰ لِأُولِي اَلْأَلْبٰابِ قَالَ فَرَدَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ اَلْبَلاَءِ، وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ اَلَّذِينَ مَاتُوا بَعْدَ مَا أَصَابَهُمُ اَلْبَلاَءُ كُلُّهُمْ أَحْيَاهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى لَهُ فَعَاشُوا مَعَهُ. وَ سُئِلَ 30أَيُّوبُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : بَعْدَ مَا عَافَاهُ اَللَّهُ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا مَرَّ؟ فَقَالَ: شَمَاتَةُ اَلْأَعْدَاءِ، قَالَ فَأَمْطَرَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ جَرَادَ اَلذَّهَبِ وَ كَانَ يَجْمَعُهُ. فَكَانَ إِذَا ذَهَبَ اَلرِّيحُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَدَا خَلْفَهُ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَ مَا تَشْبَعُ يَا 30أَيُّوبُ ؟ قَالَ: وَ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رِزْقِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟.
ان نبی الله ایوب لبث به بلاوه ثمانی عشره سنه فرفضه القریب و البعید الا رجلان من اخوانه کانا من اخص اخوانه به کانا یغدوان الیه و یروحان فقال احدهما لصاحبه تعلم و الله لقد اذنب ایوب ذنبا ما اذنبه احد من العالمین قال له صاحبه و ما ذاک قال من ثمانی عشره سنه لم یرحمه الله فیکشف ما به فلما راحا الیه لم یصبر الرجل حتی ذکر ذلک له فقال ایوب لا ادری ما تقول غیر ان الله یعلم انی کنت امر علی الرجلین یتنازعان فیذکران الله فارجع الی بیتی فاکفر عنهما کراهیه ان یذکر الله الا فی حق قال و کان یخرج الی حاجته فاذا...
و وهبنا له اهله و مثلهم معهم قال قال الحسن و قتاده فاحیاهم الله باعیانهم و زاده مثلهم معهم معهم
لما ابتلی نبی الله ایوب صلی الله علیه و سلم بماله و ولده و جسده و طرح فی مزبله جعلت امراته تخرج تکسب علیه ما تطعمه فحسده الشیطان علی ذلک و کان یاتی اصحاب الخبز و الشوی الذین کانوا یتصدقون علیها فیقول اطردوا هذه المراه التی تغشاکم فانها تعالج صاحبها و تلمسه بیدها فالناس یتقذرون طعامکم من اجل انها تاتیکم و تغشاکم علی ذلک و کان یلقاها اذا خرجت کالمحزون لما لقی ایوب فیقول لج صاحبک فابی الا ما اتی فوالله لو تکلم بکلمه واحده لکشف عنه کل ضر و لرجع الیه ماله و ولده فتجیء فتخبر ایوب فیقول لها لقیک عدو...