32,13,11507 / _1 قَالَ اَلْإِمَامُ اَلْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَهُودِ اَلْمَدِينَةِ : وَ اُذْكُرُوا إِذْ قٰالَ 32مُوسىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً وَ تَضْرِبُونَ بِبَعْضِهَا هَذَا اَلْمَقْتُولَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لِيَقُومَ حَيّاً سَوِيّاً بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى، وَ يُخْبِرَكُمْ بِقَاتِلِهِ؛ وَ ذَلِكَ حِينَ أُلْقِيَ اَلْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. فَأَلْزَمَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَهْلَ اَلْقَبِيلَةِ بِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْ أَمَاثِلِهِمْ بِاللَّهِ اَلْقَوِيِّ اَلشَّدِيدِ إِلَهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، مُفَضِّلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ عَلَى اَلْبَرَايَا أَجْمَعِينَ: إِنَّا مَا قَتَلْنَاهُ، وَ لاَ عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلاً، فَإِنْ حَلَفُوا بِذَلِكَ غَرِمُوا دِيَةَ اَلْمَقْتُولِ، وَ إِنْ نَكَلُوا نَصُّوا عَلَى اَلْقَاتِلِ، أَوْ أَقَرَّ اَلْقَاتِلُ فَيُقَادُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أُحْبِسُوا فِي مَحْبَسٍ ضَنْكٍ إِلَى أَنْ يَحْلِفُوا، أَوْ يُقِرُّوا، أَوْ يَشْهَدُوا عَلَى اَلْقَاتِلِ. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَ مَا وَقَتْ أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا، وَ لاَ أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا؟ قَالَ: لاَ، هَذَا حُكْمُ اَللَّهِ. وَ كَانَ اَلسَّبَبُ أَنَّ اِمْرَأَةً حَسْنَاءَ ذَاتَ جَمَالٍ، وَ خُلُقٍ كَامِلٍ، وَ فَضْلٍ بَارِعٍ، وَ نَسَبٍ شَرِيفٍ، وَ سَتْرٍ ثَخِينٍ؛ كَثُرَ خُطَّابُهَا، وَ كَانَ لَهَا بَنُو أَعْمَامٍ ثَلاَثَةٍ، فَرَضِيَتْ بِأَفْضَلِهِمْ عِلْماً، وَ أَثْخَنِهِمْ سِتْراً، وَ أَرَادَتِ اَلتَّزْوِيجَ [بِهِ]، فَاشْتَدَّ حَسَدُ اِبْنَيْ عَمِّهِ اَلْآخَرَيْنِ لَهُ، وَ غَبَطَاهُ عَلَيْهَا، لِإِيثَارِهَا مَنْ آثَرَتْهُ ، فَعَمَدَا إِلَى اِبْنِ عَمِّهَا اَلْمَرْضِيِّ فَأَخَذَاهُ إِلَى دَعْوَتِهِمَا، ثُمَّ قَتَلاَهُ وَ حَمَلاَهُ إِلَى مَحَلَّةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَكْبَرِ قَبِيلَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَلْقَيَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا اَلْقَتِيلَ هُنَاكَ، فَعُرِفَ حَالُهُ، فَجَاءَ اِبْنَا عَمِّهِ اَلْقَاتِلاَنِ، فَمَزَّقَا ثِيَابَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَ حَثَيَا اَلتُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمَا، وَ اِسْتَعْدَيَا عَلَيْهِمْ، فَأَحْضَرَهُمْ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ سَأَلَهُمْ، فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوهُ، أَوْ عَلِمُوا قَاتِلَهُ». قَالَ: «فَحَكَمَ اَللَّهُ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ اَلْحَادِثَةَ مَا عَرَفْتُمُوهُ فَالْتَزَمُوهُ، فَقَالُوا: يَا 32مُوسَى ، أَيُّ نَفْعٍ فِي أَيْمَانِنَا لَنَا، إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا اَلْأَيْمَانُ اَلْغَرَامَةَ اَلثَّقِيلَةَ؟ أَمْ أَيُّ نَفْعٍ لَنَا فِي غَرَامَتِنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا اَلْأَيْمَانَ؟ فَقَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : كُلُّ اَلنَّفْعُ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ، وَ اَلاِئْتِمَارِ لِأَمْرِهِ، وَ اَلاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، غُرْمٌ ثَقِيلٌ وَ لاَ جِنَايَةَ لَنَا، وَ أَيْمَانٌ غَلِيظَةٌ وَ لاَ حَقَّ فِي رِقَابِنَا، لَوْ أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَنَا قَاتِلَهُ بِعَيْنِهِ، وَ كَفَانَا مَئُونَتَهُ، فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا هَذَا اَلْقَاتِلَ لِتَنْزِلَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنَ اَلْعِقَابِ، وَ يَنْكَشِفُ أَمْرُهُ لِذَوِي اَلْأَلْبَابِ. فَقَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَيَّنَ مَا أَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا، فَلَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ، وَ لاَ أَعْتَرِضُ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَ، أَ لاَ تَرَوْنَ أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ اَلْعَمَلَ يَوْمَ اَلسَّبْتِ ، وَ حَرَّمَ لَحْمَ اَلْجَمَلِ، لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقْتَرِحَ عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَ مَا حَكَمَ اَللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَ لَهُ حُكْمَهُ، وَ نَلْتَزِمَ مَا أَلْزَمَنَا؛ وَ هَمَّ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِالَّذِي كَانَ يَحْكُمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي مِثْلِ حَادِثَتِهِمْ. فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى ، أَجِبْهُمْ إِلَى مَا اِقْتَرَحُوا، وَ سَلْنِي أَنْ أُبَيِّنَ لَهُمُ اَلْقَاتِلَ لِيُقْتَلَ، وَ يَسْلَمَ غَيْرُهُ مِنَ اَلتُّهَمَةِ وَ اَلْغَرَامَةِ، فَإِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا اِقْتَرَحُوا تَوْسِعَةَ اَلرِّزْقِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِكَ، دِينُهُ اَلصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ ، وَ اَلتَّفْضِيلُ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ بَعْدَهُ عَلَى سَائِرِ اَلْبَرَايَا، أُغْنِيهِ فِي اَلدُّنْيَا فِي هَذِهِ اَلْقِصَّةِ ، لِيَكُونَ مِنْ بَعْضِ ثَوَابِهِ عَنْ تَعْظِيمِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ . فَقَالَ 32مُوسَى : يَا رَبِّ، بَيِّنْ لَنَا قَاتِلَهُ؛ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ : إِنَّ اَللَّهَ يُبَيِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ، بِأَنْ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً، فَتَضْرِبُوا بِبَعْضِهَا اَلْمَقْتُولَ فَيَحْيَا، فَتَقْبَلُوا لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ ذَلِكَ، وَ إِلاَّ فَكُفُّوا عَنِ اَلْمَسْأَلَةِ، وَ اِلْتَزِمُوا ظَاهِرَ حُكْمِي. فَذَلِكَ مَا حَكَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذْ قٰالَ مُوسىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إِنْ أَرَدْتُمُ اَلْوُقُوفَ عَلَى اَلْقَاتِلِ، تَضْرِبُوا اَلْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا فَيَحْيَا، وَ يُخْبِرُ بِالْقَاتِلِ قٰالُوا يَا 32مُوسَى أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً سُخْرِيَّةً؟ تَزْعُمُ أَنَّ اَللَّهَ أَمَرَنَا أَنْ نَذْبَحَ بَقَرَةً، وَ نَأْخُذَ قِطْعَةً مِنَ اَلْمَيِّتِ، وَ نَضْرِبَ بِهَا مَيِّتاً، فَيَحْيَا أَحَدُ اَلْمَيِّتَيْنِ بِمُلاَقَاتِهِ بَعْضَ اَلْمَيِّتِ اَلْآخَرِ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟! قَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ أَنْسُبُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَقُلْ لِي، وَ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجَاهِلِينَ، أُعَارِضُ أَمْرَ اَللَّهِ بِقِيَاسِي عَلَى مَا شَاهَدْتُ، دَافِعاً لِقَوْلِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ أَمْرِهِ. ثُمَّ قَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): أَ وَ لَيْسَ مَاءُ اَلرَّجُلِ نُطْفَةً مَيِّتَةً، وَ مَاءُ اَلْمَرْأَةِ كَذَلِكَ، مَيِّتَانِ يَلْتَقِيَانِ فَيُحْدِثُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنِ اِلْتِقَاءِ اَلْمَيِّتَيْنِ بَشَراً حَيّاً سَوِيّاً؟ أَ وَ لَيْسَ بُذُورُكُمُ اَلَّتِي تَزْرَعُونَهَا فِي أَرَضِيكُمْ تَتَفَسَّخُ وَ تَتَعَفَّنُ وَ هِيَ مَيِّتَةٌ، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْهَا هَذِهِ اَلسَّنَابِلُ اَلْحَسَنَةُ اَلْبَهِيجَةُ، وَ هَذِهِ اَلْأَشْجَارُ اَلْبَاسِقَةُ اَلْمُونِقَةُ؟ فَلَمَّا بَهَرَهُمْ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قٰالُوا يَا 32مُوسَى اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ أَيْ مَا صِفَتُهَا، لِنَقِفَ عَلَيْهَا؛ فَسَأَلَ 32مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ كَبِيرَةٌ وَ لاٰ بِكْرٌ صَغِيرَةٌ لَمْ تَفْرُضْ عَوٰانٌ وَسَطٌ بَيْنَ ذٰلِكَ بَيْنَ اَلْفَارِضِ وَ اَلْبِكْرِ فَافْعَلُوا مٰا تُؤْمَرُونَ إِذَا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ. قٰالُوا يَا مُوسَى اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا أَيْ لَوْنُ هَذِهِ اَلْبَقَرَةِ اَلَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَنَا بِذَبْحِهَا. قَالَ اَللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ بَعْدَ اَلسُّؤَالِ وَ اَلْجَوَابِ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ حَسَنَةٌ لَوْنُ اَلصُّفْرَةِ ، لَيْسَ بِنَاقِصٍ يَضْرِبَ إِلَى اَلْبَيَاضِ، وَ لاَ بِمُشْبَعٍ يَضْرِبَ إِلَى اَلسَّوَادِ لَوْنُهٰا هَكَذَا فَاقِعٌ تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ إِلَيْهَا، لِبَهْجَتِهَا وَ حُسْنِهَا وَ بَرِيقِهَا. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ مَا صِفَتُهَا؟ يَزِيدُ فِي صِفَتِهَا. قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ لَمْ تُذَلَّلْ لِإِثَارَةِ اَلْأَرْضِ، وَ لَمْ تَرْضَ بِهَا وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ وَ لاَ هِيَ مِمَّا تَجُرُّ اَلدَّوَالِيَ ، وَ لاَ تُدِيرُ اَلنَّوَاعِيرَ ، قَدْ أُعْفِيَتْ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ مُسَلَّمَةٌ مِنَ اَلْعُيُوبِ كُلِّهَا، لاَ عَيْبَ فِيهَا لاٰ شِيَةَ فِيهٰا لاَ لَوْنَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا. فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ اَلصِّفَاتِ، قَالُوا: يَا 32مُوسَى ، فَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا؟ قَالَ: بَلَى؛ وَ لَمْ يَقُلْ 32مُوسَى فِي اَلاِبْتِدَاءِ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنَّ اَللَّهَ أَمَرَكُمْ؛ لَكَانُوا إِذَا قَالُوا: اُدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ، وَ مَا لَوْنُهَا؟ كَانَ لاَ يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَهُ ذَلِكَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لَكِنْ كَانَ يُجِيبُهُمْ هُوَ بِأَنْ يَقُولَ: أَمَرَكُمْ بِبَقَرَةٍ؛ فَأَيُّ شَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اِسْمُ بَقَرَةٍ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا». قَالَ: «فَلَمَّا اِسْتَقَرَّ اَلْأَمْرُ عَلَيْهَا طَلَبُوا هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ، فَلَمْ يَجِدُوهَا إِلاَّ عِنْدَ شَابٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَرَاهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَنَامِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ طَيِّبِي ذُرِّيَّتِهِمَا، فَقَالاَ لَهُ: إِنَّكَ كُنْتَ لَنَا مُحِبّاً مُفَضِّلاً، وَ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسُوقَ إِلَيْكَ بَعْضَ جَزَائِكَ فِي اَلدُّنْيَا، فَإِذَا رَامُوا شِرَاءَ بَقَرَتِكَ فَلاَ تَبِعْهَا إِلاَّ بِأَمْرِ أُمِّكَ، فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُلَقِّنُهَا مَا يُغْنِيكَ بِهِ وَ عَقِبَكَ . فَفَرِحَ اَلْغُلاَمُ وَ جَاءَهُ اَلْقَوْمُ يَطْلُبُونَ بَقَرَتَهُ، فَقَالُوا: بِكَمْ تَبِيعُ بَقَرَتَكَ؟ فَقَالَ: بِدِينَارَيْنِ، وَ اَلْخِيَارُ لِأُمِّي. قَالُوا: رَضِينَا بِدِينَارٍ. فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: بِأَرْبَعَةٍ. فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالُوا: نُعْطِيكَ دِينَارَيْنِ. فَأَخْبَرَ أُمَّهُ فَقَالَتْ: بِثَمَانِيَةٍ. فَمَا زَالُوا يَطْلُبُونَ عَلَى اَلنِّصْفِ مِمَّا تَقُولُ أُمُّهُ فَتُضْعِفُ اَلثَّمَنَ، حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُهَا مِلْءَ مَسْكِ ثَوْرٍ أَكْبَرَ مَا يَكُونُ مِلْؤُهُ دَنَانِيرَ، فَأَوْجَبَ لَهُمُ اَلْبَيْعَ. ثُمَّ ذَبَحُوهَا وَ أَخَذُوا قِطْعَةً وَ هِيَ عَجْبُ اَلذَّنَبِ اَلَّذِي مِنْهُ خُلِقَ اِبْنُ آدَمَ، وَ عَلَيْهِ يُرَكَّبُ إِذَا أُعِيدَ خَلْقاً جَدِيداً فَضَرَبُوهُ بِهَا، وَ قَالُوا: اَللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ لَمَّا أَحْيَيْتَ هَذَا اَلْمَيِّتَ، وَ أَنْطَقْتَهُ لِيُخْبِرَ عَنْ قَاتِلِهِ؛ فَقَامَ سَالِماً سَوِيّاً، وَ قَالَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، قَتَلَنِي هَذَانِ اِبْنَا عَمِّي، حَسَدَانِي عَلَى بِنْتِ عَمِّي فَقَتَلاَنِي، وَ أَلْقَيَانِي فِي مَحَلَّةِ هَؤُلاَءِ لِيَأْخُذَا دِيَتِي مِنْهُمْ. فَأَخَذَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اَلرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُمَا، فَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ اَلْمَيِّتُ ضَرَبَ بِقِطْعَةٍ مِنَ اَلْبَقَرَةِ فَلَمْ يُحْيَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَيْنَ مَا وَعَدْتَنَا عَنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ فَقَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): قَدْ صَدَقْتُ، وَ ذَلِكَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى ، إِنِّي لاَ أُخْلِفُ وَعْدِي، وَ لَكِنْ لِيَنْقُدُوا إِلَى اَلْفَتَى ثَمَنَ بَقَرَتِهِ مِلْءَ مَسْكِ ثَوْرٍ دَنَانِيرَ، ثُمَّ أُحْيِي هَذَا اَلْغُلاَمَ. فَجَمَعُوا أَمْوَالَهُمْ، فَوَسَّعَ اَللَّهُ جِلْدَ اَلثَّوْرِ حَتَّى وُزِنَ مَا مُلِئَ بِهِ جِلْدُهُ فَبَلَغَ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ 32لِمُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ اَلْمَقْتُولِ اَلْمَنْشُورِ اَلْمَضْرُوبِ بِبَعْضِ اَلْبَقَرَةِ: لاَ نَدْرِي أَيُّهُمَا أَعْجَبُ: إِحْيَاءُ اَللَّهِ هَذَا اَلْمَيِّتَ وَ إِنْطَاقُهُ بِمَا نَطَقَ، أَوْ إِغْنَاءُ هَذَا اَلْفَتَى بِهَذَا اَلْمَالِ اَلْعَظِيمِ!! فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى ، قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيَّبَ فِي اَلدُّنْيَا عَيْشُهُ، وَ أُعَظِّمَ فِي جِنَانِي مَحَلَّهُ، وَ أَجْعَلَ لِمُحَمَّدٍ فِيهَا مُنَادَمَتَهُ، فَلْيَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ هَذَا اَلصَّبِيُّ، إِنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ 32مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا اَلطَّيِّبِينَ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ مُصَلِّياً، وَ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ اَلْخَلاَئِقِ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ مُفَضِّلاً، فَلِذَلِكَ صَرَفْتُ إِلَيْهِ اَلْمَالَ اَلْعَظِيمَ لِيَتَنَعَّمَ بِالطَّيِّبَاتِ وَ يَتَكَرَّمَ بِالْهِبَاتِ وَ اَلصِّلاَتِ، وَ يَتَحَبَّبَ بِمَعْرُوفِهِ إِلَى ذَوِي اَلْمَوَدَّاتِ، وَ يَكْبِتَ بِنَفِقَاتِهِ ذَوِي اَلْعَدَاوَاتِ. فَقَالَ اَلْفَتَى: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، كَيْفَ أَحْفَظُ هَذِهِ اَلْأَمْوَالَ؟ أَمْ كَيْفَ أَحْذَرُ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ يُعَادِينِي فِيهَا، وَ حَسَدِ مَنْ يَحْسُدُنِي مِنْ أَجْلِهَا؟ قَالَ: قُلْ عَلَيْهَا مِنَ اَلصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ مَا كُنْتَ تَقُولُ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهَا، فَإِنَّ اَلَّذِي رَزَقَكَهَا بِذَلِكَ اَلْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ اَلاِعْتِقَادِ يَحْفَظُهَا عَلَيْكَ أَيْضاً وَ يَدْفَعُ عَنْكَ ، فَقَالَهَا اَلْفَتَى فَمَا رَامَهَا حَاسِدٌ لَهُ لِيُفْسِدَهَا، أَوْ لِصُّ لِيَسْرِقَهَا، أَوْ غَاصِبٌ لِيَغْصَبَهَا، إِلاَّ دَفَعَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا بِلُطْفٍ مِنْ أَلْطَافِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ ظُلْمِهِ اِخْتِيَاراً، أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِآفَةٍ أَوْ دَاهِيَةٍ حَتَّى يَكُفَّهُ عَنْهُ، فَيَكُفُّ اِضْطِرَاراً. فَلَمَّا قَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لِلْفَتَى ذَلِكَ، وَ صَارَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ لِمَقَالَتِهِ حَافِظاً، قَالَ هَذَا اَلْمَنْشُورُ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ هَذَا اَلْفَتَى مِنَ اَلصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ وَ اَلتَّوَسُّلِ بِهِمْ أَنْ تُبْقِيَنِي فِي اَلدُّنْيَا مُتَمَتِّعاً بِابْنَةِ عَمِّي، وَ تجزي تُخْزِيَ عَنِّي أَعْدَائِي وَ حُسَّادِي وَ تَرْزُقَنِي فِيهَا خَيْراً كَثِيراً طَيِّباً. فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى ، إِنَّهُ كَانَ لِهَذَا اَلْفَتَى اَلْمَنْشُورِ بَعْدَ اَلْقَتْلِ سِتُّونَ سَنَةً، وَ قَدْ وَهَبْتُهُ بِمَسْأَلَتِهِ وَ تَوَسُّلِهِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ سَبْعِينَ سَنَةً، تَمَامَ مِائَةٍ وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً صَحِيحَةً حَوَاسُّهُ، ثَابِتٌ فِيهَا جَنَانُهُ، قَوِيَّةٌ فِيهَا شَهَوَاتُهُ، يُمَتَّعُ بِحَلاَلِ هَذِهِ اَلدُّنْيَا، وَ يَعِيشُ وَ لاَ يُفَارِقُهَا وَ لاَ تُفَارِقُهُ، فَإِذَا حَانَ حِينُهُ حَانَ حِينُهَا وَ مَاتَا جَمِيعاً مَعاً فَصَارَا إِلَى جَنَّاتِي، وَ كَانَا زَوْجَيْنِ فِيهَا نَاعِمَيْنِ. وَ لَوْ سَأَلَنِي يَا 32مُوسَى هَذَا اَلشَّقِيُّ اَلْقَاتِلُ بِمِثْلِ مَا تَوَسَّلَ بِهِ هَذَا اَلْفَتَى عَلَى صِحَّةِ اِعْتِقَادِهِ أَنْ أَعْصِمَهُ مِنَ اَلْحَسَدِ، وَ أُقْنِعَهُ بِمَا رَزَقْتُهُ وَ ذَلِكَ هُوَ اَلْمُلْكُ اَلْعَظِيمُ لَفَعَلْتُ. وَ لَوْ سَأَلَنِي بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ اَلتَّوْبَةِ عَنْ صَنِيعِهِ أَنْ لاَ أُفْضِحَهُ لَمَا فَضَحْتُهُ ، وَ لَصَرَفْتُ هَؤُلاَءِ عَنِ اِقْتِرَاحِ إِبَانَةِ اَلْقَاتِلِ، وَ لَأَغْنَيْتُ هَذَا اَلْفَتَى مِنْ غَيْرِ هَذَا اَلْوَجْهِ بِقَدْرِ هَذَا اَلْمَالِ. وَ لَوْ سَأَلَنِي بَعْدَ مَا اِفْتَضَحَ، وَ تَابَ إِلَيَّ، وَ تَوَسَّلَ بِمِثْلِ وَسِيلَةِ هَذَا اَلْفَتَى أَنْ أُنْسِيَ اَلنَّاسَ فِعْلَهُ بَعْدَ مَا أَلْطُفُ لِأَوْلِيَائِهِ فَيَعْفُونَ عَنِ اَلْقِصَاصِ فَعَلْتُ، فَكَانَ لاَ يُعَيِّرُهُ أَحَدٌ بِفِعْلِهِ، وَ لاَ يَذْكُرُهُ فِيهِمْ ذَاكِرٌ، وَ لَكِنْ ذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ، وَ أَنَا اَلْعَدْلُ اَلْحَكِيمُ . فَلَمَّا ذَبَحُوهَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: فَذَبَحُوهٰا وَ مٰا كٰادُوا يَفْعَلُونَ فَأَرَادُوا أَنْ لاَ يَفْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِظَمِ ثَمَنِ اَلْبَقَرَةِ، وَ لَكِنَّ اَللَّجَاجَ حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَ اِتِّهَامَهُمْ 32لِمُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) حَدَأَهُمْ عَلَيْهِ». قَالَ: «فَضَجُّوا إِلَى 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، وَ قَالُوا: اِفْتَقَرَتِ اَلْقَبِيلَةُ وَ دُفِعَتْ إِلَى اَلتَّكَفُّفِ ، فَانْسَلَخْنَا بِلَجَاجِنَا عَنْ قَلِيلِنَا وَ كَثِيرِنَا، فَادْعُ اَللَّهَ لَنَا بِسَعَةِ اَلرِّزْقِ. فَقَالَ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): وَيَحْكُمْ مَا أَعْمَى قُلُوبَكُمْ! أَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ اَلْفَتَى صَاحِبِ اَلْبَقَرَةِ، وَ مَا أَوْرَثَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنَ اَلْغِنَى؟ أَ وَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ اَلْمَقْتُولِ اَلْمَنْشُورِ، وَ مَا أَثْمَرَ لَهُ مِنَ اَلْعُمُرِ اَلطَّوِيلِ وَ اَلسَّعَادَةِ وَ اَلتَّنَعُّمِ بِحَوَاسِّهِ وَ سَائِرِ بَدَنِهِ وَ عَقْلِهِ؟ لِمَ لاَ تَدْعُونَ اَللَّهَ بِمِثْلِ دُعَائِهِمَا، أَوْ تَتَوَسَّلُونَ إِلَى اَللَّهِ بِمِثْلِ تَوَسُّلِهِمَا إِلَيْهِ، لِيَسُدَّ فَاقَتَكُمْ، وَ يَجْبُرَ كَسْرَكُمْ، وَ يَسُدَّ خَلَّتَكُمْ؟ فَقَالُوا: اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ اِلْتَجَأْنَا ، وَ عَلَى فَضْلِكَ اِعْتَمَدْنَا، فَأَزِلْ فَقْرَنَا وَ سُدَّ خَلَّتَنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ . فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى ، قُلْ لَهُمْ لِيَذْهَبَ رُؤَسَاؤُهُمْ إِلَى خَرِبَةِ بَنِي فُلاَنٍ، وَ يَكْشِفُوا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا لِمَوْضِعٍ عَيَّنَهُ وَجْهَ أَرْضِهَا قَلِيلاً، وَ يَسْتَخْرِجُوا مَا هُنَاكَ، فَإِنَّهُ عَشَرَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِينَارٍ، لِيَرُدُّوا عَلَى كُلِّ مَنْ دَفَعَ فِي ثَمَنِ هَذِهِ اَلْبَقَرَةِ مَا دَفَعَ، لِتَعُودَ أَحْوَالُهُمْ إِلَى مَا كَانَتْ، ثُمَّ لْيَتَقَاسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ، وَ هُوَ خَمْسَةُ آلاَفِ أَلْفٍ، عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ اَلْمِحْنَةِ، لِتَتَضَاعَفَ أَمْوَالُهُمْ، جَزَاءً عَلَى تَوَسُّلِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ اِعْتِقَادِهِمْ لِتَفْضِيلِهِمْ. فَذَلِكَ مَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّٰارَأْتُمْ فِيهٰا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهَا وَ تَدَارَأْتُمْ، أَلْقَى بَعْضُكُمُ اَلذَّنْبَ فِي قَتْلِ اَلْمَقْتُولِ عَلَى بَعْضٍ، وَ دَرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ اَللّٰهُ مُخْرِجٌ مُظْهِرٌ مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ اَلْقَاتِلِ، وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ إِرَادَةِ تَكْذِيبِ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، بِاقْتِرَاحِكُمْ عَلَيْهِ مَا قَدَّرْتُمْ أَنَّ رَبَّهُ لاَ يُجِيبُهُ إِلَيْهِ. فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا بِبَعْضِ اَلْبَقَرَةِ كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ كَمَا أَحْيَا اَلْمَيِّتَ بِمُلاَقَاةِ مَيِّتٍ آخَرَ: أَمَّا فِي اَلدُّنْيَا فَيُلاَقِي مَاءُ اَلرَّجُلِ مَاءَ اَلْمَرْأَةِ، فَيُحْيِي اَللَّهُ اَلَّذِي كَانَ فِي اَلْأَصْلاَبِ وَ اَلْأَرْحَامِ حَيّاً، وَ أَمَّا فِي اَلْآخِرَةِ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُنَزِّلُ بَيْنَ نَفْخَتَيِ اَلصُّورِ، بَعْدَ مَا يُنْفَخُ اَلنَّفْخَةُ اَلْأُولَى مِنْ دُوَيْنِ اَلسَّمَاءِ اَلدُّنْيَا، مِنَ اَلْبَحْرِ اَلْمَسْجُورِ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلْبَحْرِ اَلْمَسْجُورِ وَ هُوَ مَنِيٌّ كَمَنِيِّ اَلرَّجُلِ، فَيُمْطَرُ ذَلِكَ عَلَى اَلْأَرْضِ، فَيَلْقَى اَلْمَاءُ اَلْمَنِيُّ مَعَ اَلْأَمْوَاتِ اَلْبَالِيَةِ، فَيَنْبُتُونَ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ يَحْيَوْنَ. قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ سَائِرَ آيَاتِهِ سِوَى هَذِهِ اَلدَّلاَلاَتِ عَلَى تَوْحِيدِهِ، وَ نُبُوَّةِ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) نَبِيِّهِ، وَ فَضْلَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى اَلْخَلاَئِقِ، سَيِّدِ إِمَائِهِ وَ عَبِيدِهِ، وَ تَبْيِينَ فَضْلِهِ وَ فَضْلِ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِ اَللَّهِ أَجْمَعِينَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ تَتَفَكَّرُونَ أَنَّ اَلَّذِي يَفْعَلُ هَذِهِ اَلْعَجَائِبَ لاَ يَأْمُرُ اَلْخَلْقَ إِلاَّ بِالْحِكْمَةِ، وَ لاَ يَخْتَارُ مُحَمَّداً إِلاَّ وَ هُمْ أَفْضَلُ ذَوِي اَلْأَلْبَابِ».
32,8508 / _2 اِبْنُ بَابَوَيْهِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ اَلْكُمُنْدَانِيُّ ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: «إِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلَ قَرَابَةً لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَهُ وَ طَرَحَهُ عَلَى طَرِيقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ بِدَمِهِ. فَقَالُوا 32لِمُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنَّ سِبْطَ آلِ فُلاَنٍ قَتَلُوا فُلاَناً، فَأَخْبِرْنَا مَنْ قَتَلَهُ. قَالَ: اِئْتُونِي بِبَقَرَةٍ. قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً قٰالَ أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَيِّ بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ، وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ يَعْنِي لاَ صَغِيرَةٌ وَ لاَ كَبِيرَةٌ عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَيِّ بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ، وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ ، وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ*`قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ . فَطَلَبُوهَا، فوجودها فَوُجَدُوهَا عِنْدَ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَقَالَ: لاَ أَبِيعُهَا إِلاَّ بِمِلْءِ مِسْكٍ ذَهَباً. فَجَاءُوا إِلَى مُوسَى، وَ قَالُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: اِشْتَرُوهَا. فَاشْتَرَوْهَا وَ جَاءُوا بِهَا، فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يَضْرِبُوا اَلْمَيِّتَ بِذَنَبِهَا، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَيِيَ اَلْمَقْتُولُ، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، إِنَّ اِبْنَ عَمِّي قَتَلَنِي دُونَ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ قَتْلِي؛ فَعَلِمُوا بِذَلِكَ قَاتِلَهُ. فَقَالَ لِرَسُولِ اَللَّهِ مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَهَا نَبَأٌ. فَقَالَ: وَ مَا هُوَ؟ قَالُوا: إِنَّ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ بَارّاً بِأَبِيهِ، وَ إِنَّهُ اِشْتَرَى بَيْعاً فَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ وَ اَلْأَقَالِيدُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ، فَتَرَكَ ذَلِكَ اَلْبَيْعَ، فَاسْتَيْقَظَ أَبُوهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ، خُذْ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ فَهِيَ لَكَ عِوَضاً لِمَا فَاتَكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : اُنْظُرْ إِلَى اَلْبِرِّ مَا بَلَغَ أَهْلَهُ!».
32,6509 / _3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «إِنَّ رَجُلاً مِنْ خِيَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ عُلَمَائِهِمْ خَطَبَ اِمْرَأَةً مِنْهُمْ فَأَنْعَمَتْ لَهُ، وَ خَطَبَهَا اِبْنُ عَمٍّ لِذَلِكَ اَلرَّجُلِ، وَ كَانَ فَاسِقاً رَدِيئاً، فَلَمْ يُنْعِمُوا لَهُ، فَحَسَدَ اِبْنَ عَمِّهِ اَلَّذِي أَنْعَمُوا لَهُ ، فَقَعَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ غِيلَةً، ثُمَّ حَمَلَهُ إِلَى 32مُوسَى . فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، هَذَا اِبْنُ عَمِّي قَدْ قُتِلَ. قَالَ 32مُوسَى : مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي. وَ كَانَ اَلْقَتْلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيماً جِدّاً، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى 32مُوسَى ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، فَقَالُوا: مَا تَرَى، يَا نَبِيَّ اَللَّهِ؟ وَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ لَهُ بَقَرَةٌ، وَ كَانَ لَهُ اِبْنٌ بَارٌّ، وَ كَانَ عِنْدَ اِبْنِهِ سِلْعَةٌ، فَجَاءَ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ سِلْعَتَهُ، وَ كَانَ مِفْتَاحُ بَيْتِهِ تَحْتَ رَأْسِ أَبِيهِ، وَ كَانَ نَائِماً، فَكَرِهَ اِبْنُهُ أَنْ يُنَبِّهَهُ وَ يُنَغِّصَ عَلَيْهِ نَوْمَهُ، فَانْصَرَفَ اَلْقَوْمُ وَ لَمْ يَشْتَرُوا سِلْعَتَهُ. فَلَمَّا اِنْتَبَهَ أَبُوهُ، قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، مَاذَا صَنَعْتَ فِي سِلْعَتِكَ؟ قَالَ: هِيَ قَائِمَةٌ لَمْ أَبِعْهَا، لِأَنَّ اَلْمِفْتَاحَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِكَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَكَ، وَ أُنَغِّصَ عَلَيْكَ نَوْمَكَ. قَالَ لَهُ أَبُوهُ: قَدْ جَعَلْتُ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَكَ، عِوَضاً عَمَّا فَاتَكَ مِنْ رِبْحِ سِلْعَتِكَ؛ وَ شَكَرَ اَللَّهُ لاِبْنِهِ مَا فَعَلَ بِأَبِيهِ. فَأَمَرَ 32مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَنْ يَذْبَحُوا تِلْكَ اَلْبَقَرَةَ بِعَيْنِهَا، فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا إِلَى 32مُوسَى ، وَ بَكَوْا وَ ضَجُّوا، قَالَ لَهُمْ 32مُوسَى : إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَعَجَّبُوا قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً نَأْتِيكَ بِقَتِيلٍ، فَتَقُولُ: اِذْبَحُوا بَقَرَةً! فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى : أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ اَلْفَارِضُ: اَلَّتِي قَدْ ضَرَبَهَا اَلْفَحْلُ، وَ لَمْ تَحْمِلْ؛ وَ اَلْبِكْرُ: اَلَّتِي لَمْ يَضْرِبْهَا اَلْفَحْلُ. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا أَيْ شَدِيدَةُ اَلصُّفْرَةِ تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ إِلَيْهَا. قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ*`قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ أَيْ لَمْ تُذَلَّلْ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ أَيْ وَ لاَ تَسْقِي اَلزَّرْعَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا أَيْ لاَ بَقَعَ فِيهَا إِلاَّ اَلصُّفْرَةُ. قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ هِيَ بَقَرَةُ فُلاَنٍ، فَذَهَبُوا لِيَشْتَرُوهَا، فَقَالَ: لاَ أَبِيعُهَا إِلاَّ بِمِلْءِ جِلْدِهَا ذَهَباً. فَرَجَعُوا إِلَى 32مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى : لاَ بُدَّ لَكُمْ مِنْ ذَبْحِهَا بِعَيْنِهَا؛ فَاشْتَرَوْهَا بِمِلْءِ جِلْدِهَا ذَهَباً، فَذَبَحُوهَا، ثُمَّ قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا، يَا نَبِيَّ اَللَّهِ. فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: قُلْ لَهُمْ: اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا وَ قُولُوا: مَنْ قَتَلَكَ؟ فَأَخَذُوا اَلذَّنَبَ فَضَرَبُوهُ بِهِ، وَ قَالُوا: مَنْ قَتَلَكَ يَا فُلاَنُ؟ فَقَالَ: فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، اِبْنُ عَمِّي اَلَّذِي جَاءَ بِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ: فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ».
32,13,11140 قَالَ اَلْإِمَامُ : قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَهُودِ اَلْمَدِينَةِ : وَ اُذْكُرُوا « إِذْ قٰالَ 32مُوسىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً » تَضْرِبُونَ بِبَعْضِهَا هَذَا اَلْمَقْتُولَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لِيَقُومَ حَيّاً سَوِيّاً بِإِذْنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ يُخْبِرَكُمْ بِقَاتِلِهِ. وَ ذَلِكَ حِينَ أُلْقِيَ اَلْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَأَلْزَمَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَهْلَ اَلْقَبِيلَةِ بِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْ أَمَاثِلِهِمْ بِاللَّهِ اَلْقَوِيِّ اَلشَّدِيدِ إِلَهِ[ 32مُوسَى وَ] بَنِي إِسْرَائِيلَ ، مُفَضِّلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ عَلَى اَلْبَرَايَا أَجْمَعِينَ [إِنَّا] مَا قَتَلْنَاهُ، وَ لاَ عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلاً، فَإِنْ حَلَفُوا بِذَلِكَ غَرِمُوا دِيَةَ اَلْمَقْتُولِ، وَ إِنْ نَكَلُوا نَصُّوا عَلَى اَلْقَاتِلِ أَوْ أَقَرَّ اَلْقَاتِلُ فَيُقَادُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا حُبِسُوا فِي مَحْبَسٍ ضَنْكٍ إِلَى أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا أَوْ يَشْهَدُوا عَلَى اَلْقَاتِلِ. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ أَ مَا وَقَتْ أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا وَ [لاَ] أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا قَالَ: لاَ، هَكَذَا حَكَمَ اَللَّهُ. وَ كَانَ اَلسَّبَبُ: أَنَّ اِمْرَأَةً حَسْنَاءَ ذَاتَ جَمَالٍ وَ خَلْقٍ كَامِلٍ، وَ فَضْلٍ بَارِعٍ، وَ نَسَبٍ شَرِيفٍ وَ سَتْرٍ ثَخِينٍ كَثُرَ خُطَّابُهَا، وَ كَانَ لَهَا بَنُو أَعْمَامٍ ثَلاَثَةٍ، فَرَضِيَتْ بِأَفْضَلِهِمْ عِلْماً وَ أَثْخَنِهِمْ سِتْراً، وَ أَرَادَتِ اَلتَّزْوِيجَ بِهِ، فَاشْتَدَّ حَسَدُ اِبْنَيْ عَمِّهِ اَلْآخَرَيْنِ لَهُ [غَيْظاً]، وَ غَبَطَاهُ عَلَيْهَا لِإِيثَارِهَا إِيَّاهُ فَعَمَدَا إِلَى اِبْنِ عَمِّهِمَا اَلْمَرْضِيِّ، فَأَخَذَاهُ إِلَى دَعْوَتِهِمَا، ثُمَّ قَتَلاَهُ وَ حَمَلاَهُ إِلَى مَحَلَّةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَكْثَرَ قَبِيلَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَلْقَيَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لَيْلاً. فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا اَلْقَتِيلَ هُنَاكَ، فَعُرِفَ حَالُهُ، فَجَاءَ اِبْنَا عَمِّهِ اَلْقَاتِلاَنِ لَهُ، فَمَزَّقَا [ثِيَابَهُمَا] عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَ حَثَيَا اَلتُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمَا، وَ اِسْتَعْدَيَا عَلَيْهِمْ، فَأَحْضَرَهُمْ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ سَأَلَهُمْ، فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوهُ أَوْ عَلِمُوا قَاتِلَهُ. فَقَالَ: فَحَكَمَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ اَلْحَادِثَةَ مَا عَرَفْتُمُوهُ فَالْتَزَمُوهُ. فَقَالُوا: يَا 32مُوسَى أَيُّ نَفْعٍ فِي أَيْمَانِنَا [لَنَا] إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا اَلْغَرَامَةَ اَلثَّقِيلَةَ أَمْ أَيُّ نَفْعٍ فِي غَرَامَتِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا اَلْأَيْمَانَ فَقَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كُلُّ اَلنَّفْعِ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ وَ اَلاِيتِمَارِ لِأَمْرِهِ، وَ اَلاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ غُرْمٌ ثَقِيلٌ وَ لاَ جِنَايَةَ لَنَا، وَ أَيْمَانٌ غَلِيظَةٌ وَ لاَ حَقَّ فِي رِقَابِنَا [لَوْ] أَنَّ اَللَّهَ عَرَّفَنَا قَاتِلَهُ بِعَيْنِهِ، وَ كَفَانَا مَئُونَتَهُ، فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا هَذَا اَلْقَاتِلَ لِتَنْزِلَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ اَلْعِقَابِ، وَ يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ لِذَوِي اَلْأَلْبَابِ. فَقَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَيَّنَ مَا أَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا، فَلَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ، وَ لاَ أَعْتَرِضُ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَ. أَ لاَ تَرَوْنَ أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ اَلْعَمَلَ فِي يَوْمِ اَلسَّبْتِ ، وَ حَرَّمَ لَحْمَ اَلْجَمَلِ لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقْتَرِحَ عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَ لَهُ حُكْمَهُ، وَ نَلْتَزِمَ مَا أَلْزَمَنَا، وَ هَمَّ بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِالَّذِي كَانَ يَحْكُمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي مِثْلِ حَادِثِهِمْ فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى أَجِبْهُمْ إِلَى مَا اِقْتَرَحُوا، وَ سَلْنِي أَنْ أُبَيِّنَ لَهُمُ اَلْقَاتِلَ لِيُقْتَلَ، وَ يَسْلَمَ غَيْرُهُ مِنَ اَلتُّهَمَةِ وَ اَلْغَرَامَةِ، فَإِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا اِقْتَرَحُوا تَوْسِعَةَ اَلرِّزْقِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِكَ، دِينُهُ اَلصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ اَلتَّفْضِيلُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٍّ بَعْدَهُ عَلَى سَائِرِ اَلْبَرَايَا، أُغْنِيهِ فِي اَلدُّنْيَا فِي هَذِهِ اَلْقَضِيَّةِ، لِيَكُونَ بَعْضَ ثَوَابِهِ عَنْ تَعْظِيمِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ . فَقَالَ 32مُوسَى : يَا رَبِّ بَيِّنْ لَنَا قَاتِلَهُ. فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ اَللَّهَ يُبَيِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً، فَتَضْرِبُوا بِبَعْضِهَا اَلْمَقْتُولَ فَيَحْيَا فَتُسْلِمُونَ لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ ذَلِكَ، وَ إِلاَّ فَكُفُّوا عَنِ اَلْمَسْأَلَةِ، وَ اِلْتَزِمُوا ظَاهِرَ حُكْمِي. فَذَلِكَ مَا حَكَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « وَ إِذْ قٰالَ 32مُوسىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ » أَيْ سَيَأْمُرُكُمْ « أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً » إِنْ أَرَدْتُمُ اَلْوُقُوفَ عَلَى اَلْقَاتِلِ، وَ تَضْرِبُوا اَلْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا لِيَحْيَا وَ يُخْبِرَ بِالْقَاتِلِ « قٰالُوا » يَا 32مُوسَى « أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً » [وَ] سُخْرِيَّةً تَزْعُمُ أَنَّ اَللَّهَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَذْبَحَ بَقَرَةً، وَ نَأْخُذَ قِطْعَةً مِنْ مَيِّتٍ، وَ نَضْرِبَ بِهَا مَيِّتاً، فَيَحْيَا أَحَدُ اَلْمَيِّتَيْنِ بِمُلاَقَاةِ بَعْضِ اَلْمَيِّتِ اَلْآخَرِ [لَهُ]، فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا « قٰالَ » 32مُوسَى « أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ » أَنْسُبُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَقُلْ لِي، وَ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجَاهِلِينَ، أُعَارِضَ أَمْرَ اَللَّهِ بِقِيَاسِي عَلَى مَا شَاهَدْتُ، دَافِعاً لِقَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمْرِهِ. ثُمَّ قَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَ وَ لَيْسَ مَاءُ اَلرَّجُلِ نُطْفَةً مَيِّتَةً، وَ مَاءُ اَلْمَرْأَةِ كَذَلِكَ، مَيِّتَانِ يَلْتَقِيَانِ فَيُحْدِثُ اَللَّهُ تَعَالِي مِنِ اِلْتِقَاءِ اَلْمَيِّتَيْنِ بَشَراً حَيّاً سَوِيّاً أَ وَ لَيْسَ بُذُورُكُمُ اَلَّتِي تَزْرَعُونَهَا فِي أَرَضِيكُمْ تَتَفَسَّخُ وَ تَتَعَفَّنُ وَ هِيَ مَيْتَةٌ، ثُمَّ يُخْرِجُ اَللَّهُ مِنْهَا هَذِهِ اَلسَّنَابِلَ اَلْحَسَنَةَ اَلْبَهِيجَةَ وَ هَذِهِ اَلْأَشْجَارَ اَلْبَاسِقَةَ اَلْمُونِقَةَ فَلَمَّا بَهَرَهُمْ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ « قٰالُوا » لَهُ: يَا 32مُوسَى « اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ » [أَيْ] مَا صِفَتُهَا لِنَقِفَ عَلَيْهَا. فَسَأَلَ 32مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ: « إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ » كَبِيرَةٌ « وَ لاٰ بِكْرٌ » صَغِيرَةٌ [لَمْ تُغْبَطْ] « عَوٰانٌ » وَسَطٌ « بَيْنَ ذٰلِكَ » بَيْنَ اَلْفَارِضِ وَ اَلْبِكْرِ « فَافْعَلُوا مٰا تُؤْمَرُونَ » إِذَا أُمِرْتُمْ بِهِ. « قٰالُوا » يَا 32مُوسَى « اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا » أَيْ لَوْنُ هَذِهِ اَلْبَقَرَةِ اَلَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَنَا بِذَبْحِهَا. قَالَ[ 32مُوسَى ] عَنِ اَللَّهِ بَعْدَ اَلسُّؤَالِ وَ اَلْجَوَابِ « إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ » حَسَنُ اَلصُّفْرَةِ لَيْسَ بِنَاقِصٍ يَضْرِبُ إِلَى اَلْبَيَاضِ، وَ لاَ بِمُشْبَعٍ يَضْرِبُ إِلَى اَلسَّوَادِ « لَوْنُهٰا » هَكَذَا فَاقِعٌ « تَسُرُّ » اَلْبَقَرَةُ « اَلنّٰاظِرِينَ » إِلَيْهَا لِبَهْجَتِهَا وَ حُسْنِهَا وَ بَرِيقِهَا. « قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ » مَا صِفَتُهَا [يَزِيدُ فِي صِفَتِهَا]. « قٰالَ » عَنِ اَللَّهِ تَعَالَى « إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ » لَمْ تُذَلَّلْ لِإِثَارَةِ اَلْأَرْضِ وَ لَمْ تُرَضَّ بِهَا « وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ » وَ لاَ هِيَ مِمَّا تَجُرُّ اَلدِّلاَءَ، وَ لاَ تُدِيرُ اَلنَّوَاعِيرَ قَدْ أُعْفِيَتْ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ « مُسَلَّمَةٌ » مِنَ اَلْعُيُوبِ كُلِّهَا، لاَ عَيْبَ فِيهَا « لاٰ شِيَةَ فِيهٰا » لاَ لَوْنَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا. فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ اَلصِّفَاتِ قَالُوا: يَا 32مُوسَى [أَ] فَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا قَالَ: بَلَى. وَ لَمْ يَقُلْ 32مُوسَى فِي اَلاِبْتِدَاءِ إِنَّ اَللَّهَ قَدْ أَمَرَكُمْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنَّ اَللَّهَ أَمَرَكُمْ لَكَانُوا إِذَا قَالُوا: اُدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ وَ مَا لَوْنُهَا [وَ مَا هِيَ] كَانَ لاَ يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَهُذَلِكَعَزَّ وَ جَلَّ، وَ لَكِنْ كَانَ يُجِيبُهُمْ هُوَ بِأَنْ يَقُولَ: أَمَرَكُمْ بِبَقَرَةٍ، فَأَيُّ شَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اِسْمُ بَقَرَةٍ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا. قَالَ: فَلَمَّا اِسْتَقَرَّ اَلْأَمْرُ إِلَيْهِمْ، طَلَبُوا هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ فَلَمْ يَجِدُوهَا إِلاَّ عِنْدَ شَابٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَاهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَنَامِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ طَيِّبِي ذُرِّيَّتِهِمَا، فَقَالاَ لَهُ: إِنَّكَ كُنْتَ لَنَا [وَلِيّاً] مُحِبّاً وَ مُفَضِّلاً، وَ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسُوقَ إِلَيْكَ بَعْضَ جَزَائِكَ فِي اَلدُّنْيَا، فَإِذَا رَامُوا شِرَاءَ بَقَرَتِكَ فَلاَ تَبِعْهَا إِلاَّ بِأَمْرِ أُمِّكَ، فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُلَقِّنُهَا مَا يُغْنِيكَ بِهِ وَ عَقِبَكَ. فَفَرِحَ اَلْغُلاَمُ، وَ جَاءَهُ اَلْقَوْمُ يَطْلُبُونَ بَقَرَتَهُ، فَقَالُوا: بِكَمْ تَبِيعُ بَقَرَتَكَ هَذِهِ قَالَ: بِدِينَارَيْنِ، وَ اَلْخِيَارُ لِأُمِّي. قَالُوا: قَدْ رَضِينَا [بِدِينَارٍ] فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: بِأَرْبَعَةٍ. فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا: نُعْطِيكَ دِينَارَيْنِ. فَأَخْبَرَ أُمَّهُ، فَقَالَتْ: بِثَمَانِيَةٍ . فَمَا زَالُوا يَطْلُبُونَ عَلَى اَلنِّصْفِ مِمَّا تَقُولُ أُمُّهُ، وَ يَرْجِعُ إِلَى أُمِّهِ، فَتُضْعِفُ اَلثَّمَنَ حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُهَا مِلْءَ مَسْكِ ثَوْرٍ أَكْبَرَ مَا يَكُونُ مِلْؤُهُ دَنَانِيرَ، فَأَوْجَبَ لَهُمُ اَلْبَيْعَ. ثُمَّ ذَبَحُوهَا، وَ أَخَذُوا قِطْعَةً وَ هِيَ عَجُزُ اَلذَّنَبِ اَلَّذِي مِنْهُ خُلِقَ اِبْنُ آدَمَ، وَ عَلَيْهِ يَرْكَبُ إِذَا أُعِيدَ خَلْقاً جَدِيداً، فَضَرَبُوهُ بِهَا، وَ قَالُوا: اَللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ لَمَّا أَحْيَيْتَ هَذَا اَلْمَيِّتَ، وَ أَنْطَقْتَهُ لِيُخْبِرَنَا عَنْ قَاتِلِهِ. فَقَامَ سَالِماً سَوِيّاً وَ قَالَ: [يَا نَبِيَّ اَللَّهِ] قَتَلَنِي هَذَانِ اِبْنَا عَمِّي، حَسَدَانِي عَلَى بِنْتِ عَمِّي فَقَتَلاَنِي، وَ أَلْقَيَانِي فِي مَحَلَّةِ هَؤُلاَءِ لِيَأْخُذَا دِيَتِي [مِنْهُمْ]. فَأَخَذَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُمَا، وَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ اَلْمَيِّتُ ضَرَبَ بِقِطْعَةٍ مِنَ اَلْبَقَرَةِ فَلَمْ يُحْيَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنَا عَنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : [قَدْ] صَدَقْتُ، وَ ذَلِكَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى إِنِّي لاَ أُخْلِفُ وَعْدِي، وَ لَكِنْ لِيُقَدِّمُوا لِلْفَتَى ثَمَنَ بَقَرَتِهِ مِلْءَ مَسْكِهَا دَنَانِيرَ ثُمَّ أُحْيِيَ هَذَا. فَجَمَعُوا أَمْوَالَهُمْ، فَوَسَّعَ اَللَّهُ جِلْدَ اَلثَّوْرِ حَتَّى وُزِنَ مَا مُلِئَ بِهِ جِلْدُهُ فَبَلَغَ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِينَارٍ. فَقَالَ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ 32لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ اَلْمَقْتُولِ اَلْمَنْشُورِ اَلْمَضْرُوبِ بِبَعْضِ اَلْبَقَرَةِ: لاَ نَدْرِي أَيُّهُمَا أَعْجَبُ: إِحْيَاءُ اَللَّهِ هَذَا وَ إِنْطَاقُهُ بِمَا نَطَقَ أَوْ إِغْنَاؤُهُ لِهَذَا اَلْفَتَى بِهَذَا اَلْمَالِ اَلْعَظِيمِ! فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ : مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ أُطَيِّبَ فِي اَلدُّنْيَا عَيْشَهُ، وَ أُعِظَّمَ فِي جَنَّاتِي مَحَلَّهُ، وَ أَجْعَلَ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ فِيهَا مُنَادَمَتَهُ، فَلْيَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ هَذَا اَلْفَتَى، أَنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ 32مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا اَلطَّيِّبِينَ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ مُصَلِّياً، وَ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ اَلْخَلاَئِقِ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ مُفَضِّلاً، فَلِذَلِكَ صَرَفْتُ إِلَيْهِ هَذَا اَلْمَالَ اَلْعَظِيمَ لِيَتَنَعَّمَ بِالطَّيِّبَاتِ وَ يَتَكَرَّمَ بِالْهِبَاتِ وَ اَلصِّلاَتِ، وَ يَتَحَبَّبَ بِمَعْرُوفِهِ إِلَى ذَوِي اَلْمَوَدَّاتِ، وَ يَكْبِتَ بِنَفِقَاتِهِ ذَوِي اَلْعَدَاوَاتِ. قَالَ اَلْفَتَى: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ كَيْفَ أَحْفَظُ هَذِهِ اَلْأَمْوَالَ أَمْ كَيْفَ أَحْذَرُ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ يُعَادِينِي فِيهَا، وَ حَسَدِ مَنْ يَحْسُدُنِي لِأَجْلِهَا قَالَ: قُلْ عَلَيْهَا مِنَ اَلصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ مَا كُنْتَ تَقُولُهُ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهَا، فَإِنَّ اَلَّذِي رَزَقَكَهَا بِذَلِكَ اَلْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ اَلاِعْتِقَادِ يَحْفَظُهَا عَلَيْكَ أَيْضاً (بِهَذَا اَلْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ اَلاِعْتِقَادِ) . فَقَالَهَا اَلْفَتَى فَمَا رَامَهَا حَاسِدٌ [لَهُ] لِيُفْسِدَهَا، أَوْ لِصُّ لِيَسْرِقَهَا، أَوْ غَاصِبٌ لِيَغْصِبَهَا، إِلاَّ دَفَعَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا بِلُطْفٍ مِنْ أَلْطَافِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ ظُلْمِهِ اِخْتِيَاراً أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِآفَةٍ أَوْ دَاهِيَةٍ حَتَّى يَكُفَّهُ عَنْهُ، فَيَكُفُّ اِضْطِرَاراً. [قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:] فَلَمَّا قَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِلْفَتَى ذَلِكَ وَ صَارَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ لِمَقَالَتِهِحَافِظاً، قَالَ هَذَا اَلْمَنْشُورُ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ هَذَا اَلْفَتَى مِنَ اَلصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ وَ اَلتَّوَسُّلِ بِهِمْ أَنْ تُبْقِيَنِي فِي اَلدُّنْيَا مُتَمَتِّعاً بِابْنَةِ عَمِّي وَ تَجْزِيَ عَنِّي أَعْدَائِي وَ حُسَّادِي، وَ تَرْزُقَنِي فِيهَا [خَيْراً] كَثِيراً طَيِّباً. فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى إِنَّهُ كَانَ لِهَذَا اَلْفَتَى اَلْمَنْشُورِ بَعْدَ اَلْقَتْلِ سِتُّونَ سَنَةً، وَ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ بِمَسْأَلَتِهِ وَ تَوَسُّلِهِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ سَبْعِينَ سَنَةً تَمَامَ مِائَةٍ وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً صَحِيحَةٌ حَوَاسُّهُ، ثَابِتٌ فِيهَا جَنَانُهُ، قَوِيَّةٌ فِيهَا شَهَوَاتُهُ، يَتَمَتَّعُ بِحَلاَلِ هَذِهِ اَلدُّنْيَا وَ يَعِيشُ وَ لاَ يُفَارِقُهَا وَ لاَ تُفَارِقُهُ، فَإِذَا حَانَ حِينُهُ [حَانَ حِينُهَا] وَ مَاتَا جَمِيعاً [مَعاً] فَصَارَا إِلَى جِنَانِي، وَ كَانَا زَوْجَيْنِ فِيهَا نَاعِمَيْنِ. وَ لَوْ سَأَلَنِي يَا 32مُوسَى هَذَا اَلشَّقِيُّ اَلْقَاتِلُ بِمِثْلِ مَا تَوَسَّلَ بِهِ هَذَا اَلْفَتَى عَلَى صِحَّةِ اِعْتِقَادِهِ أَنْ أَعْصِمَهُ مِنَ اَلْحَسَدِ وَ أُقْنِعَهُ بِمَا رَزَقْتُهُ وَ ذَلِكَ هُوَ اَلْمُلْكُ اَلْعَظِيمُ لَفَعَلْتُ. وَ لَوْ سَأَلَنِي بِذَلِكَ مَعَ اَلتَّوْبَةِ مِنْ صُنْعِهِ أَنْ لاَ أُفْضِحَهُ لَمَا فَضَحْتُهُ، وَ لَصَرَفْتُ هَؤُلاَءِ عَنِ اِقْتِرَاحِ إِبَانَةِ اَلْقَاتِلِ، وَ لَأَغْنَيْتُ هَذَا اَلْفَتَى مِنْ غَيْرِ [هَذَا اَلْوَجْهِ بِقَدْرِ] هَذَا اَلْمَالِ أُوجِدُهُ وَ لَوْ سَأَلَنِي بَعْدَ مَا اِفْتَضَحَ، وَ تَابَ إِلَيَّ، وَ تَوَسَّلَ بِمِثْلِ وَسِيلَةِ هَذَا اَلْفَتَى أَنْ أُنْسِيَ اَلنَّاسَ فِعْلَهُ بَعْدَ مَا أَلْطُفُ لِأَوْلِيَائِهِ فَيَعْفُونَهُ عَنِ اَلْقِصَاصِ لَفَعَلْتُ، فَكَانَ لاَ يُعَيِّرُهُ بِفِعْلِهِ أَحَدٌ وَ لاَ يَذْكُرُهُ فِيهِمْ ذَاكِرٌ، وَ لَكِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ، وَ أَنَا ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ وَ أَعْدَلُ بِالْمَنْعِ عَلَى مَنْ أَشَاءُ، وَ أَنَا اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ. فَلَمَّا ذَبَحُوهَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: « فَذَبَحُوهٰا وَ مٰا كٰادُوا يَفْعَلُونَ » فَأَرَادُوا أَنْ لاَ يَفْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِظَمِ ثَمَنِ اَلْبَقَرَةِ، وَ لَكِنَّ اَللَّجَاجَ حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَ اِتِّهَامَهُمْ 32لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَدَأَهُمْ عَلَيْهِ. [قَالَ:] فَضَجُّوا إِلَى 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالُوا: اِفْتَقَرَتِ اَلْقَبِيلَةُ وَ دُفِعَتْ إِلَى اَلتَّكَفُّفِ وَ اِنْسَلَخْنَا بِلَجَاجِنَا عَنْ قَلِيلِنَا وَ كَثِيرِنَا فَادْعُ اَللَّهَ لَنَا بِسَعَةِ اَلرِّزْقِ. فَقَالَ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَيْحَكُمْ مَا أَعْمَى قُلُوبَكُمْ أَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ اَلْفَتَى صَاحِبِ اَلْبَقَرَةِ وَ مَا أَوْرَثَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنَ اَلْغِنَى أَ وَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ [اَلْفَتَى] اَلْمَقْتُولِ اَلْمَنْشُورِ، وَ مَا أَثْمَرَ لَهُ مِنَ اَلْعُمُرِ اَلطَّوِيلِ وَ اَلسَّعَادَةِ وَ اَلتَّنَعُّمِ وَ اَلتَّمَتُّعِ بِحَوَاسِّهِ وَ سَائِرِ بَدَنِهِ وَ عَقْلِهِ لِمَ لاَ تَدْعُونَ اَللَّهَ تَعَالَى بِمِثْلِ دُعَائِهِمَا، وَ تَتَوَسَّلُونَ إِلَى اَللَّهِ بِمِثْلِ تَوَسُّلِهِمَا لِيَسُدَّ فَاقَتَكُمْ، وَ يَجْبُرَ كَسْرَكُمْ، وَ يَسُدَّ خَلَّتَكُمْ فَقَالُوا: اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ اِلْتَجَأْنَا، وَ عَلَى فَضْلِكَ اِعْتَمَدْنَا، فَأَزِلْ فَقْرَنَا وَ سُدَّ خَلَّتَنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ. فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: يَا 32مُوسَى قُلْ لَهُمْ: لِيَذْهَبَ رُؤَسَاؤُهُمْ إِلَى خَرِبَةِ بَنِي فُلاَنٍ، وَ يَكْشِفُوا فِي مَوْضِعِ كَذَالِمَوْضِعٍ عَيَّنَهُوَجْهَ أَرْضِهَا قَلِيلاً، ثُمَّ يَسْتَخْرِجُوا مَا هُنَاكَ، فَإِنَّهُ عَشَرَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِينَارٍ، لِيَرُدُّوا عَلَى كُلِّ مَنْ دَفَعَ فِي ثَمَنِ هَذِهِ اَلْبَقَرَةِ مَا دَفَعَ، لِتَعُودَ أَحْوَالُهُمْ إِلَى مَا كَانَتْ [عَلَيْهِ] ثُمَّ لْيَتَقَاسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ وَ هُوَ خَمْسَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ اَلْمِحْنَةِ لِتَتَضَاعَفَ أَمْوَالُهُمْ جَزَاءً عَلَى تَوَسُّلِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ اِعْتِقَادِهِمْ لِتَفْضِيلِهِمْ. فَذَلِكَ مَا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّٰارَأْتُمْ فِيهٰا » اِخْتَلَفْتُمْ فِيهَا وَ تَدَارَأْتُمْ، أَلْقَى بَعْضُكُمُ اَلذَّنْبَ فِي قَتْلِ اَلْمَقْتُولِ عَلَى بَعْضٍ، وَ دَرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ ذَوِيهِ « وَ اَللّٰهُ مُخْرِجٌ » مُظْهِرٌ « مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ » مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ اَلْقَاتِلِ، وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ إِرَادَةِ تَكْذِيبِ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِاقْتِرَاحِكُمْ عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُمْ أَنَّ رَبَّهُ لاَ يُجِيبُهُ إِلَيْهِ. « فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا » بِبَعْضِ اَلْبَقَرَةِ « كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ » فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ كَمَا أَحْيَا اَلْمَيِّتَ بِمُلاَقَاةِ مَيِّتٍ آخَرَ لَهُ. أَمَّا فِي اَلدُّنْيَا فَيُلاَقِي مَاءُ اَلرَّجُلِ مَاءَ اَلْمَرْأَةِ فَيُحْيِي اَللَّهُ اَلَّذِي كَانَ فِي اَلْأَصْلاَبِ وَ اَلْأَرْحَامِ حَيّاً. وَ أَمَّا فِي اَلْآخِرَةِ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ بَيْنَ نَفْخَتَيِ اَلصُّورِ بَعْدَ مَا يُنْفَخَ اَلنَّفْخَةُ اَلْأُولَى مِنْ دُوَيْنِ اَلسَّمَاءِ اَلدُّنْيَا مِنَ اَلْبَحْرِ اَلْمَسْجُورِ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى [فِيهِ]« وَ اَلْبَحْرِ اَلْمَسْجُورِ » وَ هِيَ مَنِيٌّ كَمَنِيِّ اَلرِّجَالِ، فَيَمْطُرُ ذَلِكَ عَلَى اَلْأَرْضِ فَيَلْقَى اَلْمَاءُ اَلْمَنِيُّ مَعَ اَلْأَمْوَاتِ اَلْبَالِيَةِ فَيَنْبُتُونَ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ يُحْيَوْنَ. ثُمَّ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ » سَائِرَ آيَاتِهِ سِوَى هَذِهِ اَلدَّلاَلاَتِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَ نُبُوَّةِ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَبِيِّهِ، وَ فَضْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى اَلْخَلاَئِقِ سَيِّدِ إِمَائِهِ وَ عَبِيدِهِ، وَ تَبْيِينِهِ فَضْلَهُ وَ فَضْلَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِ اَللَّهِ أَجْمَعِينَ. « لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » [تَعْتَبِرُونَ وَ تَتَفَكَّرُونَ] أَنَّ اَلَّذِي يَفْعَلُ هَذِهِ اَلْعَجَائِبَ لاَ يَأْمُرُ اَلْخَلْقَ إِلاَّ بِالْحِكْمَةِ، وَ لاَ يَخْتَارُ مُحَمَّداً وَ آلَهُ إِلاَّ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ ذَوِي اَلْأَلْبَابِ .
14 و اخرج الفريابي و سعيد بن منصور و ابن المنذر عن عكرمة يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم فقال لو ان بنى إسرائيل أخذوا ادنى بقرة فذبحوها أجزأت عنهم و لكنهم شددوا و لو لا أنهم قالوا إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ ما وجدوها
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ قال الفارض الهرمة و البكر الصغيرة و العوان النصف
14 و أخرج ابن أبى حاتم و ابن مردويه عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لولا ان بنى إسرائيل قالوا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ ما اعطوا أبدا و لو انهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزات عنهم و لكنهم شددوا فشدد الله عليهم
و أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله عز و جل لاٰ فٰارِضٌ قال الكبيرة الهرمة قال و هل تعرف العرب ذلك قال نعم اما سمعت الشاعر و هو يقول لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضا تساق اليه ما تقوم على رجل قال أخبرني عن قوله صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا قال الفاقع الصافي اللون من الصفرة قال و هل تعرف العرب ذلك قال نعم اما سمعت لبيد بن ربيعة و هو يقول سد ما قليلا عهدة بانيسه من بين اصفر فاقع و دفان
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن ابن عباس في قوله عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ قال بين الصغيرة و الكبيرة و هي أقوى ما يكون و أحسنه
و أخرج عبد بن حميد عن يحيى عن يعمر انه قرأ ان الباقر تشابه علينا و قال ان الباقر أكثر من البقر
و أخرج ابن أبى داود في المصاحف عن الأعمش قال في قراءتنا ان البقر متشابه علينا
و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن عباس في قوله صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا قال شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض
و اخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا قال صاف لونها تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ قال تعجب الناظرين
و اخرج ابن ابى حاتم و الطبراني و الخطيب و الديلمي عن ابن عباس قال من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها و ذلك قوله صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ
و اخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن جرير عن الحسن في قوله صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا قال سوداء شديدة السواد
و اخرج ابن أبى حاتم عن عكرمة انه قرأ ان الباقر تشابه علينا
امام صادق عليه السّلام مىفرمايد:مردى از نيكان و علماء بنى اسرائيل از زنى خواستگارى كرد،آن زن قبول كرده و خطبۀ عقد جارى شد،آن مرد پسر عمويى فاسق داشت كه او نيز از آن زن خواستگارى كرده بود ولى زن به او جواب رد داده بود،او به پسر عمويش حسد ورزيد،روزى در كمين پسر عمويش نشسته و او را كشت و سپس جنازۀ بىجان او را به نزد موسى عليه السّلام آورد و گفت:اى پيامبر خدا اين پسر عموى من است كه كشته شده است. موسى عليه السّلام فرمود:چه كسى او را كشته است؟ گفت:نمىدانم! نفسكشى در ميان بنى اسرائيل كارى بسيار...
1)حضرت امام حسن عسكرى عليه السّلام فرمود:خداوند عز و جل به يهوديان مدينه فرمود:و به ياد آريد: «إِذْ قٰالَ مُوسىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» و تكهاى از آن را بر اين شخصى كه در ميان شما كشته شده بزنيد تا به اذن خدا زنده و برپاشود و شما را از قاتل خود باخبر سازد و اين در زمانى بود كه آن كشته در ميان آنها افتاده بود.موسى عليه السّلام به امر خداوند،آنها را واداشت تا پنجاه نفر از بزرگانشان به خداوند نيرومند پرتوان،همان خداى قوم بنى اسرائيل كه محمّد صلّى اللّه...
2)ابن بابويه،از پدرش،از على بن موسى بن جعفر بن ابو جعفر كمندانى و محمّد بن يحيى عطار،از احمد بن محمّد بن عيسى،از احمد بن محمّد بن ابى نصر بزنطى روايت كرده است كه وى گفت:از حضرت امام رضا عليه السّلام شنيدم كه فرمود:مردى از قوم بنى اسرائيل يكى از بستگانش را به قتل رساند و او را بر سر راه بهترين قبيله بنى اسرائيل انداخت و سپس براى خونخواهى نزد آنها آمد.به موسى عليه السّلام گفتند:فلان خاندان فلان كس را كشتهاند،به ما بگو چه كسى او را كشته است؟2موسى عليه السّلام فرمود:گاوى براى من بياوريد. «قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا...
3)على بن ابراهيم،از پدرش،از ابن ابى عمير،از يكى از يارانش،از حضرت امام جعفر صادق عليه السّلام روايت كرده است كه ايشان فرمود:مردى از نيكان و عالمان بنى اسرائيل زنى از آنها را خواستگارى كرد و او پذيرفت.آن مرد پسر عمويى داشت كه او نيز از او خواستگارى كرده بود،ولى چون بدكردار و تبهكار بود،او را نپذيرفته بود.اين بدكار بر پسرعموى خود كه پذيرفته شده بود حسد ورزيد،پس در كمينش نشست و ناجوانمردانه او را بكشت و كشته را نزد موسى عليه السّلام برد و گفت:اى پيغمبر خدا!پسرعموى من به قتل رسيده است.موسى عليه...
14،11 قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ ما صفتها يزيد في صفتها إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ و في الحديث النبوي : لو لم يستثنوا لما بيّنت لهم آخر الأبد.
32,857 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلَ قَرَابَةً لَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَطَرَحَهُ عَلَى طَرِيقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ بِدَمِهِ فَقَالُوا 32لِمُوسَى : إِنَّ سِبْطَ آلِ فُلاَنٍ قَتَلَ فُلاَناً فَأَخْبِرْنَا مَنْ قَتَلَهُ فَقَالَ: اِيتُونِي بِبَقَرَةٍ « قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً قٰالَ أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ » قَالَ: وَ لَوْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ، « قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ » لاَ صَغِيرَةٌ وَ لاَ كَبِيرَةٌ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ، « قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ » وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ، « قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ `قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ » فَطَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا عِنْدَ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: لاَ أَبِيعُهَا إِلاَّ بِمِلْءِ مَسْكِهَا ذَهَباً، فَجَاءُوا إِلَى 32مُوسَى فَقَالُوا لَهُ: قَالَ: فَاشْتَرُوهَا قَالَ: فَقَالَ لِرَسُولِ اَللَّهِ 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَهَا نَبَأٌ فَقَالَ: وَ مَا هُوَ قَالَ: إِنَّ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ بَارّاً بِأَبِيهِ وَ إِنَّهُ اِشْتَرَى بَيْعاً فَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ وَ اَلْأَقَالِيدُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ فَتَرَكَ ذَلِكَ فَاسْتَيْقَظَ أَبُوهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ أَحْسَنْتَ فَخُذْ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ فَهِيَ لَكَ عِوَضٌ بِمَا فَاتَكَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اُنْظُرُوا إِلَى اَلْبِرِّ مَا بَلَغَ بِأَهْلِهِ .
32,6 قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِمْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ رَجُلاً مِنْ خِيَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ عُلَمَائِهِمْ، خَطَبَ اِمْرَأَةً مِنْهُمْ فَأَنْعَمَتْ لَهُ وَ خَطَبَهَا اِبْنُ عَمٍّ لِذَلِكَ اَلرَّجُلِ، وَ كَانَ فَاسِقاً رَدِيّاً فَلَمْ يُنْعِمُوا لَهُ، فَحَسَدَ اِبْنَ عَمِّهِ اَلَّذِي أَنْعَمُوا لَهُ، فَقَعَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ غِيلَةً، ثُمَّ حَمَلَهُ إِلَى 32مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ هَذَا اِبْنُ عَمِّي قَدْ قُتِلَ، قَالَ 32مُوسَى مَنْ قَتَلَهُ قَالَ لاَ أَدْرِي، وَ كَانَ اَلْقَتْلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيماً جِدّاً فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى 32مُوسَى فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا تَرَى يَا نَبِيَّ اَللَّهِ وَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ لَهُ بَقَرَةٌ وَ كَانَ لَهُ اِبْنٌ بَارٌّ، وَ كَانَ عِنْدَ اِبْنِهِ سِلْعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ سِلْعَتَهُ، وَ كَانَ مِفْتَاحُ بَيْتِهِ تَحْتَ رَأْسِ أَبِيهِ وَ كَانَ نَائِماً، وَ كَرِهَ اِبْنُهُ أَنْ يُنَبِّهَهُ وَ يُنْغِضَ عَلَيْهِ نَوْمَهُ، فَانْصَرَفَ اَلْقَوْمُ وَ لَمْ يَشْتَرُوا سِلْعَتَهُ، فَلَمَّا اِنْتَبَهَ أَبُوهُ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ مَا ذَا صَنَعْتَ فِي سِلْعَتِكَ قَالَ هِيَ قَائِمَةٌ لَمْ أَبِعْهَا لِأَنَّ اَلْمِفْتَاحَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِكَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَكَ وَ أُنْغِضَ عَلَيْكَ نَوْمَكَ، قَالَ لَهُ أَبُوهُ قَدْ جَعَلْتُ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَكَ، عِوَضاً عَمَّا فَاتَكَ مِنْ رِبْحِ سِلْعَتِكَ، وَ شَكَرَ اَللَّهُ لاِبْنِهِ مَا فَعَلَ بِأَبِيهِ، وَ أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَذْبَحُوا تِلْكَ اَلْبَقَرَةَ بِعَيْنِهَا، فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا إِلَى 32مُوسَى وَ بَكَوْا وَ ضَجُّوا، قَالَ لَهُمْ 32مُوسَى إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَعَجَّبُوا فَقَالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً نَأْتِيكَ بِقَتِيلٍ فَتَقُولُ اِذْبَحُوا بَقَرَةً، فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا فَقَالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ وَ اَلْفَارِضُ اَلَّتِي قَدْ ضَرَبَهَا اَلْفَحْلُ وَ لَمْ تَحْمِلْ، وَ اَلْبِكْرُ اَلَّتِي لَمْ يَضْرِبْهَا اَلْفَحْلُ قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا أَيْ شَدِيدَةُ اَلصُّفْرَةِ تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ `قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ `قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ أَيْ لَمْ تَذَلَّلْ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ أَيْ لاَ تَسْقِي اَلزَّرْعَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا أَيْ لاَ نُقَطَ فِيهَا إِلاَّ اَلصُّفْرَةَ قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهٰا وَ مٰا كٰادُوا يَفْعَلُونَ هِيَ بَقَرَةُ فُلاَنٍ فَذَهَبُوا لِيَشْتَرُوهَا، فَقَالَ لاَ أَبِيعُهَا إِلاَّ بِمِلْءِ جِلْدِهَا ذَهَباً، فَرَجَعُوا إِلَى 32مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى لاَ بُدَّ لَكُمْ مِنْ ذَبْحِهَا بِعَيْنِهَا بِمِلْءِ جِلْدِهَا ذَهَباً فَذَبَحُوهَا، ثُمَّ قَالُوا مَا تَأْمُرُنَا يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا وَ قُولُوا مَنْ قَتَلَكَ فَأَخَذُوا اَلذَّنَبَ فَضَرَبُوهُ بِهِ، وَ قَالُوا مَنْ قَتَلَكَ يَا فُلاَنُ، فَقَالَ فُلاَنٌ اِبْنُ فُلاَنٍ اِبْنُ عَمِّيَ اَلَّذِي جَاءَ بِهِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
14 روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: و أيم اللّه! لو لم يستثنوا، ما بيّنت لهم آخر الأبد.
32,8 [و في عيون الأخبار : حدّثني أبي رضي اللّه عنه. قال: حدّثني 8 عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميدانيّ و محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ . قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام يقول: إنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له. ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل . ثمّ جاء يطلب بدمه. فقالوا 32لموسى عليه السّلام : إنّ سبط آل فلان قتلوا فلانا. فأخبرنا من قتله؟ قال: ائتوني ببقرة. قٰالُوا: أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً ؟ قٰالَ: أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ. و لو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، أجزأتهم. و لكن شدّدوا، فشدّد اللّه عليهم. قٰالُوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ ؟ قٰالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ ، يعني: لا صغيرة و لا كبيرة، عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ». و لو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، أجزأتهم. و لكن شدّدوا، فشدّد اللّه عليهم. قٰالُوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا ؟ قٰالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ . و لو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، لأجزأتهم. و لكن شدّدوا، فشدّد اللّه عليهم. قٰالُوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ؟ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا. وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ. قٰالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ، مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا. قٰالُوا: اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ. فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل . فقال: لا أبيعها إلاّ بملء مسكها ذهبا. فجاءوا إلى 32موسى عليه السّلام . فقالوا له ذلك. فقال: اشتروها. فاشتروها. و جاؤوا بها. فأمر بذبحها. ثمّ أمروا بأن يضربوا الميّت، بذنبها. فلمّا فعلوا ذلك، حيي المقتول. و قال: يا رسول اللّه! إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي. فعلموا بذلك قاتله. فقال: رسول اللّه، 32موسى [بن عمران] عليه السّلام لبعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لهابنا. فقال: و ما هو؟ فقال: إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه و [إنّه] اشترى تبيعا . فجاء إلى أبيه. و الأقاليد تحت رأسه. فكره أن يوقظه. فترك ذلك البيع. فاستيقظ أبوه. فأخبره. فقال له: أحسنت! خذ هذه البقرة. فهي لك عوضا لما فاتك. قال: فقال له رسول اللّه، 32موسى [بن عمران] عليه السّلام . انظروا إلى البرّ، ما يبلغ بأهله.
32,6 و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام . قال: إنّ رجلا من خيار بني إسرائيل و علمائهم، خطب امرأة منهم. فأنعمت له. و خطبها ابن عمّ لذلك الرّجل. و كان فاسقا رديئا. فلم ينعموا له. فحسد ابن عمّه الّذي أنعموا له. فقعد له. فقتله غيلة. ثمّ حمله إلى 32موسى عليه السّلام . فقال: يا نبيّ اللّه! هذا ابن عمّى. قد قتل. فقال 32موسى : من قتله؟ قال: لا أدري. و كان القتل في بني إسرائيل ، عظيما جدّا. فعظم ذلك على 32موسى . فاجتمع إليه بنوا إسرائيل . فقالوا: ما ترى؟ يا نبيّ اللّه! و كان في بني إسرائيل رجل له بقرة. و كان له ابن بارّ. و كان عند ابنه، سلعة. فجاء قوم يطلبون سلعته. و كان مفتاح بيته تحت رأس أبيه. و كان نائما و كره ابنه أن ينبّهه و ينغّص عليه نومه. فانصرف القوم: فلم يشتروا سلعته. فلمّا انتبه أبوه قال له: يا بنيّ! ما صنعت في سلعتك؟ قال: هي قائمة. لم أبعها. لأنّ المفتاح كان تحت رأسك، فكرهت أن أنبّهك و أنغّص عليك نومك. قال له أبوه: قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عمّا فاتك من ربح سلعتك. و شكر اللّه لابنه ما فعل بأبيه. و أمر بني إسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها. فلمّا اجتمعوا إلى 32موسى و بكوا و ضجّوا قال لهم 32موسى : إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً .» فتعجّبوا. و قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً ؟» إنا نأتيك بقتيل. فتقول اذبحوا بقرة! فقال لهم 32موسى : أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ. فعلموا أنّهم قد أخطأوا. فقالوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا، مٰا هِيَ ؟» قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ (الفارض الّتي قد ضربها الفحل. و لم تحمل. و البكر الّتي لم يضربها.) قٰالُوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا ؟ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا ، أي: لونها شديد الصّفرة ، تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ إليها. قٰالُوا: اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ؟ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا. وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ. `قٰالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ ، أي، لم تذلّل وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ ، أي: لا تسقي الزّرع. مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا ، أي، لا نقط فيها إلاّ الصّفرة. قٰالُوا: اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ هي بقرة فلان. فذهبوا يشتروها. فقال: لا أبيعها إلاّ بملء جلدها ذهبا. فرجعوا إلى 32موسى . فأخبروه. فقال لهم 32موسى : لا بدّ لكم من ذبحها بعينها. فاشتروها بملء جلدها ذهبا، فذبحوها. ثمّ قالوا: ما تأمرنا؟ يا نبيّ اللّه! فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه: قل لهم: اضربوه ببعضها. و قولوا من قتلك. فأخذوا الذّنب، فضربوه به. و قالوا: من قتلك؟ يا فلان! فقال: فلان بن فلان. (ابن عمّه الّذي جاء به.) و هو قوله: فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا. كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ. وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.
32,8 238 فِي عُيُونِ اَلْأَخْبَارِ حَدَّثَنِي أَبِي رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ اَلْكُمَيْذَانِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلَ قَرَابَةً لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَطَرَحَهُ عَلَى طَرِيقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ مِنَ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ بِدَمِهِ فَقَالُوا 32لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) : إِنَّ سِبْطَ آلِ فُلاَنٍ قَتَلُوا فُلاَناً فَأَخْبِرْنَا مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: اِيتُونِي بِبَقَرَةٍ قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً قٰالَ أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَيِّ بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ يَعْنِي لاَ صَغِيرَةٌ وَ لاَ كَبِيرَةٌ عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ `قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَطَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا عِنْدَ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: لاَ أَبِيعُهَا إِلاَّ بِمَلاَءِ مَسْكِنِهَا ذَهَباً فَجَاؤُا إِلَى 32مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: اِشْتَرُوهَا فَاشْتَرَوْهَا وَ جَاؤُا بِهَا فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُضْرَبَ اَلْمَيِّتُ بِذَنَبِهَا، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَيِيَ اَلْمَقْتُولُ، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ اِبْنَ عَمِّي قَتَلَنِي دُونَ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ قَتْلِي، فَعَلِمُوا بِذَلِكَ قَاتِلَهُ، فَقَالَ لِرَسُولِ اَللَّهِ 32مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَهَا نَبَأٌ فَقَالَ: وَ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنَّ فَتًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ بَارّاً بِأَبِيهِ وَ إِنَّهُ اِشْتَرَى بَيْعاً فَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ وَ اَلْأَقَالِيدُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ فَتَرَكَ ذَلِكَ اَلْبَيْعَ فَاسْتَيْقَظَ أَبُوهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ خُذْ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ فَهُوَ لَكَ عِوَضاً لِمَا فَاتَكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ 32مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : اُنْظُرُوا إِلَى اَلْبِرِّ مَا يَبْلُغُ بِأَهْلِهِ
32,6 240 فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي أَبِى عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ خِيَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ عُلَمَائِهِمْ خَطَبَ اِمْرَأَةً مِنْهُمْ، فَأَنْعَمَتْ لَهُ وَ خَطَبَهَا اِبْنُ عَمٍّ لِذَلِكَ اَلرَّجُلِ، وَ كَانَ فَاسِقاً رَدِيّاً فَلَمْ يُنْعِمُوا لَهُ، فَحَسَدَ اِبْنُ عَمِّهِ اَلَّذِي أَنْعَمُوا لَهُ، فَقَعَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ غِيلَةً، ثُمَّ حَمَلَهُ إِلَى 32مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ هَذَا اِبْنُ عَمِّي قَدْ قُتِلَ فَقَالَ 32مُوسَى مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي وَ كَانَ اَلْقَتْلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيماً جِدّاً، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى 32مُوسَى فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا تَرَى يَا نَبِيَّ اَللَّهِ؟ وَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ لَهُ بَقَرَةٌ وَ كَانَ لَهُ اِبْنٌ بَارٌّ وَ كَانَ عِنْدَ اِبْنِهِ سِلْعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ سِلْعَتَهُ، وَ كَانَ مِفْتَاحُ بَيْتِهِ تَحْتَ رَأْسِ أَبِيهِ وَ كَانَ نَائِماً وَ كَرِهَ اِبْنُهُ أَنْ يُنَبِّهَهُ وَ يُنَغِّصَ عَلَيْهِ نَوْمَهُ، فَانْصَرَفَ اَلْقَوْمُ فَلَمْ يَشْتَرُوا سِلْعَتَهُ، فَلَمَّا اِنْتَبَهَ أَبُوهُ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ مَا صَنَعْتَ فِي سِلْعَتِكَ؟ قَالَ: هِيَ قَائِمَةٌ لَمْ أَبِعْهَا لِأَنَّ اَلْمِفْتَاحَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَكَ وَ أُنَغِّصَ عَلَيْكَ نَوْمَكَ، قَالَ لَهُ أَبُوهُ: قَدْ جَعَلْتُ هَذِهِ اَلْبَقَرَةَ لَكَ عِوَضاً عَمَّا فَاتَكَ مِنْ رِبْحِ سِلْعَتِكَ، وَ شَكَرَ اَللَّهُ لاِبْنِهِ مَا فَعَلَ بِأَبِيهِ وَ أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَذْبَحُوا تِلْكَ اَلْبَقَرَةَ بِعَيْنِهَا، فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا إِلَى 32مُوسَى وَ بَكَوْا وَ ضَجُّوا قَالَ لَهُمْ 32مُوسَى : «إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» فَتَعَجَّبُوا وَ «قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً» نَأْتِيكَ بِقَتِيلٍ فَتَقُولُ اِذْبَحُوا بَقَرَةً؟ فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى . «أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ» فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَأُوا فَ «قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ» اَلْفَارِضُ اَلَّتِي قَدْ ضَرَبَهَا اَلْفَحْلُ وَ لَمْ تَحْمِلْ، وَ اَلْبِكْرُ اَلَّتِي لَمْ تَضْرِبْهَا فَ «قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا» أَيْ لَوْنُهَا شَدِيدَةُ اَلصُّفْرِ «تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ» إِلَيْهَا «قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ `قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ» أَيْ لَمْ تَذَلَّلْ «وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ» أَيْ لاَ تَسْقِي اَلزَّرْعَ «مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا» أَيْ لاَ نُقَطَ فِيهَا إِلاَّ اَلصُّفْرَةُ «قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ» هِيَ بَقَرَةُ فُلاَنٍ فَذَهَبُوا لِيَشْتَرُوهَا، فَقَالَ لاَ يَبِيعُهَا إِلاَّ بِمَلاَءِ جِلْدِهَا ذَهَباً فَرَجَعُوا إِلَى 32مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ لَهُمْ 32مُوسَى : لاَ بُدَّ لَكُمْ مِنَ ذَبْحِهَا بِعَيْنِهَا، فَاشْتَرَوْهَا بِمَلاَءِ جِلْدِهَا ذَهَباً فَذَبَحُوهَا ثُمَّ قَالُوا مَا تَأْمُرُنَا يَا نَبِيَّ اَللَّهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَيْهِ: قُلْ لَهُمُ اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا وَ قُولُوا: مَنْ قَتَلَكَ؟ فَأَخَذُوا اَلذَّنَبَ فَضَرَبُوهُ بِهِ، وَ قَالُوا: مَنْ قَتَلَكَ يَا فُلاَنُ فَقَالَ: فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ اِبْنُ عَمِّهِ اَلَّذِي جَاءَ بِهِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: «فَقُلْنٰا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ وَ يُرِيكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» .