24,6603 / _1 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ: قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ اَلدَّقَّاقُ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْعَلَوِيُّ اَلْعَبَّاسِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ اَلْكُوفِيُّ اَلْفَزَارِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ اَلزَّيَّاتُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ اَلْأَزْدِيُّ ، عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذِ اِبْتَلىٰ 24إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ مَا هَذِهِ اَلْكَلِمَاتُ؟ قَالَ: «هِيَ اَلْكَلِمَاتُ اَلَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْهِ، وَ هُوَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ إِلاَّ تُبْتَ عَلَيَّ؛ فَتَابَ اَللَّهُ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ اَلتَّوَّابُ اَلرَّحِيمُ». فَقُلْتُ لَهُ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، فَمَا يَعْنِي عَزَّ وَ جَلَّ بِقَوْلِهِ: فَأَتَمَّهُنَّ ؟ قَالَ: «يَعْنِي فَأَتَمَّهُنَّ إِلَى اَلْقَائِمِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اِثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً، تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)». قَالَ اَلْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلَهٰا كَلِمَةً بٰاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ؟ قَالَ: «يَعْنِي بِذَلِكَ اَلْإِمَامَةَ، جَعَلَهَا اَللَّهُ فِي عَقِبِ اَلْحُسَيْنِ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ». قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، فَكَيْفَ صَارَتِ اَلْإِمَامَةُ فِي وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ دُونَ وُلْدِ اَلْحَسَنِ، وَ هُمَا جَمِيعاً وَلَدَا رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ سِبْطَاهُ، وَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «إِنَّ مُوسَى وَ هَارُونَ كَانَا نَبِيَّيْنِ مُرْسَلَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَجَعَلَ اَللَّهُ اَلنُّبُوَّةَ فِي صُلْبِ هَارُونَ دُونَ صُلْبِ مُوسَى، وَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ فَعَلَ اَللَّهُ ذَلِكَ؟ وَ إِنَّ اَلْإِمَامَةَ خِلاَفَةُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ جَعَلَهَا اَللَّهُ فِي صُلْبِ اَلْحُسَيْنِ دُونَ صُلْبِ اَلْحَسَنِ؟ لِأَنَّ اَللَّهَ هُوَ اَلْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ ». وَ لِقَوْلِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : وَ إِذِ اِبْتَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ وَجْهٌ آخَرُ، وَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَصْلُهُ. وَ اَلاِبْتِلاَءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُسْتَحِيلٌ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَ اَلْآخَرُ جَائِزٌ. فَأَمَّا مَا يَسْتَحِيلُ: فَهُوَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ لِيُعْلَمُ مَا تَكْشِفُ اَلْأَيَّامُ عَنْهُ، وَ هَذَا مَا لاَ يَصْلُحُ لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلاَّمُ اَلْغُيُوبِ. وَ اَلضَّرْبُ اَلْآخَرُ مِنَ اَلاِبْتِلاَءِ: أَنْ يَبْتَلِيَهُ حَتَّى يَصْبِرَ فِيمَا يَبْتَلِيهِ بِهِ، فَيَكُونَ مَا يُعْطِيهِ مِنَ اَلْعَطَاءِ عَلَى سَبِيلِ اَلاِسْتِحْقَاقِ، وَ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ اَلنَّاظِرُ فَيَقْتَدِيَ بِهِ، فَيُعْلَمُ مِنْ حِكْمَةِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ أَسْبَابُ اَلْإِمَامَةِ إِلاَّ إِلَى اَلْكَافِي اَلْمُسْتَقِلِّ، اَلَّذِي كَشَفَتِ اَلْأَيَّامُ عَنْهُ بِخَيْرٍ . فَأَمَّا اَلْكَلِمَاتُ، فَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَ مِنْهَا: اَلْيَقِينُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ . وَ مِنْهَا: اَلْمَعْرِفَةُ بِقِدَمِ بَارِئِهِ، وَ تَوْحِيدِهِ وَ تَنْزِيهِهِ مِنَ اَلتَّشْبِيهِ: حِينَ نَظَرَ إِلَى اَلْكَوَاكِبِ وَ اَلْقَمَرِ وَ اَلشَّمْسِ، وَ اِسْتَدَلَّ بِأُفُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حُدُوثِهِ، وَ بِحُدُوثِهِ عَلَى مُحْدِثِهِ. ثُمَّ عَلَّمَهُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِأَنَّ اَلْحُكْمَ بِالنُّجُومِ خَطَأٌ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي اَلنُّجُومِ*`فَقٰالَ إِنِّي سَقِيمٌ وَ إِنَّمَا قَيَّدَهُ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالنَّظْرَةِ اَلْوَاحِدَةِ، لِأَنَّ اَلنَّظْرَةَ اَلْوَاحِدَةَ لاَ تُوجِبُ اَلْخَطَأَ إِلاَّ بَعْدَ اَلنَّظْرَةِ اَلثَّانِيَةِ، بِدَلاَلَةِ قَوْلِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا قَالَ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «يَا عَلِيُّ أَوَّلُ اَلنَّظْرَةِ لَكَ، وَ اَلثَّانِيَةُ عَلَيْكَ لاَ لَكَ». وَ مِنْهَا: اَلشَّجَاعَةُ: وَ قَدْ كَشَفَتِ اَلْأَيَّامُ عَنْهُ، بِدَلاَلَةِ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذْ قٰالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ مٰا هٰذِهِ اَلتَّمٰاثِيلُ اَلَّتِي أَنْتُمْ لَهٰا عٰاكِفُونَ*`قٰالُوا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا لَهٰا عٰابِدِينَ*`قٰالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آبٰاؤُكُمْ فِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ*`قٰالُوا أَ جِئْتَنٰا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اَللاّٰعِبِينَ*`قٰالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ اَلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلىٰ ذٰلِكُمْ مِنَ اَلشّٰاهِدِينَ *`وَ تَاللّٰهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنٰامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ*`فَجَعَلَهُمْ جُذٰاذاً إِلاّٰ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ وَ مُقَاوَمَةُ اَلرَّجُلِ اَلْوَاحِدِ أُلُوفاً مِنْ أَعْدَاءِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَمَامُ اَلشَّجَاعَةِ. ثُمَّ اَلْحِلْمُ: مُضَمَّنٌ مَعْنَاهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّٰاهٌ مُنِيبٌ . ثُمَّ اَلسَّخَاءُ: وَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ اَلْمُكْرَمِينَ. ثُمَّ اَلْعُزْلَةُ عَنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ وَ اَلْعَشِيرَةِ: مُضَمَّنٌ مَعْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ اَلْآيَةَ. وَ اَلْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيُ عَنِ اَلْمُنْكَرِ: بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يٰا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مٰا لاٰ يَسْمَعُ وَ لاٰ يُبْصِرُ وَ لاٰ يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً*`يٰا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جٰاءَنِي مِنَ اَلْعِلْمِ مٰا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرٰاطاً سَوِيًّا*`يٰا أَبَتِ لاٰ تَعْبُدِ اَلشَّيْطٰانَ إِنَّ اَلشَّيْطٰانَ كٰانَ لِلرَّحْمٰنِ عَصِيًّا*`يٰا أَبَتِ إِنِّي أَخٰافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذٰابٌ مِنَ اَلرَّحْمٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطٰانِ وَلِيًّا . وَ دَفْعُ اَلسَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ: وَ ذَلِكَ لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَ رٰاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يٰا إِبْرٰاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اُهْجُرْنِي مَلِيًّا فَقَالَ فِي جَوَابِ أَبِيهِ: سَلاٰمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كٰانَ بِي حَفِيًّا . وَ اَلتَّوَكُّلُ: بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: اَلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ*`وَ اَلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ*`وَ إِذٰا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ*`وَ اَلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ*`وَ اَلَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ اَلدِّينِ . ثُمَّ اَلْحُكْمُ وَ اَلاِنْتِمَاءُ إِلَى اَلصَّالِحِينَ: فِي قَوْلِهِ: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصّٰالِحِينَ يَعْنِي بِالصَّالِحِينَ اَلَّذِينَ لاَ يَحْكُمُونَ إِلاَّ بِحُكْمِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لاَ يَحْكُمُونَ بِالْآرَاءِ وَ اَلْمَقَايِيسِ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ مَنْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنَ اَلْحُجَجِ بِالصِّدْقِ، بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَ اِجْعَلْ لِي لِسٰانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ أَرَادَ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ اَلْفَاضِلَةِ، فَأَجَابَهُ اَللَّهُ وَ جَعَلَ لَهُ وَ لِغَيْرِهِ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ لِسَانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ، وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ جَعَلْنٰا لَهُمْ لِسٰانَ صِدْقٍ عَلِيًّا . وَ اَلْمِحْنَةُ فِي اَلنَّفْسِ: حِينَ جُعِلَ فِي اَلْمَنْجَنِيقِ وَ قُذِفَ بِهِ فِي اَلنَّارِ. ثُمَّ اَلْمِحْنَةُ فِي اَلْوَلَدِ: حِينَ أُمِرَ بِذَبْحِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ. ثُمَّ اَلْمِحْنَةُ بِالْأَهْلِ: حِينَ خَلَصَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حُرْمَتَهُ مِنْ عَرَارَةِ اَلْقِبْطِيِّ، فِي اَلْخَبَرِ اَلْمَذْكُورِ فِي اَلْقِصَّةِ. ثُمَّ اَلصَّبْرُ عَلَى سُوءِ خُلُقِ سَارَةَ. ثُمَّ اِسْتِقْصَارُ اَلنَّفْسِ فِي اَلطَّاعَةِ: فِي قَوْلِهِ: وَ لاٰ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ . ثُمَّ اَلنَّزَاهَةُ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مٰا كٰانَ إِبْرٰاهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لاٰ نَصْرٰانِيًّا وَ لٰكِنْ كٰانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ مٰا كٰانَ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ . ثُمَّ اَلْجَمْعُ لِأَشْرَاطِ اَلطَّاعَاتِ : فِي قَوْلِهِ: إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ*`لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ اَلْمُسْلِمِينَ فَقَدْ جَمَعَ فِي قَوْلِهِ: مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ جَمِيعَ أَشْرَاطِ اَلطَّاعَاتِ كُلَّهَا حَتَّى لاَ تَعْزُبَ عَنْهَا عَازِبَةٌ، وَ لاَ تَغِيبَ عَنْ مَعَانِيهَا غَائِبَةٌ. ثُمَّ اِسْتِجَابَةُ اَللَّهِ دَعْوَتَهُ: حِينَ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ وَ هَذِهِ اَلْآيَةُ مُتَشَابِهَةٌ، وَ مَعْنَاهَا أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ اَلْكَيْفِيَّةِ، وَ اَلْكَيْفِيَّةُ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مَتَى لَمْ يَعْلَمْهَا اَلْعَالِمُ لَمْ يَلْحَقْهُ عَيْبٌ، وَ لاَ عَرَضَ لَهُ فِي تَوْحِيدِهِ نَقْصٌ. فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ هَذَا شَرْطٌ عَامٌّ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، مَتَى سُئِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ وَجَبَ أَنْ يَقُولُ: بَلَى، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَ لَمَّا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِجَمِيعِ أَرْوَاحِ بَنِي آدَمَ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ: بَلَى، مُحَمَّدٌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَصَارَ بِسَبْقِهِ إِلَى بَلَى سَيِّدَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ أَفْضَلَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، فَمَنْ لَمْ يُجِبْ عَنْ هَذِهِ اَلْمَسْأَلَةِ بِجَوَابِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَقَدْ رَغِبَ عَنْ مِلَّتِهِ، قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرٰاهِيمَ إِلاّٰ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ . ثُمَّ اِصْطِفَاءُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهُ فِي اَلدُّنْيَا، ثُمَّ شَهَادَتُهُ لَهُ فِي اَلْعَاقِبَةِ أَنَّهُ مِنَ اَلصَّالِحِينَ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدِ اِصْطَفَيْنٰاهُ فِي اَلدُّنْيٰا وَ إِنَّهُ فِي اَلْآخِرَةِ لَمِنَ اَلصّٰالِحِينَ وَ اَلصَّالِحُونَ هُمُ اَلنَّبِيُّ وَ اَلْأَئِمَّةُ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ)، اَلْآخِذُونَ عَنِ اَللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ، اَلْمُلْتَمِسُونَ لِلصَّلاَحِ مِنْ عِنْدِهِ، وَ اَلْمُجْتَنِبُونَ لِلرَّأْيِ وَ اَلْقِيَاسِ فِي دِينِهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذْ قٰالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قٰالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ اَلْعٰالَمِينَ . ثُمَّ اِقْتِدَاءٌ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) بِهِ: فِي قَوْلِهِ: وَ وَصّٰى بِهٰا إِبْرٰاهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يٰا بَنِيَّ إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفىٰ لَكُمُ اَلدِّينَ فَلاٰ تَمُوتُنَّ إِلاّٰ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ، وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ثُمَّ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ أَنِ اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ حَنِيفاً وَ مٰا كٰانَ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ، وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰاهِيمَ هُوَ سَمّٰاكُمُ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ . وَ أَشْرَاطُ كَلِمَاتِ اَلْإِمَامِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جِهَتِهِ مِمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ اَلْأُمَّةُ مِنْ مَصَالِحِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ. وَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مِنْ: حَرْفُ تَبْعِيضٍ، لِيُعْلَمَ أَنَّ مِنَ اَلذُّرِّيَّةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ اَلْإِمَامَةَ، وَ مِنْهُمْ مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا، هَذَا مِنْ جُمْلَةِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْعُوَ إِبْرَاهِيمُ بِالْإِمَامَةِ لِلْكَافِرِ أَوْ لِلْمُسْلِمِ اَلَّذِي لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، فَصَحَّ أَنَّ بَابَ اَلتَّبْعِيضِ وَقَعَ عَلَى خَوَاصِّ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْخَوَاصُّ إِنَّمَا صَارُوا خَوَاصّاً بِالْبُعْدِ عَنِ اَلْكُفْرِ، ثُمَّ مَنِ اِجْتَنَبَ اَلْكَبَائِرَ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ اَلْخَوَاصِّ. أَخَصَّ، ثُمَّ اَلْمَعْصُومُ هُوَ اَلْخَاصُّ اَلْأَخَصُّ، وَ لَوْ كَانَ لِلتَّخْصِيصِ صُورَةٌ أَرْبَى عَلَيْهِ ، لَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَوْصَافِ اَلْإِمَامِ. وَ قَدْ سَمَّى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَ كَانَ اِبْنَ بِنْتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لَمَّا صَحَّ أَنَّ اِبْنَ اَلْبِنْتِ ذُرِّيَّةٌ، وَ دَعَا إِبْرَاهِيمُ لِذُرِّيَّتِهِ بِالْإِمَامَةِ، وَجَبَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اَلاِقْتِدَاءُ بِهِ فِي وَضْعِ اَلْإِمَامَةِ فِي اَلْمَعْصُومِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ حَذْوَ اَلنَّعْلِ بِالنَّعْلِ بَعْدَ مَا أَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ، وَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ أَنِ اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ حَنِيفاً اَلْآيَةَ، وَ لَوْ خَالَفَ ذَلِكَ لَكَانَ دَاخِلاً فِي قَوْلِهِ: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرٰاهِيمَ إِلاّٰ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ جَلَّ نَبِيُّ اَللَّهِ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ أَوْلَى اَلنّٰاسِ بِإِبْرٰاهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَبُو ذُرِّيَّةِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ وَضَعَ اَلْإِمَامَةَ فِيهِ وَضَعَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ اَلْمَعْصُومِينَ بَعْدَهُ. وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي اَلظّٰالِمِينَ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اَلْإِمَامَةَ لاَ تَصْلُحُ لِمَنْ قَدْ عَبَدَ وَثَناً أَوْ صَنَماً، أَوْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَ إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَ اَلظُّلْمُ وَضْعُ اَلشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَ أَعْظَمُ اَلظُّلْمِ اَلشِّرْكُ، قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ اَلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَ كَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ مَنْ قَدِ اِرْتَكَبَ مِنَ اَلْمَحَارِمِ شَيْئاً صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً، وَ إِنْ تَابَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَ كَذَلِكَ لاَ يُقِيمُ اَلْحَدَّ مَنْ فِي جَنْبِهِ حَدٌّ، فَإِذَنْ لاَ يَكُونُ اَلْإِمَامُ إِلاَّ مَعْصُوماً، وَ لاَ تُعْلَمُ عِصْمَتُهُ إِلاَّ بِنَصِّ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَنَّ اَلْعِصْمَةَ لَيْسَتْ فِي ظَاهِرِ اَلْخِلْقَةِ فَتُرَى كَالسَّوَادِ وَ اَلْبَيَاضِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَ هِيَ مَغِيبَةٌ لاَ تُعْرَفُ إِلاَّ بِتَعْرِيفِ عَلاَّمِ اَلْغُيُوبِ عَزَّ وَ جَلَّ.
6646 / _1 اِبْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ اَلدَّقَّاقُ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ اِبْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْعَلَوِيُّ اَلْعَبَّاسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ اَلْكُوفِيُّ اَلْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ اَلزَّيَّاتُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ اَلْأَزْدِيِّ، عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي حَدِيثٍ لَهُ [ذَكَرَ فِيهِ اَلْكَلِمَاتِ اَلَّتِي اِبْتَلَى اَللَّهُ بِهِنَّ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)] قَالَ: [«ثُمَّ اِسْتِجَابَةُ اَللَّهُ دَعْوَتَهُ حِينَ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ وَ هَذِهِ آيَةٌ مُتَشَابِهَةٌ، وَ مَعْنَاهَا أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ اَلْكَيْفِيَّةِ، وَ اَلْكَيْفِيَّةُ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مَتَى لَمْ يَعْلَمْهَا اَلْعَالِمُ لَمْ يَلْحَقْهُ عَيْبٌ، وَ لاَ عَرَضَ فِي تَوْحِيدِهِ نَقْصٌ، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ 2 «3» . هَذِهِ شَرْطٌ عَامٌّ، لِمَنْ آمَنَ بِهِ، مَتَى سُئِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ وَجَبَ أَنْ يَقُولَ: بَلَى، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ لَمَّا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِجَمِيعِ أَرْوَاحِ بَنِي آدَمَ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ بَلَى، مُحَمَّدٌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَصَارَ بِسَبْقِهِ إِلَى بَلَى سَيِّدَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ أَفْضَلَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، فَمَنْ لَمْ يُجِبْ عَنْ هَذِهِ اَلْمَسْأَلَةِ بِجَوَابِ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ رَغِبَ عَنْ مِلَّتِهِ]، قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرٰاهِيمَ إِلاّٰ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ . ثُمَّ اِصْطِفَاءُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهُ فِي اَلدُّنْيَا، ثُمَّ شَهَادَتُهُ لَهُ فِي اَلْعَاقِبَةِ أَنَّهُ مِنَ اَلصَّالِحِينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدِ اِصْطَفَيْنٰاهُ فِي اَلدُّنْيٰا وَ إِنَّهُ فِي اَلْآخِرَةِ لَمِنَ اَلصّٰالِحِينَ . وَ اَلصَّالِحُونَ هُمُ اَلنَّبِيُّ وَ اَلْأَئِمَّةُ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ)، اَلْآخِذُونَ عَنِ اَللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ، وَ اَلْمُلْتَمِسُونَ اَلصَّلاَحَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ اَلْمُجْتَنِبُونَ لِلرَّأْيِ وَ اَلْقِيَاسِ فِي دِينِهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذْ قٰالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قٰالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ اَلْعٰالَمِينَ . ثُمَّ اِقْتِدَاءٌ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) بِهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ وَصّٰى بِهٰا إِبْرٰاهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يٰا بَنِيَّ إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفىٰ لَكُمُ اَلدِّينَ فَلاٰ تَمُوتُنَّ إِلاّٰ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ».
61444 / _1 اِبْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ اَلدَّقَّاقُ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْعَلَوِيُّ اَلْعَبَّاسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ اَلْكُوفِيُّ اَلْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ اَلزَّيَّاتُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ اَلْأَزْدِيُّ، عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، قَالَ: «اِسْتَجَابَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَعْوَةَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) حِينَ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ وَ هَذِهِ آيَةٌ مُتَشَابِهَةٌ، وَ مَعْنَاهَا: أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ اَلْكَيْفِيَّةِ، وَ اَلْكَيْفِيَّةُ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مَتَى لَمْ يَعْلَمْهَا اَلْعَالِمُ لَمْ يَلْحَقْهُ عَيْبٌ، وَ لاَ عَرَضَ فِي تَوْحِيدِهِ نَقْصٌ. فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ هَذَا شَرْطٌ عَامٌّ، مَنْ آمَنَ بِهِ مَتَى سُئِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ. وَجَبَ أَنْ يَقُولَ: بَلَى؛ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَ لَمَّا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِجَمِيعِ أَرْوَاحِ بَنِي آدَمَ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ كَانَ أَوَّلُ مَنْ قَالَ: بَلَى مُحَمَّدٌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَصَارَ بِسَبْقِهِ إِلَى (بَلَى) سَيِّدَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ أَفْضَلَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ. فَمَنْ لَمْ يُجِبْ عَنْ هَذِهِ اَلْمَسْأَلَةِ بِجَوَابِ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ رَغِبَ عَنْ مِلَّتِهِ؛ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرٰاهِيمَ إِلاّٰ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ثُمَّ اِصْطَفَاهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلدُّنْيَا».
24,13,81445 / _2 عَنْهُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ اَلْقُرَشِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ اَلنَّيْسَابُورِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْجَهْمِ ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ اَلْمَأْمُونِ وَ عِنْدَهُ اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ : يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ ، أَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِكَ إِنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ؟ قَالَ: «بَلَى». فَسَأَلَهُ عَنْ آيَاتٍ مِنَ اَلْقُرْآنِ، فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لَهُ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي . قَالَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ أَوْحَى إِلَى 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنِّي مُتَّخِذٌ مِنْ عِبَادِي خَلِيلاً، إِنْ سَأَلَنِي إِحْيَاءَ اَلْمَوْتَى أَجَبْتُهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنَّهُ ذَلِكَ اَلْخَلِيلُ، فَقَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي عَلَى اَلْخُلَّةِ قٰالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . فَأَخَذَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) نَسْراً وَ بَطّاً وَ طَاوُساً وَ دِيكاً فَقَطَّعَهُنَّ وَ خَلَطَهُنَّ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنَ اَلْجِبَالِ اَلَّتِي كَانَتْ حَوْلَهُ وَ كَانَتْ عَشَرَةً مِنْهُنَّ جُزْءاً، وَ جَعَلَ مَنَاقِيرَهُنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ دَعَاهُنَّ بِأَسْمَائِهِنَّ، وَ وَضَعَ عِنْدَهُ حَبّاً وَ مَاءً، فَتَطَايَرَتْ تِلْكَ اَلْأَجْزَاءُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى اِسْتَوَتِ اَلْأَبْدَانُ، وَ جَاءَ كُلُّ بَدَنٍ حَتَّى اِنْضَمَّ إِلَى رَقَبَتِهِ وَ رَأْسِهِ، فَخَلَّى 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ مَنَاقِيرِهِنَّ فَطِرْنَ، ثُمَّ وَقَعْنَ وَ شَرِبْنَ مِنْ ذَلِكَ اَلْمَاءِ، وَ اِلْتَقَطْنَ مِنْ ذَلِكَ اَلْحَبِّ، وَ قُلْنَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَحْيَيْتَنَا أَحْيَاكَ اَللَّهُ. فَقَالَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : بَلِ اَللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ، وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». قَالَ اَلْمَأْمُونُ : بَارَكَ اَللَّهُ فِيكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ .
24,61446 / _3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «إِنَّ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) نَظَرَ إِلَى جِيفَةٍ عَلَى سَاحِلِ اَلْبَحْرِ تَأْكُلُهَا سِبَاعُ اَلْبَرِّ وَ سِبَاعُ اَلْبَحْرِ، ثُمَّ تَثِبُ اَلسِّبَاعُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فَتَعَجَّبَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي اَلْمَوْتَى؟ فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ ؟ قَالَ: بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي . قَالَ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . فَأَخَذَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اَلطَّاوُسَ وَ اَلدِّيكَ وَ اَلْحَمَامَ وَ اَلْغُرَابَ، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ أَيْ قَطِّعْهُنَّ، ثُمَّ اِخْلِطْ لَحْمَهُنَّ وَ فَرِّقْهُنَّ عَلَى عَشَرَةِ جِبَالٍ، ثُمَّ خُذْ مَنَاقِيرَهُنَّ وَ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً. فَفَعَلَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ذَلِكَ، وَ فَرَّقَهُنَّ عَلَى عَشَرَةِ جِبَالٍ، ثُمَّ دَعَاهُنَّ، فَقَالَ: أَجِيبِينِي بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى. فَكَانَتْ تَجْتَمِعُ وَ تَتَأَلَّفُ لَحْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَ عَظْمُهُ إِلَى رَأْسِهِ، فَطَارَتْ إِلَى 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنَّ اَللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».
24,71447 / _4 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَكَمِ ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أُخْبِرُهُ أَنِّي شَاكٌّ، وَ قَدْ قَالَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُرِيَنِي شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ. فَكَتَبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَيْهِ: «إِنَّ 24إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُؤْمِناً وَ أَحَبَّ أَنْ يَزْدَادَ إِيمَاناً، وَ أَنْتَ شَاكٌّ وَ اَلشَّاكُّ لاَ خَيْرَ فِيهِ». وَ كَتَبَ إِلَيْهِ: «إِنَّمَا اَلشَّكُّ مَا لَمْ يَأْتِ اَلْيَقِينُ، فَإِذَا جَاءَ اَلْيَقِينُ لَمْ يَجُزِ اَلشَّكُّ». وَ كَتَبَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: مٰا وَجَدْنٰا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنٰا أَكْثَرَهُمْ لَفٰاسِقِينَ قَالَ نَزَلَتْ فِي اَلشَّاكِّ».
24,61448 / _5 عَنْهُ : عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ اِبْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ نَصْرِ بْنِ قَابُوسَ ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «إِذَا أَحْبَبْتَ أَحَداً مِنْ إِخْوَانِكَ فَأَعْلِمْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ».
24,13,61450 / _7 اَلْعَيَّاشِيُّ : عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «لَمَّا رَأَى 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) مَلَكُوتَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، رَأَى رَجُلاً يَزْنِي، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ، حَتَّى رَأَى ثَلاَثَةً، فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَمَاتُوا. فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ يَا 24إِبْرَاهِيمُ إِنَّ دَعْوَتَكَ مُجَابَةٌ، فَلاَ تَدْعُ عَلَى عِبَادِي، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ لَمْ أَخْلُقْهُمْ، إِنِّي خَلَقْتُ خَلْقِي عَلَى ثَلاَثَةِ أَصْنَافٍ: عَبْداً يَعْبُدُنِي وَ لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئاً فَأُثِيبُهُ، وَ عَبْداً يَعْبُدُ غَيْرِي فَلَنْ يَفُوتَنِي، وَ عَبْداً يَعْبُدُ غَيْرِي فَأُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَعْبُدُنِي. ثُمَّ اِلْتَفَتَ فَرَأَى جِيفَةً عَلَى سَاحِلٍ، بَعْضُهَا فِي اَلْمَاءِ، وَ بَعْضُهَا فِي اَلْبَرِّ ، تَجِيءُ سِبَاعُ اَلْبَحْرِ فَتَأْكُلُ مَا فِي اَلْمَاءِ، ثُمَّ تَرْجِعُ فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَ تَجِيءُ سِبَاعُ اَلْبَرِّ فَتَأْكُلُ مِنْهَا، فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعَجَّبَ مِمَّا رَأَى، وَ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قَالَ: كَيْفَ تُخْرِجُ مَا تَنَاسَخَ! هَذِهِ أُمَمٌ أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً. قَالَ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ قَالَ: بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي يَعْنِي حَتَّى أَرَى هَذَا كَمَا أَرَانِي اَللَّهُ اَلْأَشْيَاءَ كُلَّهَا. قَالَ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ تُقَطِّعُهُنَّ وَ تَخْلُطُهُنَّ، كَمَا أَخْلَطْتُ هَذِهِ اَلْجِيفَةَ فِي هَذِهِ اَلسِّبَاعِ اَلَّتِي أَكَلَتْ بَعْضُهَا بَعْضاً ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ، فَلَمَّا دَعَاهُنَّ أَجَبْنَهُ، وَ كَانَتِ اَلْجِبَالُ عَشَرَةً».
61451 / _8 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «كَانَتِ اَلْجِبَالُ عَشَرَةً، وَ كَانَتِ اَلطُّيُورُ: اَلدِّيكَ، وَ اَلْحَمَامَةَ، وَ اَلطَّاوُسَ، وَ اَلْغُرَابَ. وَ قَالَ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ وَ قَطِّعْهُنَّ بِلَحْمِهِنَّ وَ عِظَامِهِنَّ وَ رِيشِهِنَّ ثُمَّ أَمْسِكْ رُءُوسَهُنَّ، ثُمَّ فَرِّقْهُنَّ عَلَى عَشَرَةِ جِبَالٍ، عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءً. فَجَعَلَ مَا كَانَ فِي هَذَا اَلْجَبَلِ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا اَلْجَبَلِ بِرِيشِهِ وَ لَحْمِهِ وَ دَمِهِ، ثُمَّ يَأْتِيهِ حَتَّى يَضَعَ رَأْسَهُ فِي عُنُقِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ أَرْبَعَتِهِنَّ».
24,81449 / _6 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ اَلْبَرْقِيُّ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ 24لِإِبْرَاهِيمَ : أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أَ كَانَ فِي قَلْبِهِ شَكٌّ؟ قَالَ: «لاَ، كَانَ عَلَى يَقِينٍ، وَ لَكِنَّهُ أَرَادَ مِنَ اَللَّهِ اَلزِّيَادَةَ فِي يَقِينِهِ».
24,51452 / _9 عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: «إِنَّ اَللَّهَ لَمَّا أَوْحَى إِلَى 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : أَنْ خُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ، عَمَدَ 24إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ اَلنَّعَامَةَ وَ اَلطَّاوُسَ وَ اَلْوَزَّةَ وَ اَلدِّيكَ، فَنَتَفَ رِيشَهُنَّ بَعْدَ اَلذَّبْحِ، ثُمَّ جَمَعَهُنَّ فِي مِهْرَاسَةٍ فَهَرَسَهُنَّ، ثُمَّ فَرَّقَهُنَّ عَلَى جِبَالِ اَلْأُرْدُنِّ ، وَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ عَشَرَةَ جِبَالٍ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً، ثُمَّ دَعَاهُنَّ بِأَسْمَائِهِنَّ، فَأَقْبَلْنَ إِلَيْهِ سَعْياً يَعْنِي مُسْرِعَاتٍ فَقَالَ 24إِبْرَاهِيمُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
24,81453 / _10 عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ : أَنَّ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ: قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أَ كَانَ فِي قَلْبِهِ شَكٌّ؟ قَالَ: «لاَ، وَ لَكِنْ أَرَادَ مِنَ اَللَّهِ اَلزِّيَادَةَ فِي يَقِينِهِ». قَالَ: وَ اَلْجُزْءُ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ .
24,61454 / _11 عَنْ عَبْدِ اَلصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ: جُمِعَ لِأَبِي جَعْفَرٍ اَلْمَنْصُورِ اَلْقُضَاةُ، فَقَالَ لَهُمْ: رَجُلٌ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَكَمِ اَلْجُزْءُ؟ فَلَمْ يَعْلَمُوا كَمِ اَلْجُزْءُ وَ اِشْتَكَوْا إِلَيْهِ فِيهِ، فَأَبْرَدَ بَرِيداً إِلَى صَاحِبِ اَلْمَدِينَةِ أَنْ يَسْأَلَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : رَجُلٌ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ فَكَمِ اَلْجُزْءُ؟ وَ قَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى اَلْقُضَاةِ، فَلَمْ يَعْلَمُوا كَمِ اَلْجُزْءُ. فَإِنْ هُوَ أَخْبَرَكَ بِهِ وَ إِلاَّ فَاحْمِلْهُ عَلَى اَلْبَرِيدِ وَ وَجِّهْهُ إِلَيَّ. فَأَتَى صَاحِبُ اَلْمَدِينَةِ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَ سَأَلَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ اَلْقُضَاةِ فَلَمْ يُخْبِرُوهُ مَا هُوَ، وَ قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ إِنْ فَسَّرْتَ ذَلِكَ لَهُ وَ إِلاَّ حَمَلْتُكَ عَلَى اَلْبَرِيدِ إِلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «هَذَا فِي كِتَابِ اَللَّهِ بَيِّنٌ، إِنَّ اَللَّهَ يَقُولُ لَمَّا قَالَ 24إِبْرَاهِيمُ : رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً فَكَانَتِ اَلطَّيْرُ أَرْبَعَةً وَ اَلْجِبَالُ عَشَرَةً، يُخْرِجُ اَلرَّجُلُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ جُزْءاً وَاحِداً. وَ إِنَّ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) دَعَا بِمِهْرَاسٍ فَدَقَّ فِيهِ اَلطُّيُورَ جَمِيعاً، وَ حَبَسَ اَلرُّءُوسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى اَلرِّيشِ كَيْفَ يَخْرُجُ، وَ إِلَى اَلْعُرُوقِ عِرْقاً عِرْقاً حَتَّى تَمَّ جَنَاحُهُ مُسْتَوِياً، فَأَهْوَى نَحْوَ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ بِبَعْضِ اَلرُّءُوسِ فَاسْتَقْبَلَهُ بِهِ، فَلَمْ يَكُنِ اَلرَّأْسُ اَلَّذِي اِسْتَقْبَلَهُ بِهِ لِذَلِكَ اَلْبَدَنِ حَتَّى اِنْتَقَلَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَكَانَ مُوَافِقاً لِلرَّأْسِ، فَتَمَّتِ اَلْعِدَّةُ، وَ تَمَّتِ اَلْأَبْدَانُ».
61455 / _12 عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ ، قَالَ: إِنَّ اِمْرَأَةً أَوْصَتْ إِلَيَّ، وَ قَالَتْ لِي: ثُلُثِي تَقْضِي بِهِ دَيْنَ اِبْنِ أَخِي، وَ جُزْءٌ مِنْهُ لِفُلاَنَةَ . فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ اِبْنَ أَبِي لَيْلَى ، فَقَالَ: مَا أَرَى لَهَا شَيْئاً، وَ مَا أَدْرِي مَا اَلْجُزْءُ. فَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمَ) وَ أَخْبَرْتُهُ كَيْفَ قَالَتِ اَلْمَرْأَةُ، وَ مَا قَالَ اِبْنُ أَبِي لَيْلَى . فَقَالَ: «كَذَبَ اِبْنُ لَيْلَى ، لَهَا عُشْرُ اَلثُّلُثِ، إِنَّ اَللَّهَ أَمَرَ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمَ) ، فَقَالَ: اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً وَ كَانَتِ اَلْجِبَالُ يَوْمَئِذٍ عَشَرَةً، وَ هُوَ اَلْعُشْرُ مِنَ اَلشَّيْءِ».
61456 / _13 عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ. فَقَالَ: «جُزْءٌ مِنْ عَشَرَةٍ، كَانَتِ اَلْجِبَالُ عَشَرَةً، وَ كَانَتِ اَلطَّيْرُ: اَلطَّاوُسَ، وَ اَلْحَمَامَةَ، وَ اَلدِّيكَ، وَ اَلْهُدْهُدَ، فَأَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يُقَطِّعَهُنَّ، وَ أَنْ يَضَعَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً، وَ أَنْ يَأْخُذَ رَأْسَ كُلِّ طَيْرٍ مِنْهَا بِيَدِهِ قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَخَذَ رَأْسَ اَلطَّيْرِ مِنْهَا بِيَدِهِ، تَطَايَرَ إِلَيْهِ مَا كَانَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ».
61457 / _14 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ ، قَالَ: جَاءَنِي أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْخُرَاسَانِيُّ ، وَ قَالَ: نَزَلَ بِي رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ مِنَ اَلْحُجَّاجِ فَتَذَاكَرْنَا اَلْحَدِيثَ، فَقَالَ: مَاتَ لَنَا أَخٌ بِمَرْوَ ، وَ أَوْصَى إِلَيَّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أُعْطِيَ أَبَا حَنِيفَةَ مِنْهَا جُزْءاً، وَ لَمْ أَعْرِفِ اَلْجُزْءَ كَمْ هُوَ مِمَّا تَرَكَ؟ فَلَمَّا قَدِمْتُ اَلْكُوفَةَ أَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ اَلْجُزْءِ، فَقَالَ لِي: اَلرُّبُعُ. فَأَبَى قَلْبِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لاَ أَفْعَلُ حَتَّى أَحُجَّ وَ أَسْتَقْصِيَ اَلْمَسْأَلَةَ. فَلَمَّا رَأَيْتُ أَهْلَ اَلْكُوفَةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى اَلرُّبُعِ، قُلْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ : لاَ سَوْءَةَ بِذَلِكَ، لَكَ أَوْصَى بِهَا يَا أَبَا حَنِيفَةَ ، وَ لَكِنْ أَحُجُّ وَ أَسْتَقْصِي اَلْمَسْأَلَةَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : وَ أَنَا أُرِيدُ اَلْحَجَّ. فَلَمَّا أَتَيْنَا مَكَّةَ ، وَ كُنَّا فِي اَلطَّوَافِ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ شَيْخٍ قَاعِدٍ، قَدْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ، وَ هُوَ يَدْعُو وَ يُسَبِّحُ، إِذِ اِلْتَفَتَ أَبُو حَنِيفَةَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ غَايَةَ اَلنَّاسِ فَسَلْ هَذَا، فَلاَ أَحَدٌ بَعْدَهُ. قُلْتُ: وَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ . فَلَمَّا قَعَدْتُ وَ اِسْتَمْكَنْتُ، إِذِ اِسْتَدَارَ أَبُو حَنِيفَةَ خَلْفَ ظَهْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَقَعَدَ قَرِيباً مِنِّي فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ عَظَّمَهُ، وَ جَاءَ غَيْرُ وَاحِدٍ مُزْدَلِفِينَ مُسَلِّمِينَ عَلَيْهِ وَ قَعَدُوا. فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِهِمْ لَهُ اِشْتَدَّ ظَهْرِي، فَغَمَزَنِي أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ تَكَلَّمْ. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ ، وَ إِنَّ رَجُلاً مَاتَ وَ أَوْصَى إِلَيَّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أُعْطِيَ مِنْهَا جُزْءاً، وَ سَمَّى لِيَ اَلرَّجُلَ، فَكَمِ اَلْجُزْءُ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) : «يَا أَبَا حَنِيفَةَ ، لَكَ أَوْصَى، قُلْ فِيهَا» فَقَالَ: اَلرُّبُعُ، فَقَالَ لاِبْنِ أَبِي لَيْلِي : «قُلْ فِيهَا» فَقَالَ: اَلرُّبُعُ. فَقَالَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «مِنْ أَيْنَ قُلْتُمُ اَلرُّبُعَ؟». قَالَ: لِقَوْلِ اَللَّهِ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً . فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لَهُمْ، وَ أَنَا أَسْمَعُ هَذَا: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اَلطَّيْرَ أَرْبَعَةً، فَكَمْ كَانَتِ اَلْجِبَالُ، إِنَّمَا اَلْأَجْزَاءُ لِلْجِبَالِ لَيْسَ لِلطَّيْرِ؟» فَقَالُوا: ظَنَنَّا أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «وَ لَكِنَّ اَلْجِبَالَ عَشَرَةٌ».
24,61458 / _15 عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ اَلْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِهِ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً . فَقَالَ: «أَخَذَ اَلْهُدْهُدَ وَ اَلصُّرَدَ وَ اَلطَّاوُسَ، وَ اَلْغُرَابَ، فَذَبَحَهُنَّ وَ عَزَلَ رُءُوسَهُنَّ، ثُمَّ نَحَزَ أَبْدَانَهُمْ بِالْمِنْحَازِ بِرِيشِهِنَّ، وَ لُحُومِهِنَّ، وَ عِظَامِهِنَّ حَتَّى اِخْتَلَطَتْ، ثُمَّ جَزَّأَهُنَّ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَشَرَةِ جِبَالٍ، ثُمَّ وَضَعَ عِنْدَهُ حَبّاً وَ مَاءً ، ثُمَّ جَعَلَ مَنَاقِيرَهُنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: اِئْتِينِي سَعْياً بِإِذْنِ اَللَّهِ، فَتَطَايَرَتْ بَعْضٌ إِلَى بَعْضٍ، اَللُّحُومُ وَ اَلرِّيشُ وَ اَلْعِظَامُ حَتَّى اِسْتَوَتِ اَلْأَبْدَانُ كَمَا كَانَتْ، وَ جَاءَ كُلُّ بَدَنٍ حَتَّى اِلْتَزَقَ بِرَقَبَتِهِ اَلَّتِي فِيهَا اَلْمِنْقَارُ، فَخَلَّى 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ مَنَاقِيرِهَا، فَرُفِعْنَ وَ شَرِبْنَ مِنْ ذَلِكَ اَلْمَاءِ، وَ اِلْتَقَطْنَ مِنْ ذَلِكَ اَلْحَبِّ، ثُمَّ قُلْنَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَحْيَيْتَنَا أَحْيَاكَ اَللَّهُ. فَقَالَ: بَلِ اَللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ. فَهَذَا تَفْسِيرُهُ فِي اَلظَّاهِرِ، وَ أَمَّا تَفْسِيرُهُ فِي بَاطِنِ اَلْقُرْآنِ، قَالَ: خُذْ أَرْبَعَةً مِمَّنْ يَحْتَمِلُ اَلْكَلاَمَ فَاسْتَوْدِعْهُمْ عِلْمَكَ، ثُمَّ اِبْعَثْهُمْ فِي أَطْرَافِ اَلْأَرْضِ حُجَجاً لَكَ عَلَى اَلنَّاسِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَأْتُوكَ دَعَوْتَهُمْ بِالاِسْمِ اَلْأَكْبَرِ يَأْتُونَكَ سَعْياً، بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى».
24,73950 / _6 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَكَمِ ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أُخْبِرُهُ أَنِّي شَاكٌّ، وَ قَدْ قَالَ 24إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ وَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُرِيَنِي شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ: «إِنَّ 24إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُؤْمِناً وَ أَحَبَّ أَنْ يَزْدَادَ إِيمَاناً، وَ أَنْتَ شَاكٌّ وَ اَلشَّاكُّ لاَ خَيْرَ فِيهِ». وَ كَتَبَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «إِنَّمَا اَلشَّكُّ مَا لَمْ يَأْتِ اَلْيَقِينُ، فَإِذَا جَاءَ اَلْيَقِينُ لَمْ يَجُزِ اَلشَّكُّ». وَ كَتَبَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مٰا وَجَدْنٰا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنٰا أَكْثَرَهُمْ لَفٰاسِقِينَ » قَالَ: «نَزَلَتْ فِي اَلشَّاكِّ».
و أخرج ابن جرير عن ابن جريج عن ابن عباس قال بلغني ان ابراهيم بينا هو يسير على الطريق إذا هو بجيفة حمار عليها السباع و الطير قد تمزقت لحمها و بقي عظامها فوقف فعجب ثم قال رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع و الطير رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ و لكن ليس الخبر كالمعاينة
و أخرج ابن أبى حاتم عن الحسن قال سأل ابراهيم عليه السلام ربه أن يريه كيف يحيى الموتى و ذلك مما لقى من قومه من الأذى فدعا ربه عند ذلك مما لقى منهم من الأذى فقال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ
و أخرج سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي في الشعب عن مجاهد و ابراهيم لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال لازداد ايمانا إلى إيماني
أخرج ابن أبى حاتم و أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال ان ابراهيم مر برجل ميت زعموا انه حبشي على ساحل البحر فرأى دواب البحر تخرج فتأكل منه و سباع الأرض تأتيه فتأكل منه و الطير نقع عليه فتأكل منه فقال ابراهيم عند ذلك رب هذه دواب البحر تأكل من هذا و سباع الأرض و الطير ثم تميت هذه فتبلى ثم تحييها ف أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ يا ابراهيم انى أحيى الموتى قٰالَ بَلىٰ يا رب وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي يقول لأرى من آياتك و اعلم انك قد أجبتني ف قٰالَ الله فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فصنع ما صنع و الطير الذي أخذه وز و رال و ديك و طاوس واخذ نصفين مختلفين ثم أتى أربعة أجبل فجعل على كل جبل تصفين مختلفين و هو قوله ثُمَّ اِجْعَلْ عَلىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثم تنحى و رؤسهما تحت قدميه فدعا باسم الله الأعظم فرجع كل نصف إلى نصفه و كل ريش إلى طائره ثم أقبلت تطير بغير رؤس إلى قدمه تريد رؤوسها بأعناقها فرفع قدمه فوضع كل طائر منها عنقه في رأسه فعادت كما كانت وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ يقول مقتدر على ما يشاء حَكِيمٌ يقول محكم لما أراد الرال فرخ النعام و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة نحوه و أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر عن الحسن نحوه
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن السدى قال لما اِتَّخَذَ اَللّٰهُ إِبْرٰاهِيمَ خَلِيلاً سأل ملك الموت ان يأذن له فيبشر ابراهيم بذلك فاذن له فاتى ابراهيم و ليس في البيت فدخل داره و كان ابراهيم من أغير الناس إذا خرج أغلق الباب فلما جاء وجد في بيته رجلا ثار اليه ليأخذه و قال له من أذن لك ان تدخل دارى قال ملك الموت أذن لي رب هذه الدار قال ابراهيم صدقت و عرف انه ملك الموت قال من أنت قال أنا ملك الموت جئتك أبشرك بان الله قد اتخذك خليلا فحمد الله و قال يا ملك الموت أرني كيف تقبض أرواح الكفار قال يا ابراهيم لا تطيق ذلك قال بلى قال فاعرض فاعرض ابراهيم ثم نظر فإذا هو برجل اسود ينال رأسه السماء يخرج من فيه لهب النار ليس من شعرة في جسده الا في صورة رجل يخرج من فيه و مسامعه لهب النار فغشى على ابراهيم ثم أفاق و قد تحول ملك الموت في الصورة الاولى فقال يا ملك الموت لو لم يلق الكافر عند موته من البلاء و الحزن الا صورتك لكفاه فأرني كيف تقبض أرواح المؤمنين قال فاعرض فاعرض ابراهيم ثم التفت فإذا هو برجل شاب أحسن الناس وجها و أطيبه ريحا في ثياب بياض قال يا ملك الموت لو لم ير المؤمن عند موته من قرة العين و الكرامة الا صورتك هذه لكان يكفيه فانطلق ملك الموت و قام ابراهيم يدعوا ربه يقول رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ حتى أعلم انى خليلك قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ يقول تصدق بانى خليلك قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بخلولتك
و أخرج سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و البيهقي في الأسماء و الصفات عن سعيد بن جبير في قوله وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال بالخلة
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم و البيهقي في الأسماء و الصفات عن ابن عباس في قوله وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي يقول اعلم انك تجيبني إذا دعوتك و تعطيني إذا سألتك
و أخرج ابن المنذر عن الحسن قال أخذ ديكا و طاوسا و غرابا و حماما فقطع رؤوسهن و قوائمهن و أجنحتهن ثم أتى الجبل فوضع عليه لحما و دما و ريشا ثم فرقه على أربعة أجبال ثم نودي أيتها العظام المتمزقة و اللحوم المتفرقة و العروق المقتطعة اجتمعن يرد الله فيكن أرواحكن فوثب العظم إلى العظم و طارت الريشة إلى الريشة و جرى الدم إلى الدم حتى رجع إلى كل طائر دمه و لحمه و ريشه ثم أوحى الله إلى ابراهيم انك سألتني كيف أحيى الموتى و انى خلقت الأرض و جعلت فيها أربعة أرواح الشمال و الصبا و الجنوب و الدبور حتى إذا كان يوم القيامة نفخ نافخ في الصور فيجتمع من في الأرض من القتلى و الموتى كما اجتمعت أربعة أطيار من أربعة أجبال ثم قرأ مٰا خَلْقُكُمْ وَ لاٰ بَعْثُكُمْ إِلاّٰ كَنَفْسٍ وٰاحِدَةٍ
و أخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و البيهقي في البعث من طريق أبى جمرة عن ابن عباس فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ قال قطع أجنحتهن ثم اجعلهن أرباعا ربعا هاهنا و ربعا هاهنا في أرباع الأرض ثم دعهن يَأْتِينَكَ سَعْياً قال هذا مثل كَذٰلِكَ يُحْيِ اَللّٰهُ اَلْمَوْتىٰ مثل هذا
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة قال أمر أن يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن ثم يخلط بين لحومهن و ريشهن و دمائهن ثم يجزئهن على أربعة أجبل
و اخرج ابن أبى حاتم من طريق طاوس عن ابن عباس قال و ضعهن على سبعة أجبل واخذ الروس بيده فجعل ينظر إلى القطرة تلقى القطرة و الريشة تلقى الريشة حتى صرن أحياء ليس لهن رؤس فجئن إلى رؤوسهن فدخلن فيها