37,6,11569 / _2 قَالَ اَلْإِمَامُ اَلْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي (تَفْسِيرِهِ): «قَالَ اَلصَّادِقُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : وَ اِتَّبَعُوا هَؤُلاَءِ اَلْيَهُودُ وَ اَلنَّوَاصِبُ مٰا تَتْلُوا مَا تَقْرَأُ اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ 37سُلَيْمٰانَ وَ زَعَمُوا أَنَّ 37سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ اَلسِّحْرِ وَ اَلتَّدْبِيرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ ، نَالَ مَا نَالَهُ مِنَ اَلْمُلْكِ اَلْعَظِيمِ، فَصَدُّوهُمْ بِهِ عَنْ كِتَابِ اَللَّهِ . وَ ذَلِكَ أَنَّ اَلْيَهُودَ اَلْمُلْحِدِينَ وَ اَلنَّوَاصِبَ اَلْمُشَارِكِينَ لَهُمْ فِي إِلْحَادِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَضَائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، وَ شَاهَدُوا مِنْهُ وَ مِنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) اَلْمُعْجِزَاتِ اَلَّتِي أَظْهَرَهَا اَللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَفْضَى بَعْضُ اَلْيَهُودِ وَ اَلنُّصَّابِ إِلَى بَعْضٍ، وَ قَالُوا: مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ طَالِبُ اَلدُّنْيَا بِحِيَلٍ وَ مَخَارِيقَ وَ سِحْرٍ وَ نِيرَنْجَاتٍ تَعَلَّمَهَا، وَ عَلَّمَ عَلِيّاً بَعْضَهَا، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَيْنَا فِي حَيَاتِهِ، وَ يَعْقِدَ اَلْمُلْكَ لِعَلِيٍّ بَعْدَهُ، وَ لَيْسَ مَا يَقُولُهُ عَنِ اَللَّهِ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ، فَيَعْقِدُ عَلَيْنَا وَ عَلَى ضُعَفَاءِ عِبَادِ اَللَّهِ بِالسِّحْرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ اَلَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا. وَ أَوْفَرُ اَلنَّاسِ كَانَ حَظّاً مِنْ هَذَا اَلسِّحْرِ 37سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، اَلَّذِي مَلَكَ بِسِحْرِهِ اَلدُّنْيَا كُلَّهَا مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ وَ اَلشَّيَاطِينِ، وَ نَحْنُ إِذَا تَعَلَّمْنَا بَعْضَ مَا كَانَ تَعَلَّمَهُ 37سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، تَمَكَّنَّا مِنْ إِظْهَارِ مِثْلِ مَا يُظْهِرُهُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ ، وَ اِدَّعَيْنَا لِأَنْفُسِنَا بِمَا يَجْعَلُهُ مُحَمَّدٌ لِعَلِيٍّ ، وَ قَدِ اِسْتَغْنَيْنَا عَنِ اَلاِنْقِيَادِ لِعَلِيٍّ . فَحِينَئِذٍ ذَمَّ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْجَمِيعَ مِنَ اَلْيَهُودِ وَ اَلنَّوَاصِبِ ، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتٰابَ كِتٰابَ اَللّٰهِ اَلْآمِرَ بِوَلاَيَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَرٰاءَ ظُهُورِهِمْ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا كَفَرَةُ اَلشَّيٰاطِينُ مِنَ اَلسِّحْرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ عَلىٰ مُلْكِ 37سُلَيْمٰانَ اَلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ 37سُلَيْمَانَ بِهِ مَلَكَ، وَ نَحْنُ أَيْضاً بِهِ نُظْهِرُ اَلْعَجَائِبَ حَتَّى يَنْقَادَ لَنَا اَلنَّاسُ، وَ نَسْتَغْنِي عَنِ اَلاِنْقِيَادِ لِعَلِيٍّ . قَالُوا: وَ كَانَ 37سُلَيْمَانُ كَافِراً سَاحِراً مَاهِراً، بِسِحْرِهِ مَلَكَ مَا مَلَكَ، وَ قَدَرَ عَلَى مَا قَدَرَ، فَرَدَّ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَ قَالَ: وَ مٰا كَفَرَ 37سُلَيْمٰانُ وَ لاَ اِسْتَعْمَلَ اَلسِّحْرَ، كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ اَلْكَافِرُونَ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ أَيْ بِتَعْلِيمِهِمُ اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ اَلَّذِي نَسَبُوهُ إِلَى سُلَيْمَانَ كَفَرُوا. ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ قَالَ: كَفَرَ اَلشَّيَاطِينُ بِتَعْلِيمِهِمُ اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ، وَ بِتَعْلِيمِهِمْ إِيَّاهُمْ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ ، اِسْمُ اَلْمَلَكَيْنِ. قَالَ اَلصَّادِقُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : وَ كَانَ بَعْدَ 21نُوحٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَدْ كَثُرَ اَلسَّحَرَةُ وَ اَلْمُمَوِّهُونَ، فَبَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى مَلَكَيْنِ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ بِذِكْرِ مَا يَسْحَرُ بِهِ اَلسَّحَرَةُ، وَ ذِكْرِ مَا يُبْطِلُ بِهِ سِحْرَهُمْ، وَ يَرُدُّ بِهِ كَيْدَهُمْ، فَتَلَقَّاهُ اَلنَّبِيُّ عَنِ اَلْمَلَكَيْنِ، وَ أَدَّاهُ إِلَى عِبَادِ اَللَّهِ بِأَمْرِ اَللَّهِ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَقِفُوا بِهِ عَلَى اَلسِّحْرِ وَ أَنْ يُبْطِلُوهُ، وَ نَهَاهُمْ أَنْ يَسْحَرُوا بِهِ اَلنَّاسَ، وَ هَذَا كَمَا يُدَلُّ عَلَى اَلسَّمِّ مَا هُوَ، وَ عَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ غَائِلَةُ اَلسَّمِّ، ثُمَّ يُقَالُ لِمُتَعَلِّمِ ذَلِكَ: هَذَا اَلسَّمُّ فَمَنْ رَأَيْتَهُ سُمَّ فَادْفَعْ غَائِلَتَهُ بِكَذَا، وَ إِيَّاكَ أَنْ تَقْتُلَ بِالسَّمِّ أَحَداً. ثُمَّ قَالَ: وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ وَ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ اَلنَّبِيَّ أَمَرَ اَلْمَلَكَيْنِ أَنْ يَظْهَرَا لِلنَّاسِ بِصُورَةِ بَشَرَيْنِ، وَ يُعَلِّمَاهُمْ مَا عَلَّمَهُمَا اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَ يَعِظَاهُمْ؛ فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ ذَلِكَ اَلسِّحْرَ وَ إِبْطَالَهُ حَتّٰى يَقُولاٰ لِلْمُتَعَلِّمِ: إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ اِمْتِحَانٌ لِلْعِبَادِ؛ لِيُطِيعُوا اَللَّهَ تَعَالَى فِيمَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَا، وَ يُبْطِلُوا بِهِ كَيْدَ اَلسَّحَرَةِ، فَلاَ يَسْحَرُونَهُمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلاٰ تَكْفُرْ بِاسْتِعْمَالِ هَذَا اَلسِّحْرِ وَ طَلَبِ اَلْإِضْرَارِ بِهِ وَ دُعَاءِ اَلنَّاسِ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدُوا بِهِ أَنَّكَ تُحْيِي وَ تُمِيتُ، وَ تَفْعَلُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: فَيَتَعَلَّمُونَ يَعْنِي طَالِبِي اَلسِّحْرِ مِنْهُمٰا يَعْنِي مِمَّا كَتَبَتِ اَلشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ 37سُلَيْمَانَ مِنَ اَلنِّيرَنْجَاتِ، وَ مَا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ، فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَيْنِ اَلصِّنْفَيْنِ مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ هَذَا يَتَعَلَّمُ لِلْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ، يَتَعَلَّمُونَ اَلتَّفْرِيقَ بِضُرُوبٍ مِنَ اَلْحِيَلِ وَ اَلتَّمَائِمِ ، وَ اَلْإِيهَامِ أَنَّهُ قَدْ دَفَنَ كَذَا وَ عَمِلَ كَذَا، لِيَغْضَبَ قَلْبُ اَلْمَرْأَةِ عَلَى اَلرَّجُلِ، وَ قَلْبُ اَلرَّجُلِ عَلَى 4 «5» اَلْمَرْأَةِ، وَ يُؤَدِّيَ إِلَى اَلْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ أَيْ مَا اَلْمُتَعَلِّمُونَ لِذَلِكَ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اَللَّهِ، بِتَخْلِيَةِ اَللَّهِ وَ عِلْمِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ بِالْجَبْرِ وَ اَلْقَهْرِ. ثُمَّ قَالَ: وَ يَتَعَلَّمُونَ مٰا يَضُرُّهُمْ وَ لاٰ يَنْفَعُهُمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا تَعَلَّمُوا ذَلِكَ اَلسِّحْرَ لِيَسْحَرُوا بِهِ وَ يَضُرُّوا، فَقَدْ تَعَلَّمُوا مَا يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ وَ لاَ يَنْفَعُهُمْ فِيهِ، بَلْ يَنْسَلِخُونَ عَنْ دِينِ اَللَّهِ بِذَلِكَ وَ لَقَدْ عَلِمُوا هَؤُلاَءِ اَلْمُتَعَلِّمُونَ لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ بِدِينِهِ اَلَّذِي يَنْسَلِخُ عَنْهُ بِتَعَلُّمِهِ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ نَصِيبٍ فِي ثَوَابِ اَلْجَنَّةِ. وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ رَهَنُوهَا بِالْعَذَابِ لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ أَيْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا اَلْآخِرَةَ، وَ تَرَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ اَلْجَنَّةِ ، لِأَنَّ اَلْمُتَعَلِّمِينَ لِهَذَا اَلسِّحْرِ هُمُ اَلَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنْ لاَ رَسُولَ، وَ لاَ إِلَهَ، وَ لاَ بَعْثَ، وَ لاَ نُشُورَ. فَقَالَ: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنْ لاَ آخِرَةَ، وَ هُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ آخِرَةٌ فَلاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي دَارٍ بَعْدَ اَلدُّنْيَا، وَ إِنْ كَانَتْ آخِرَةٌ فَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِهَا لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ: وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، إِذْ بَاعُوا اَلْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، وَ رَهَنُوا بِالْعَذَابِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَذَابِ، وَ لَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ بِهِ، لِمَا تَرَكُوا اَلنَّظَرَ فِي حُجَجِ اَللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَعْلَمُوا، عَذَّبَهُمْ عَلَى اِعْتِقَادِهِمُ اَلْبَاطِلَ، وَ جَحْدِهِمُ اَلْحَقَّ». قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَ أَبُو اَلْحَسَنِ: قُلْنَا لِلْحَسَنِ أَبِي اَلْقَائِمِ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ): فَإِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً يَزْعُمُونَ أَنَّ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ مَلَكَانِ اِخْتَارَتْهُمَا اَلْمَلاَئِكَةُ لَمَّا كَثُرَ عِصْيَانُ بَنِي آدَمَ، وَ أَنْزَلَهُمَا اَللَّهُ تَعَالَى مَعَ ثَالِثٍ لَهُمَا إِلَى اَلدُّنْيَا، وَ أَنَّهُمَا اِفْتَتَنَا بِالزُّهَرَةِ، وَ أَرَادَا اَلزِّنَا بِهَا، وَ شَرِبَا اَلْخَمْرَ، وَ قَتَلاَ اَلنَّفْسَ اَلْمُحَرَّمَةَ، وَ أَنَّ اَللَّهَ يُعَذِّبُهُمَا بِبَابِلَ ، وَ أَنَّ اَلسَّحَرَةَ مِنْهُمَا يَتَعَلَّمُونَ اَلسِّحْرَ، وَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ تِلْكَ اَلْمَرْأَةَ هَذَا اَلْكَوْكَبَ اَلَّذِي هُوَ اَلزُّهَرَةُ. فَقَالَ اَلْإِمَامُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «مَعَاذَ اَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ مَعْصُومُونَ مِنَ اَلْخَطَأِ مَحْفُوظُونَ مِنَ اَلْكُفْرِ وَ اَلْقَبَائِحِ بِأَلْطَافِ اَللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ: لاٰ يَعْصُونَ اَللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ وَ قَالَ: وَ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ يَعْنِي اَلْمَلاَئِكَةَ لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِهِ وَ لاٰ يَسْتَحْسِرُونَ*`يُسَبِّحُونَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ . وَ قَالَ فِي اَلْمَلاَئِكَةِ: بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ*`لاٰ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ*`يَعْلَمُ مٰا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مٰا خَلْفَهُمْ وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ كَانَ اَللَّهُ قَدْ جَعَلَ هَؤُلاَءِ اَلْمَلاَئِكَةَ خُلَفَاءَ عَلَى اَلْأَرْضِ، فَكَانُوا كَالْأَنْبِيَاءِ فِي اَلدُّنْيَا أَوْ كَالْأَئِمَّةِ ، أَ فَيَكُونُ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَئِمَّةِ قَتْلُ اَلنَّفْسِ وَ فِعْلُ اَلزِّنَا؟!». ثُمَّ قَالَ: «أَ وَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْلِ اَلدُّنْيَا قَطُّ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ إِمَامٍ مِنَ اَلْبَشَرِ؟ أَ وَ لَيْسَ اَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ يَعْنِي إِلَى اَلْخَلْقِ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرىٰ فَأَخْبَرَ اَللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثِ اَلْمَلاَئِكَةَ إِلَى اَلْأَرْضِ لِيَكُونُوا أَئِمَّةً وَ حُكَّاماً، وَ إِنَّمَا أُرْسِلُوا إِلَى أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ». قَالاَ: قُلْنَا لَهُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): فَعَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ 1إِبْلِيسُ أَيْضاً مَلَكاً؟ فَقَالَ: «لاَ، بَلْ كَانَ مِنَ اَلْجِنِّ، أَ مَا تَسْمَعَانِ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اُسْجُدُوا 18لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ 1إِبْلِيسَ كٰانَ مِنَ اَلْجِنِّ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ اَلْجِنِّ، وَ هُوَ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلْجَانَّ خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نٰارِ اَلسَّمُومِ ».
14،11 ثُمَّ قَالَ اَلْإِمَامُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ)، عَنْ آبَائِهِ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ)، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّ اَللَّهَ اِخْتَارَنَا مَعَاشِرَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِخْتَارَ اَلنَّبِيِّينَ، وَ اِخْتَارَ اَلْمَلاَئِكَةَ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ مَا اِخْتَارَهُمْ إِلاَّ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يُوَاقِعُونَ مَا يَخْرُجُونَ بِهِ عَنْ وَلاَيَتِهِ، وَ يَنْقَطِعُونَ بِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ، وَ يَنْضَمُّونَ بِهِ إِلَى اَلْمُسْتَحِقِّينَ لِعَذَابِهِ وَ نَقِمَتِهِ». قَالاَ: فَقُلْنَا: لَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لَمَّا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْوَلاَيَةِ وَ اَلْإِمَامَةِ عَرَضَ اَللَّهُ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَلاَيَتَهُ عَلَى فِئَامٍ وَ فِئَامٍ وَ فِئَامٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، فَأَبَوْهَا فَمَسَخَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى ضَفَادِعَ. فَقَالَ: «مَعَاذَ اَللَّهِ، هَؤُلاَءِ اَلْمُكَذِّبُونَ عَلَيْنَا، اَلْمَلاَئِكَةُ هُمْ رُسُلُ اَللَّهِ، فَهُمْ كَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ إِلَى اَلْخَلْقِ، أَ فَيَكُونُ مِنْهُمُ اَلْكُفْرُ بِاللَّهِ؟» قُلْنَا: لاَ. قَالَ: «فَكَذَلِكَ اَلْمَلاَئِكَةُ، إِنَّ شَأْنَ اَلْمَلاَئِكَةِ عَظِيمٌ، وَ إِنَّ خَطْبَهُمْ جَلِيلٌ».
37,5571 / _3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «إِنَّ 37سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) أَمَرَ اَلْجِنَّ أَنْ يَبْنُوا لَهُ بَيْتاً مِنْ قَوَارِيرَ قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ يَنْظُرُ إِلَى اَلشَّيَاطِينِ كَيْفَ يَعْمَلُونَ، وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ إِذْ حَانَتْ مِنْهُ اِلْتِفَاتَةٌ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِي اَلْقُبَّةِ فَفَزِعَ مِنْهُ، وَ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا اَلَّذِي لاَ أَقْبَلُ اَلرِّشَا، وَ لاَ أَهَابُ اَلْمُلُوكَ، أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ ، فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ. فَمَكَثُوا سَنَةً يَبْنُونَ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَ يُدَانُونَ لَهُ، وَ يَعْمَلُونَ حَتَّى بَعَثَ اَللَّهُ اَلْأَرَضَةَ، فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ هِيَ اَلْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ اَلْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ اَلْجِنُّ يَعْلَمُونَ اَلْغَيْبَ، مَا لَبِثُوا سَنَةً فِي اَلْعَذَابِ اَلْمُهِينِ، فَالْجِنُّ تَشْكُرُ اَلْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا 37سُلَيْمَانَ ، فَلاَ تَكَادُ تَرَاهَا فِي مَكَانٍ إِلاَّ وُجِدَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِينٌ. فَلَمَّا هَلَكَ 37سُلَيْمَانُ وَضَعَ 1إِبْلِيسُ اَلسِّحْرَ وَ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ، ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ: هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا لِلْمَلِكِ 37سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ اَلْعِلْمِ، وَ مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْيَفْعَلْ كَذَا وَ كَذَا، ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ اَلسَّرِيرِ، ثُمَّ اِسْتَثَارَهُ لَهُمْ فَقَرَأَهُ؛ فَقَالَ اَلْكَافِرُونَ: مَا كَانَ 37سُلَيْمَانُ يَغْلِبُنَا إِلاَّ بِهَذَا، وَ قَالَ اَلْمُؤْمِنُونَ: بَلْ هُوَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ نَبِيُّهُ، فَقَالَ اَللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ 37سُلَيْمٰانَ وَ مٰا كَفَرَ 37سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ إِلَى قَوْلِهِ: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ ».
8570 / _2 اِبْنُ بَابَوَيْهِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ اَلْقُرَشِيُّ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَحْمَدَ اِبْنِ عَلِيٍّ اَلْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْجَهْمِ ، قَالَ: سَمِعْتُ اَلْمَأْمُونَ يَسْأَلُ اَلرِّضَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَمَّا يَرْوِيهِ اَلنَّاسُ مِنْ أَمْرِ اَلزُّهَرَةِ ، وَ أَنَّهَا كَانَتِ اِمْرَأَةً فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ ، وَ مَا يَرْوُونَهُ مِنْ أَمْرِ سُهَيْلٍ ، وَ أَنَّهُ كَانَ عَشَّاراً بِالْيَمَنِ . فَقَالَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «كَذَبُوا فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّهُمَا كَوْكَبَانِ، وَ إِنَّمَا كَانَتَا دَابَّتَيْنِ مِنْ دَوَابِّ اَلْبَحْرِ، وَ غَلِطَ اَلنَّاسُ [وَ ظَنُّوا] أَنَّهُمَا كَوْكَبَانِ، وَ مَا كَانَ اَللَّهُ تَعَالَى لِيَمْسَخَ أَعْدَاءَهُ أَنْوَاراً مُضِيئَةً، ثُمَّ يُبْقِيَهُمَا مَا بَقِيَتِ اَلسَّمَاءُ وَ اَلْأَرْضُ، وَ إِنَّ اَلْمُسُوخَ لَمْ تَبْقَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى تَمُوتَ، وَ مَا تَنَاسَلَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَ مَا عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ اَلْيَوْمَ مَسْخٌ، وَ إِنَّ اَلَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا اِسْمُ اَلْمُسُوخِيَّةِ مِثْلُ اَلْقِرَدةِ وَ اَلْخِنْزِيرِ وَ اَلدُّبِّ وَ أَشْبَاهِهَا، إِنَّمَا هِيَ مِثْلُ مَا مَسَخَ اَللَّهُ عَلَى صُوَرِهَا قَوْماً غَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ بِإِنْكَارِهِمْ تَوْحِيدَ اَللَّهِ، وَ تَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ. وَ أَمَّا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ ، فَكَانَا مَلَكَيْنِ عَلَّمَا اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ، لِيَحْتَرِزُوا بِهِ مِنْ سِحْرِ اَلسَّحَرَةِ، وَ يُبْطِلُوا بِهِ كَيْدَهُمْ، وَ مَا عَلَّمَا أَحَداً مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً إِلاَّ قَالاَ لَهُ: إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ فَكَفَرَ قَوْمٌ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِمَا أُمِرُوا بِالاِحْتِرَازِ مِنْهُ، وَ جَعَلُوا يُفَرِّقُونَ بِمَا تَعَلَّمُوهُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ يَعْنِي بِعِلْمِهِ».
14,6,910221 / _1 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اَلْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَسَنِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، [قَالَ: «سَمِعْتُ أَبِي ] يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: دَخَلَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَلَمَّا سَلَّمَ وَ جَلَسَ تَلاَ هَذِهِ اَلْآيَةَ اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ اَلْإِثْمِ وَ اَلْفَوٰاحِشَ ثُمَّ أَمْسَكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : مَا أَسْكَتَكَ؟ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَ اَلْكَبَائِرَ مِنْ كِتَابِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. فَقَالَ: نَعَمْ يَا عَمْرُو وَ أَكْبَرُ اَلْكَبَائِرِ اَلشِّرْكُ بِاللَّهِ، يَقُولُ اَللَّهُ: (وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ اَلْجَنَّةَ ) ، وَ بَعْدَهُ اَلْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اَللَّهِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّهُ لاٰ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكٰافِرُونَ ثُمَّ اَلْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اَللَّهِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: فَلاٰ يَأْمَنُ مَكْرَ اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخٰاسِرُونَ ، وَ مِنْهَا عُقُوقُ اَلْوَالِدَيْنِ، لِأَنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ اَلْعَاقَّ جَبَّاراً شَقِيّاً، وَ قَتْلُ اَلنَّفْسِ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا ، إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ، وَ قَذْفُ اَلْمُحْصَنَةِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: لُعِنُوا فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ ، وَ أَكْلُ مَالِ اَلْيَتِيمِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ، وَ اَلْفِرَارُ مِنَ اَلزَّحْفِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّٰ مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اَللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ ، وَ أَكْلُ اَلرِّبَا، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ اَلرِّبٰا لاٰ يَقُومُونَ إِلاّٰ كَمٰا يَقُومُ اَلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ 1اَلشَّيْطٰانُ مِنَ اَلْمَسِّ ، وَ اَلسِّحْرُ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ ، وَ اَلزِّنَا، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً*`يُضٰاعَفْ لَهُ اَلْعَذٰابُ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً ، وَ اَلْيَمِينُ اَلْغَمُوسُ اَلْفَاجِرَةُ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولٰئِكَ لاٰ خَلاٰقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ ، وَ اَلْغُلُولُ ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمٰا غَلَّ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ ، وَ مَنْعُ اَلزَّكَاةِ اَلْمَفْرُوضَةِ لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: فَتُكْوىٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ ، وَ شَهَادَةُ اَلزُّورِ وَ كِتْمَانُ اَلشَّهَادَةِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ، وَ شُرْبُ اَلْخَمْرِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْهَا، كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ اَلْأَوْثَانِ، وَ تَرْكُ اَلصَّلاَةِ مُتَعَمِّداً، أَوْ شَيْئاً مِمَّا فَرَضَ اَللَّهُ، لِأَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: مَنْ تَرَكَ اَلصَّلاَةَ مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِىءَ مِنْ ذِمَّةِ اَللَّهِ وَ ذِمَّةِ رَسُولِهِ ، وَ نَقْضُ اَلْعَهْدِ وَ قَطِيعَةُ اَلرَّحِمِ، لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: أُولٰئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّٰارِ . قَالَ: فَخَرَجَ عَمْرٌو وَ لَهُ صُرَاخٌ مِنْ بُكَائِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ يَقُولُ بِرَأْيِهِ، وَ نَازَعَكُمْ فِي اَلْفَضْلِ وَ اَلْعِلْمِ».
304 قَالَ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : « وَ لَمّٰا جٰاءَهُمْ » جَاءَ هَؤُلاَءِ اَلْيَهُودَ وَ مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ اَلنَّوَاصِبِ « رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ [مُصَدِّقٌ لِمٰا مَعَهُمْ] » اَلْقُرْآنُ مُشْتَمِلاً عَلَى [وَصْفِ] فَضْلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ ، وَ إِيجَابِ وَلاَيَتِهِمَا، وَ وَلاَيَةِ أَوْلِيَائِهِمَا، وَ عَدَاوَةِ أَعْدَائِهِمَا « نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتٰابَ [كِتٰابَ اَللّٰهِ » ] اَلْيَهُودُ اَلتَّوْرَاةَ وَ كُتُبَ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ « وَرٰاءَ ظُهُورِهِمْ » وَ تَرَكُوا اَلْعَمَلَ بِمَا فِيهَا وَ حَسَدُوا مُحَمَّداً عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَ عَلِيّاً عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَ جَحَدُوا عَلَى مَا وَقَفُوا عَلَيْهِ مِنْ فَضَائِلِهِمَا « كَأَنَّهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ » فَعَلُوا مَنْ جَحَدَ ذَلِكَ وَ اَلرَّدُّ لَهُ فِعْلُ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ حَقٌّ. « وَ اِتَّبَعُوا » هَؤُلاَءِ اَلْيَهُودُ وَ اَلنَّوَاصِبُ « مٰا تَتْلُوا » مَا تَقْرَأُ « اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ 37سُلَيْمٰانَ » وَ زَعَمُوا أَنَّ 37« سُلَيْمَانَ » بِذَلِكَ اَلسِّحْرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ نَالَ مَا نَالَهُ مِنَ اَلْمُلْكِ اَلْعَظِيمِ فَصَدُّوهُمْ بِهِ عَنْ كِتَابِ اَللَّهِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اَلْيَهُودَ اَلْمُلْحِدِينَ وَ اَلنَّوَاصِبَ اَلْمُشَارِكِينَ لَهُمْ فِي إِلْحَادِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَضَائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، وَ شَاهَدُوا مِنْهُ وَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلَّتِي أَظْهَرَهَا اَللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَفْضَى بَعْضُ اَلْيَهُودِ وَ اَلنُّصَّابِ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا: مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ طَالِبُ دُنْيَا بِحِيَلٍ وَ مَخَارِيقَ وَ سِحْرٍ وَ نِيرَنْجَاتٍ تَعَلَّمَهَا، وَ عَلَّمَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْضَهَا، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَيْنَا فِي حَيَاتِهِ، وَ يَعْقِدَ اَلْمُلْكَ لِعَلِيٍّ بَعْدَهُ، وَ لَيْسَ مَا يَقُولُهُ عَنِ اَللَّهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ فَيَعْقِدُ عَلَيْنَا وَ عَلَى ضُعَفَاءِ عِبَادِ اَللَّهِ بِالسِّحْرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ اَلَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا، وَ أَوْفَرُ اَلنَّاسِ كَانَ حَظّاً مِنْ هَذَا اَلسِّحْرِ 37« سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ » اَلَّذِي مَلَكَ بِسِحْرِهِ اَلدُّنْيَا كُلَّهَا مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ وَ اَلشَّيَاطِينِ، وَ نَحْنُ إِذَا تَعَلَّمْنَا بَعْضَ مَا كَانَ تَعَلَّمَهُ 37سُلَيْمَانُ ، تَمَكَّنَّا مِنْ إِظْهَارِ مِثْلِ مَا يُظْهِرُهُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ ، وَ اِدَّعَيْنَا لِأَنْفُسِنَا مَا يَجْعَلُهُ مُحَمَّدٌ لِعَلِيٍّ ، وَ قَدِ اِسْتَغْنَيْنَا عَنِ اَلاِنْقِيَادِ لِعَلِيٍّ . فَحِينَئِذٍ ذَمَّ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْجَمِيعَ مِنَ اَلْيَهُودِ وَ اَلنَّوَاصِبِ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: نَبَذُوا كِتَابَ اَللَّهِ اَلْآمِرَ بِوَلاَيَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ « وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا » كَفَرَةُ « اَلشَّيٰاطِينُ » مِنَ اَلسِّحْرِ وَ اَلنِّيرَنْجَاتِ « عَلىٰ مُلْكِ 37سُلَيْمٰانَ » اَلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ 37سُلَيْمَانَ بِهِ مَلَكَ وَ نَحْنُ أَيْضاً بِهِ نُظْهِرُ اَلْعَجَائِبَ حَتَّى يَنْقَادَ لَنَا اَلنَّاسُ وَ نَسْتَغْنِيَ عَنِ اَلاِنْقِيَادَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ . قَالُوا: وَ كَانَ 37سُلَيْمَانُ كَافِراً سَاحِراً مَاهِراً، بِسِحْرِهِ مَلَكَ مَا مَلَكَ، وَ قَدَرَ عَلَى مَا قَدَرَ فَرَدَّ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: « وَ مٰا كَفَرَ 37سُلَيْمٰانُ » وَ لاَ اِسْتَعْمَلَ اَلسِّحْرَ كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ اَلْكَافِرُونَ « وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ » أَيْ بِتَعْلِيمِهِمُ اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ اَلَّذِي نَسَبُوهُ إِلَى 37سُلَيْمَانَ كَفَرُوا، ثُمَّ قَالَ: « وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ » قَالَ: كَفَرَ اَلشَّيَاطِينُ بِتَعْلِيمِهِمُ اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ، وَ بِتَعْلِيمِهِمْ إِيَّاهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ اِسْمُ اَلْمَلَكَيْنِ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ كَانَ بَعْدَ 21نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ كَثُرَ اَلسَّحَرَةُ وَ اَلْمُمَوِّهُونَ، فَبَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى مَلَكَيْنِ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ بِذِكْرِ مَا يَسْحَرُ بِهِ اَلسَّحَرَةُ، وَ ذِكْرِ مَا يُبْطِلُ بِهِ سِحْرَهُمْ وَ يَرُدُّ بِهِ كَيْدَهُمْ. فَتَلَقَّاهُ اَلنَّبِيُّ عَنِ اَلْمَلَكَيْنِ وَ أَدَّاهُ إِلَى عِبَادِ اَللَّهِ بِأَمْرِ اَللَّهِ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَقِفُوا بِهِ عَلَى اَلسِّحْرِ وَ أَنْ يُبْطِلُوهُ، وَ نَهَاهُمْ أَنْ يَسْحَرُوا بِهِ اَلنَّاسَ. وَ هَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى اَلسَّمِّ مَا هُوَ، وَ عَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ غَائِلَةُ اَلسَّمِّ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُتَعَلِّمِ ذَلِكَ: هَذَا اَلسَّمُّ، فَمَنْ رَأَيْتَهُ سُمَّ فَادْفَعْ غَائِلَتَهُ بِكَذَا، وَ إِيَّاكَ أَنْ تَقْتُلَ بِالسَّمِّ أَحَداً. ثُمَّ قَالَ: « وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ » وَ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ اَلنَّبِيَّ أَمَرَ اَلْمَلَكَيْنِ أَنْ يَظْهَرَا لِلنَّاسِ بِصُورَةِ بَشَرَيْنِ وَ يُعَلِّمَانِهِمْ مَا عَلَّمَهُمَا اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَ يَعِظَاهُمْ فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: « وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ » ذَلِكَ اَلسِّحْرَ وَ إِبْطَالَهُ « حَتّٰى يَقُولاٰ » لِلْمُتَعَلِّمِ: « إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ » : اِمْتِحَانٌ. لِلْعِبَادِ لِيُطِيعُوا اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيمَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَا، وَ يُبْطِلُوا بِهِ كَيْدَ اَلسَّاحِرِ، وَ لاَ يَسْحَرُوا لَهُمْ . « فَلاٰ تَكْفُرْ » بِاسْتِعْمَالِ هَذَا اَلسِّحْرِ وَ طَلَبِ اَلْإِضْرَارِ بِهِ وَ دُعَاءِ اَلنَّاسِ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدُوا [بِكَ] أَنَّكَ بِهِ تُحْيِي وَ تُمِيتُ، وَ تَفْعَلُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: « فَيَتَعَلَّمُونَ » يَعْنِي طَالِبِي اَلسِّحْرِ « مِنْهُمٰا » يَعْنِي مِمَّا كَتَبَتِ اَلشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ 37سُلَيْمَانَ مِنَ النِّيرَنْجَاتِ، وَ مَا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ ، يَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَيْنِ اَلصِّنْفَيْنِ « مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ » هَذَا مَنْ يَتَعَلَّمُ لِلْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ، يَتَعَلَّمُونَ اَلتَّفْرِيقَ بِضُرُوبِ اَلْحِيَلِ وَ اَلتَّمَائِمِ وَ اَلْإِيهَامِ أَنَّهُ قَدْ دَفَنَ [كَذَا] وَ عَمِلَ كَذَا لِيَجْلِبَ قَلْبَ اَلْمَرْأَةِ عَنِ اَلرَّجُلِ، وَ قَلْبَ اَلرَّجُلِ عَنِ اَلْمَرْأَةِ وَ يُؤَدِّيَ إِلَى اَلْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » أَيْ مَا اَلْمُتَعَلِّمُونَ لِذَلِكَ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اَللَّهِ بِتَخْلِيَةِ اَللَّهِ وَ عِلْمِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ بِالْجَبْرِ وَ اَلْقَهْرِ. ثُمَّ قَالَ: « وَ يَتَعَلَّمُونَ مٰا يَضُرُّهُمْ وَ لاٰ يَنْفَعُهُمْ » لِأَنَّهُمْ إِذَا تَعَلَّمُوا ذَلِكَ اَلسِّحْرَ لِيَسْحَرُوا بِهِ وَ يَضُرُّوا، فَقَدْ تَعَلَّمُوا مَا يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ وَ لاَ يَنْفَعُهُمْ فِيهِ، بَلْ يَنْسَلِخُونَ عَنْ دِينِ اَللَّهِ بِذَلِكَ. « وَ لَقَدْ عَلِمُوا » هَؤُلاَءِ اَلْمُتَعَلِّمُونَ « لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ » بِدِينِهِ اَلَّذِي يَنْسَلِخُ عَنْهُ بِتَعَلُّمِهِ « مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » مِنْ نَصِيبٍ فِي ثَوَابِ اَلْجَنَّةِ « وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » وَ رَهَنُوهَا بِالْعَذَابِ « لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أَيْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا اَلْآخِرَةَ، وَ تَرَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ اَلْجَنَّةِ ، لِأَنَّ اَلْمُتَعَلِّمِينَ لِهَذَا اَلسِّحْرِ هُمُ اَلَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنْ لاَ رَسُولَ، وَ لاَ إِلَهَ، وَ لاَ بَعْثَ، وَ لاَ نُشُورَ. فَقَالَ: « وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنْ لاَ آخِرَةَ، فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ آخِرَةٌ فَلاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي دَارٍ بَعْدَ اَلدُّنْيَا، وَ إِنْ كَانَ [بَعْدَ اَلدُّنْيَا] آخِرَةٌ فَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِهَا لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ: « وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ بِالْعَذَابِ، إِذَا بَاعُوا اَلْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا وَ رَهَنُوا بِالْعَذَابِ [اَلدَّائِمِ] أَنْفُسَهُمْ « لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَذَابِ وَ لَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ بِهِ. فَلَمَّا تَرَكُوا اَلنَّظَرَ فِي حُجَجِ اَللَّهِ حَتَّى يَعْلَمُوا، عَذَّبَهُمْ عَلَى اِعْتِقَادِهِمُ اَلْبَاطِلَ وَ جَحْدِهِمُ اَلْحَقَّ. قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَ أَبُو اَلْحَسَنِ : قُلْنَا لِلْحَسَنِ أَبِي اَلْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فَإِنَّ قَوْماً عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ مَلَكَانِ اِخْتَارَتْهُمَا اَلْمَلاَئِكَةُ لَمَّا كَثُرَ عِصْيَانُ بَنِي آدَمَ، وَ أَنْزَلَهُمَا اَللَّهُ مَعَ ثَالِثٍ لَهُمَا إِلَى اَلدُّنْيَا، وَ أَنَّهُمَا اِفْتَتَنَا بِالزُّهُرَةِ ، وَ أَرَادَا اَلزِّنَا بِهَا، وَ شَرِبَا اَلْخَمْرَ، وَ قَتَلاَ اَلنَّفْسَ اَلْمُحَرَّمَةَ، وَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُعَذِّبُهُمُا بِبَابِلَ ، وَ أَنَّ اَلسَّحَرَةَ مِنْهُمَا يَتَعَلَّمُونَ اَلسِّحْرَ وَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالِي مَسَخَ تِلْكَ اَلْمَرْأَةَ هَذَا اَلْكَوْكَبَ اَلَّذِي هُوَ اَلزُّهَرَةُ . فَقَالَ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : مَعَاذَ اَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّ مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ تَعَالَى مَعْصُومُونَ [مِنَ اَلْخَطَإِ] مَحْفُوظُونَ مِنَ اَلْكُفْرِ وَ اَلْقَبَائِحِ بِأَلْطَافِ اَللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ: « لاٰ يَعْصُونَ اَللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ » وَ قَالَ تَعَالَى: « وَ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ » يَعْنِي اَلْمَلاَئِكَةَ« لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِهِ وَ لاٰ يَسْتَحْسِرُونَ. `يُسَبِّحُونَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ » وَ قَالَ فِي اَلْمَلاَئِكَةِ« بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ. `لاٰ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ » إِلَى قَوْلِهِ« وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » . ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ كَانَ اَللَّهُ قَدْ جَعَلَ هَؤُلاَءِ اَلْمَلاَئِكَةَ خُلَفَاءَهُ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ كَانُوا كَالْأَنْبِيَاءِ فِي اَلدُّنْيَا وَ كَالْأَئِمَّةِ ، فَيَكُونُ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَئِمَّةِ قَتْلُ اَلنَّفْسِ وَ فِعْلُ اَلزِّنَا! ثُمَّ قَالَ: أَ وَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْلِ اَلدُّنْيَا قَطُّ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ إِمَامٍ مِنَ اَلْبَشَرِ أَ وَ لَيْسَ اَللَّهُ يَقُولُ: « وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ » يَعْنِي إِلَى اَلْخَلْقِ« إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرىٰ » فَأَخْبَرَ اَللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثِ اَلْمَلاَئِكَةَ إِلَى اَلْأَرْضِ لِيَكُونُوا أَئِمَّةً وَ حُكَّاماً، وَ إِنَّمَا أَرْسَلُوا إِلَى أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ. قَالاَ: قُلْنَا لَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: فَعَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ 1إِبْلِيسُ أَيْضاً مَلَكاً فَقَالَ: لاَ، بَلْ كَانَ مِنَ اَلْجِنِّ، أَ مَا تَسْمَعَانِ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: « وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اُسْجُدُوا 18لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ 1 إِبْلِيسَ كٰانَ مِنَ اَلْجِنِّ » . فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ اَلْجِنِّ، وَ هُوَ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: « وَ اَلْجَانَّ خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نٰارِ اَلسَّمُومِ » .
وَ قَالَ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنِ اَلرِّضَا ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّ اَللَّهَ اِخْتَارَنَا مَعَاشِرَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اِخْتَارَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اِخْتَارَ اَلْمَلاَئِكَةَ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ مَا اِخْتَارَهُمْ إِلاَّ عَلَى عَلْمٍ مِنْهُ بِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يُوَاقِعُونَ مَا يَخْرُجُونَ بِهِ عَنْ وَلاَيَتِهِ، وَ يَنْقَطِعُونَ بِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ، وَ يَنْضَمُّونَ بِهِ إِلَى اَلْمُسْتَحِقِّينَ لِعَذَابِهِ وَ نِقْمَتِهِ. قَالاَ: فَقُلْنَا لَهُ: فَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْوَلاَيَةِ وَ اَلْإِمَامَةِ، عَرَضَ اَللَّهُ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَلاَيَتَهُ عَلَى فِئَامٍ وَ فِئَامٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، فَأَبَوْهَا فَمَسَخَهُمُ اَللَّهُ ضَفَادِعَ. فَقَالَ: مَعَاذَ اَللَّهِ هَؤُلاَءِ اَلْمُكَذِّبُونَ [لَنَا، اَلْمُفْتَرُونَ] عَلَيْنَا، اَلْمَلاَئِكَةُ هُمْ رُسُلُ اَللَّهِ فَهُمْ كَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ إِلَى اَلْخَلْقِ، أَ فَيَكُونُ مِنْهُمُ اَلْكُفْرُ بِاللَّهِ قُلْنَا: لاَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ اَلْمَلاَئِكَةُ، إِنَّ شَأْنَ اَلْمَلاَئِكَةِ عَظِيمٌ، وَ إِنَّ خَطْبَهُمْ لَجَلِيلٌ .
و أخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال لأي داء أنت فتقول لكذا و كذا فلما نبتت الشجرة الخرنوبة قال لأي شي أنت قالت لمسجدك أخربه فلم يلبث ان توفى فكتب الشياطين كتابا فجعلوه في مصلى سليمان فقالوا لنحن ندلكم على ما كان سليمان يداوى به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر و رقي فانزل الله وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ إلى قوله وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ و ذكر انها في قراءة أبى و ما يتلى على الملكين بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ سبع مرار فان أبى الا أن يكفر علماه فيخرج منه نور حتى يسطع في السماء قال المعرفة التي كان يعرف
أخرج سفيان بن عيينة و سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الحاكم و صححه عن ابن عباس قال ان الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فإذا سمع أحدهم بكلمة حق كذب عليها ألف كذبة فاشربتها قلوب الناس و اتخذوها دواوين فاطلع الله على ذلك سليمان بن داود فأخذها فقذفها تحت الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لاحد مثل كنزه الممنع قالوا نعم فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسختها الأمم و أنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر فقال وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ سُلَيْمٰانَ الآية
و أخرج النسائي و ابن أبى حاتم عن ابن عباس قال كان آصف كاتب سليمان و كان يعلم الاسم الأعظم و كان يكتب كل شي بأمر سليمان و يدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا و كفرا و قالوا هذا الذي كان سليمان يعمل بها فاكفره جهال الناس و سبوه و وقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ
و أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس قال لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن و الانس و اتبعوا الشهوات فلما رجع إلى سليمان ملكه و قام الناس على الدين ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه و توفى حدثان ذلك فظهر الجن و الانس على الكتب بعد وفاة سليمان و قالوا هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منا فأخذوه فجعلوه دينا فانزل الله وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ أى الشهوات التي كانت الشياطين تتلو و هي المعازف و اللعب وكل شي يصد عن ذكر الله
و أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيا من شانه أعطى الجرادة و هي امرأته خاتمه فلما أراد الله أن يبتلى سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها هاتى خاتمي فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الشياطين و الجن و الانس فجاءها سليمان فقال هاتى خاتمي فقالت كذبت لست سليمان فعرف انه بلاء ابتلى به فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر و كفر ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها فقرءوها على الناس و قالوا انما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب فبرئ الناس من سليمان و أكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم و أنزل عليه وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا
14و أخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال قال اليهود انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء انما كان ساحرا يركب الريح فانزل الله وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ الآية
14و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن أبى العالية قال ان اليهود سألوا النبي صلى الله عليه و سلم زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شي من ذلك الا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل علينا منا و انهم سألوه عن السحر و خاصموه به فانزل الله وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ الآية و ان الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر و الكهانة و ما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان و كان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر و خدعوا به الناس و قالوا هذا علم كان سليمان يكتمه و يحسد الناس عليه فأخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث فرجعوا من عنده و قد حزنوا و أدحض الله حجتهم
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن أبى مجلز قال أخذ سليمان من كل دابة عهدا فإذا أصيب رجل فيسأل بذلك العهد خلى عنه فرأى الناس بذلك السجع و السحر و قالوا هذا كان يعمل به سليمان فقال الله وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ الآية
14,1أخرج أبو داود و ابن أبى حاتم و البيهقي في سننه عن على قال ان حبيبي صلى الله عليه و سلم نهاني أن أصلى بأرض بابل فإنها ملعونة
و أخرج الدينوري في المجالسة و ابن عساكر من طريق نعيم بن سالم و هو متهم عن أنس بن مالك قال لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث إليهم ريحا شرقية و غربية و قبلية و بحرية فجمعتهم إلى بابل فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حشروا له إذ نادى مناد من جعل المغرب عن يمينه و المشرق عن يساره و اقتصد إلى البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء فقام يعرب بن قحطان فقيل له يا يعرب بن قحطان بن هود أنت هو فكان أول من تكلم بالعربية فلم يزل المنادى ينادى من فعل كذا و كذا فله كذا و كذا حتى افترقوا على اثنين و سبعين لسانا و انقطع الصوت و تبلبلت الألسن فسميت بابل و كان اللسان يومئذ بابليا و هبطت ملائكة الخير و الشر و ملائكة الحياء و الايمان و ملائكة الصحة و الشفاء و ملائكة الغنى و ملائكة الشرف و ملائكة المروءة و ملائكة الجفاء و ملائكة الجهل و ملائكة السيف و ملائكة الباس حتى انتهوا إلى العراق فقال بعضهم لبعض افترقوا فقال ملك الايمان انا أسكن المدينة و مكة فقال ملك الحياء انا معك و قال ملك الشفاء انا أسكن البادية فقال ملك الصحة و انا معك و قال ملك الجفاء و انا أسكن المغرب فقال ملك الجهل و أنا معك و قال ملك السيف انا أسكن الشام فقال ملك الباس انا معك و قال ملك الغنى انا أقيم هاهنا فقال ملك المروءة أنا معك فقال ملك الشرف و انا معكما فاجتمع ملك الغنى و المروأة و الشرف بالعراق
14و أخرج ابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان الله عز و جل خلق أربعة أشياء و أردفها أربعة أشياء خلق الجدب و أردفه الزهد و أسكنه الحجاز و خلق العفة و أردفها الغفلة و أسكنها اليمن و خلق الرزق و أردفه الطاعون و أسكنه الشام و خلق الفجور و أردفه الدرهم و أسكنه العراق
و أخرج ابن جرير عن السدى في قوله وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ قال هذا سحر آخر خاصموه به فان كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الانس فصنع و عمل به كان سجرا
و أخرج ابن جرير عن مجاهد قال أما السحر فإنما يعلمه الشياطين و أما الذي يعلمه الملكان فالتفريق بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم عن ابن عباس في قوله وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ قال التفرقة بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ
و أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ يقول ما كان عن مشورته و لا عن رضا منه و لكنه شي افتعلته الشياطين دونه يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ فالسحر سحران سحر تعلمه الشياطين و سحر يعلمه هاروت و ماروت
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن ابن عباس في قوله وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ قال لم ينزل الله السحر
1و أخرج ابن أبى حاتم عن على في الآية قال هما ملكان من ملائكة السماء و أخرج ابن مردويه من وجه آخر عنه مرفوعا
و أخرج ابن أبى حاتم عن عبد الرحمن ابن أبزى انه كان يقرؤها و ما أنزل على الملكين داود و سليمان
و أخرج ابن أبى حاتم عن الضحاك انه قرأ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ و قال هما علجان من أهل بابل