حول القرآن

التعرف علی القرآن الکريم

أسماء القرآنالقرآن، الکتاب، الذکر، الفرقان، التنزيل.[1]

الإسم عند المسلمينالمصحف.[2]

الأوصافالکريم، المجيد، الحکيم، المبين و ... (ذکروا للقرآن اسماء وأوصافا عديدة سنذکرها في الختام)

المُنزِّل (الموحي)الله تعالی إسمه.

المُنزَّل عليه (الموحی اليه)محمد بن عبد الله صلی الله عليه وآله.

ملک الوحيجبرائيل عليه السلام.[3]

اللغةالعربية.

تأريخ نزول القرآنسنة 609 من الميلاد.[4]

بدء نزول القرآن27 من رجب، ثلاث عشر سنة قبل الهجرة. [5]

مکان نزول الآيات الإبتدائيةغار حراء.[6]

زمن النزول الدفعيشهر رمضان، ليلة القدر.

محل النزولمکة المکرمة - المدينة المنورة.

مدّة النزولثلاث وعشرون عاماً.

أنحاء الوحيالوحي الرسالي ... يتحقّق على أنحاء ثلاثة، كما جاءت في الآية الكريمة: «وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِي حَكِيمٌ». الصورة الأولى: القاء في القلب ونفث في الروع. والثانية: تكليم من وراء حجاب، بخلق الصوت في الهواء بما يقرع مسامع النبی صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا يرى شخص المتكلّم. والثالثة: إرسال ملك الوحي فيبلّغه إلى النبيّ، إمّا عيانا يراه، أولا يراه ولكن يستمع إلى رسالته.[7]

محتويات القرآن الکلية:

الف: المعارف الإلهية، إثبات التوحيد والنبوة والمعاد.

ب: الأحکام الشرعية الفقهية.

ج: القصص والأمثال.

(سور القرآن وتقسيماتها)

معنى السورة في اللغة وإصطلاحا:

السورة في إصطلاح العلماء طائفة من آيات القرآن جمعت وضم بعضها إلى بعض حتى بلغت في الطول والمقدار الذي أراده اللّه سبحانه وتعالى لها، وكل سور القرآن بدئت بالبسملة إلّا براءة. وقد اختلف في أصل مأخذها فقيل هي مأخوذة من سور المدينة، لإحاطتها بآياتها إحاطة السور بالبنيان، وقيل: لأنها ضمت آياتها بعضها إلى بعض كما أن السور توضع لبناته بعضها فوق بعض حتى يصل إلى الارتفاع الذي يراد، وقيل: مأخوذة من السورة، وهي الرتبة والمنزلة، .. وسور القرآن مراتب ومنازل يترقى فيها القارئ من منزلة إلى أخرى. وقيل: مأخوذة من السؤر، وهو ما بقی من الشراب في الإناء، كأنها قطعة من القرآن وبقية منه وهي على هذا مهموزة وحذفت همزتها تخفيفا.[8]

أطول سورة فی القرآن وأقصرها:

أطول سورة في القرآن البقرة (وهي286 آية)، وأقصرها الكوثر(وهي ثلاث آيات) [9].

أول سورة کاملة نزلت من القرآن:

هي سورة الحمد. [10] (وأول ما نزل من القرآن هو الآيات الخمس من أوّل سورة العلق، ونزلت بقيّتها في فترة متأخّرة). [11]

آخر سورة کاملة نزلت من القرآن:

قيل هي سورة النصر.[12] وقيل: هي سورة البرائة.[13]

أول سورة تلاها النبي صلی الله عليه وآله جهراً:

هي سورة النجم. [14]

السورة التي لم تفتح بالبسملة:

هي سورة البراءة.

السورة التي لها بسملتان:

هي سورة النمل (أحدها في مطلع السورة والأخری في الآية الثلاثين منها).

السورة التي في جميع آياتها لفظة (الله):

هي سورة المجادلة.

عدد سور القرآن:

عددها مائة وأربع عشرة سورة بإجماع من يعتد به. [15] وقيل: عددها مائة وثلاث عشرة سورة بجعل الأنفال والبراءة سورة واحدة.

عدد السور المکية والسور المدنية:

عدد السور المكيّة - علی أحد الأقوال- ست وثمانون سورة. وعدد السور المدنية ثمان وعشرون سورة. [16] وهناک قول آخر، قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «جميع ما نزل بمكة خمس وثمانون سورة لا خلاف فی ذلك. وبالمدينة تسع وعشرون سورة لا خلاف في ذلك» [17].

السورة التي تعدل قرائتها ثلاث مرات کل القرآن:

هي سورة الإخلاص. [18]

السورة التي سميت أم الکتاب:

هي سورة الفاتحة. [19]

السورة التي سميت قلب القرآن:

هي سورة يس. [20]

السورة التي سميت عروس الرحمن:

هي سورة الرحمن. [21]

عدد سجدات التلاوة:

سجدة التلاوة في القرآن في خمسة عشر موضعا، في «الأعراف» و«الرعد» و«النمل» و«بنی إسرائيل» و«مريم» و«الحج» فی موضعين و«الفرقان» و«النحل» و«ص» و«الانشقاق» و«السجدة» و«فصلت» و«النجم» و«العلق». [22] وفي أربعة من هذه المواضع (أي: السجدة وفصلت والنجم والعلق) واجبة عندنا يعبّر عنها بسجود العزائم ومستحبّة في البواقي، وقالت الشافعيّة: بالاستحباب في الجميع، والحنفيّة بالوجوب فی الجميع. [23]

تقسيمات السور:

قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثانی مكان الزبور، وفضلت بالمفصل»[24] . وعليه قسموا سور القرآن کمّاً إلی أربعة أقسام:

الف: السّبع الطُّوَل؛ [25]

سميت هذه السور طولاً لطولها، وهي: «البقرة» و«آل عمران» و«النساء» و«المائدة» و«الأنعام» و«الأعراف» و«الأنفال والتوبة جميعاً». (كانوا يعدّون الأنفال والتوبة سورة واحدة). روي عن سعيد بن جبير أن السابعة هي يونس، وروی الحاکم أنها الکهف.[26]

ب: المئون؛

قال إبن قتيبة: [المئون] هي ما ولي الطول وإنما سميت بالمئين لأن کل سورة تزيد علی مائة آية أو تقاربها. [27] قيل: تلک السور هي «الإسراء والکهف ومريم وطه والأنبياء والحج والمؤمنون». [28] وقيل: هي «البراءة والنحل وهود ويوسف والکهف والإسراء والأنبياء وطه والمؤمنون والشعراء والصافات». [29]

ج: المثاني؛ ما ولي المئين من السّور التي دون المئة، كأنّ المئين مباد، وهذه مثان.[30] وسمّيت مثاني لأنّها تثنى أي تكرر قراءتها أكثر ممّا تقرأ غيرها من الطوال والمئين.[31]

د: المفصّل؛

فهو ما يلي المثاني من قصار السّور، وإنما سمّيت مفصّلا لقصرها وكثرة الفصول فيها بسطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم. وقد ذكر الماوردي في أول «تفسيره» في المفصّل ثلاثة أقوال: أحدها: أنه من أول سورة (محمّد) إلى آخر القرآن، قاله الأكثرون. والثاني: من سورة (قاف) إلى آخره، حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة. والثالث: من (الضّحى) إلى آخره، قاله إبن عباس.[32] 

وقال السيوطي: المفصل: ما ولي المثاني من قصار السّور، سمّي بذلك لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة. وقيل: لقلّة المنسوخ منه، ولهذا يسمّى بالمحكم أيضا، كما روى البخاريّ عن سعيد بن جبير، قال: إنّ الذي تدعونه المفصّل هو المحكم. وآخره سورة الناس بلا نزاع. وأختلف في أوّله على إثنی عشر قولا: أحدها: ق، لحديث أوس. الثاني: الحجرات، وصحّحه النّوويّ. الثالث: القتال(سورة محمد)، عزاه الماوردی للأكثرين. الرابع: الجاثية، حكاه القاضی عياض. الخامس: الصافّات. السادس: الصّف. السابع: تبارك، حكى الثلاثة إبن أبی الصّيف اليمنی في نكته على التنبيه. الثامن: الفتح، حكاه الكمال الذماري في شرح التنبيه. التاسع: الرحمن، حكاه إبن السّيد في أماليه على الموطأ. العاشر: الإنسان. الحادی عشر: سبّح، حكاه إبن الفركاح في تعليقه عن المرزوقي. الثانی عشر: الضحى، حكاه الخطّابي ووجهه: بأنّ القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير. وعبارة الراغب في مفرداته: المفصّل من القرآن السّبع الأخير.[33]

نکتة:

للمفصل طوال وأوساط وقصار؛ قال إبن معن: فطواله إلى عمّ، وأوساطه منها إلى الضحى، ومنها إلى آخر القرآن قصاره. هذا أقرب ما قيل فيه.[34]

هناک تقسيمات أخري:

الحواميم:

هي السّور المبدوءة بـ «حم» وهي سبع سور مرتّبة في المصحف على وفق ترتيب نزولها: «غافر» و«فصّلت» و«الشورى» و«الزّخرف» و«الدّخان» و«الجاثية» و«الأحقاف».[35]

الطواسين:

السور الطواسين هي التي تبدأ بالحروف المقطّعة طس أو طسم، وهي ثلاث سور على ترتيب النزول والمصحف: الشعراء، ثم النمل، ثم القصص، وموضوعاتها متشابهة، وروحها العامة، والمزاج النفسي الذي يسودها، والحالة العقلية التي هي عليها، واحدة.[36]

الرائيات:

هي السور المبدوءة بـ «الر» وهي خمس سور: «يونس» و«هود» و«يوسف» و«إبراهيم» و«الحجر» وإن إعتبرنا سورة الرعد التي بدئت بـ «المر» من الرائيات فيکون عددها حينئذ ست سور.[37]

سور ألم:

هي «البقرة» و«آل عمران» و«الأعراف»  و«العنكبوت» و«الروم» و«لقمان» و«السجدة».[38] (بدئت سورة الأعراف بـ «المص» والباقی بـ «الم»)

الممتحنات:

سور الممتحنات هي «الفتح» و«الحشر» و«السجدة» و«الطلاق» و«القلم» و«الحجرات» و«الملك» و«التغابن» و«المنافقون» و«الجمعة» و«الصّف»  و«الجن» و«نوح» و«المجادلة» و«الممتحنة» و«التحريم». [39]

المسبِّحات:

المسبّحات بكسر الباء نسبة مجازية، وهي السور التي في أوائلها «سُبحان» أو «سَبَّحَ لله»، أو «يُسبِّحُ» أو «سَبِّحْ»، وهي سبعة: «الإسراء» و«الحديد» و«الحشر» و«الصف» و«الجمعة» و«التغابن» و«الأعلى».[40]

سور الحمد:

سور الحمد هي «الفاتحة» و«الأنعام» و«الكهف» و«سبأ» و«فاطر». [41]

السور العتاق:

السور العتاق هي «الإسراء» و«الكهف» و«مريم» و«طه» و«الأنبياء». [42] روى البخاری عن إبن مسعود أنه قال في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: إنّهنّ من العتاق الأول.[43] (العتاق: جمع عتيق وهو القديم من كل شىء، والمراد بالعتاق هنا: ما نزل أولا).[44]

سور قل:

سور قل هي «الكافرون» و«الإخلاص» و«الفلق» و«الناس». [45]

الزهراوان:

السورتان الزهراوان هما «البقرة» و«آل عمران». [46] (الزهراوان: أي المنيران، واحدتها زهراء).[47]

القرينتان:

السورتان القرينتان هما «الأنفال» و«التوبة». [48]

المعوذتان:

المعوذتان هما الفلق والناس.

سور العزائم:

سور العزائم هي «السجدة» و«فصّلت» و«النجم» و«العلق». [49] لا يجوز قراءة هذه السور في الصلاة عند الإمامية.[50]

السور المکية و المدنية:

ناقش علماء القرآن تعريف المكي والمدني، وإتخذ بعضهم زمان النزول أساسا للتعريف، وجعل تأريخ الهجرة حدا فاصلا. و إستند بعضهم إلى مكان النزول في صياغته للتعريف.

التعريف بحسب الزمان: المكي هو ما نزل قبل الهجرة، والمدني هو ما نزل بعدها، سواء نزل بمكة أم بالمدينة، عام الفتح أو عام حجة الوداع، في سفر أو في حضر. وروی هذا التعريف عن يحيى بن سلام البصری المفسر حيث قال: «ما نزل بمكة وما نزل بطريق المدينة قبل أن يبلغ النبی صلى اللّه عليه و سلم المدينة، فهو من المكي، وما نزل على النبی صلى اللّه عليه وسلم في أسفاره بعد ما قدم المدينة فهو من المدني». وهذا هو التعريف المشهور في كتب علوم القرآن.

التعريف بحسب المكان: المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة. وقسّم هبة اللّه بن سلامة المفسر البغدادي المكي على قسمين، هما: المكي الأول، وهو ما نزل في مكة قبل الهجرة، والمكي الأخير: وهو ما نزل فيها بعد الفتح.[51]

السور المكية والمدنية على أربعة أنواع:

الف: مکي خالص.
ب: مدني خالص.
ج: مکي بعضه مدني.
د: مدني بعضه مکي.

أما المكي الخالص فمثل: سورة إقرأ، المدثر والقيامة.

وأما المدني الخالص: البقرة، آل عمران، النساء والمائدة.

وأما المكي الذي بعضه مدني فمثل سورة الأنعام، فإنها مكية إلا قوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ الآية، فقد صح أنها نزلت في مالك بن الصيف من اليهود، وسورة الأعراف، فإنها مكية إلا قوله تعالى: «وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ» الآية إلى خمس آيات أو ثمان بعدها فإنها مدنية، فإن الضمير في «وَسْئَلْهُمْ» لليهود، ولم يكن بمكة يهود، ومثل سورة الإسراء فإنها مكية إلا قوله تعالى: «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ» الآية فإنها مدنية كما يدل على ذلك ما رواه البخاري فی صحيحه عن إبن مسعود. ومثل سورة هود فإنها مكية إلا قوله تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَی النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ» الآية فقد صح أنها نزلت بالمدينة في قصة أبي اليسر.

وأما المدني الذي بعضه مكي فمثل: سورة الأنفال، فإنها مدنية إلا قوله تعالى: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا» الآية فقد روی عن مقاتل أنها مكية واستثنی أيضا قوله تعالى: «وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إلى غاية آية [36] فمكيات.[52]

السور المکية والمدنية حسب أشهر الأقوال:

السور المکية هي: «الحمد، الانعام، الأعراف، يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، مريم، طه، الأنبياء، المؤمنون، الفرقان، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، سبأ، فاطر، يس، الصافات، الزمر، غافر، فصّلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، ق، الذاريات، الطور، النجم، القمر، الواقعة، الملك، القلم، الحاقّة، المعارج، نوح، الجنّ، المزمّل، المدثر، القيمة، المرسلات، النبأ، النازعات، عبس، التكوير، الإنفطار، المطففين، الانشقاق، البروج، الطارق، الأعلى، الغاشية، الفجر، البلد، الشمس، الليل، الضحى، الإنشراح، التين، العلق، القدر، العاديات، القارعة، التكاثر، العصر، الهمزة، الفيل، قريش، الماعون، الكوثر، الكافرون، المسد، الاخلاص، الفلق والناس».

والسور المدنية هي: «البقرة، آل‌عمران، النساء، المائدة، الانفال، التوبة، الرعد، الحج، النور، الإحزاب، محمّد، الفتح، الحجرات، الرحمن، الحديد، المجادلة، الحشر، الممتحنة، الصف، الجمعة، المنافقون، التغابن، الطلاق، التحريم، الإنسان، البيّنة، الزلزلة والنصر».[53]

كيفية معرفة المكي والمدني وخصائص السور المکية والسور المدنية:

لم يحدثنا التاريخ أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان قد أمر أصحابه بحفظ الآيات والسور على زمان النزول، وإنما تشير الروايات إلى أنه كان يحدد لهم مواضع الآيات من السور وقت التنزيل وعند كتابتها فی الرقاع. ومن ثم فإن الصحابة كانت جهودهم متجهة إلى حفظ القرآن مرتبا على نحو ما يرتبه لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولكن بقی فی ذاكرتهم ما لاحظوه من مكان وزمان نزول كثير من الآيات والسور، ونقل ذلك عنهم تلامذتهم من التابعين. قال القاضي أبو بكر الباقلاني: «إنما يرجع في معرفة المكي والمدني إلى حفظ الصحابة التابعين، ولم يرد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك قول، لأنه لم يؤمر به، ولم يجعل اللّه علم ذلك من فرائض الأمة، وإن وجب فی بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ، فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول». ولاحظ العلماء أن معرفة المكي والمدني من سور القرآن يمكن أن يكون من طريقين: سماعي وقياسي.

فالسماعي: ما وصل إلينا الخبر بنزوله في مكة أو المدينة، قبل الهجرة أو بعدها، وكان عدد من الصحابة قد أبدوا اهتماما بهذا الجانب من تأريخ القرآن، على نحو ما نقل إبن سعد عن عبد اللّه بن عباس أنه قال: «كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من المهاجرين والأنصار، فأسألهم عن مغازي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نزل من القرآن في ذلك. وكنت لا آتی أحدا منهم إلا سرّ بإتياني لقربی من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فجعلت أسأل أبي بن كعب يوما، وكان من الراسخين في العلم، عما نزل من القرآن بالمدينة، فقال: نزل بها سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة».

أما القياسي: فإنه يعتمد على جملة من الضوابط التي إستخلصها العلماء من الروايات المنقولة عن عدد من الصحابة والتابعين في بيان خصائص السور المكية والسور المدنية، فمن تلك الروايات:

الفعن عبد اللّه بن مسعود، رضي اللّه عنه، قال: «كل شيء في القرآن يا أَيُّهَا النَّاسُ أنزل بمكة، وكل شيء فی القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أنزل بالمدينة». ولاحظ بعض العلماء أن (يا أيها الناس) منه مكي ومنه مدني وأكثره مكي.

بعن عروة بن الزبير، قال: «ما كان من حدّ أو فريضة أنزلها اللّه عز وجل بالمدينة، وما كان من ذكر الأمم والقرون أنزل بمكة».

جقال المفسر محمد بن أحمد بن جزی الغرناطي: «وإعلم أن السور المكية نزل أكثرها في إثبات العقائد، والرد على المشركين، وفي قصص الأنبياء، وأن السور المدنية نزل أكثرها في الأحكام الشرعية، وفي الرد على اليهود والنصارى وذكر المنافقين، والفتوى في مسائل، وذكر غزوات النبی صلى اللّه عليه وسلم، وحيث ورد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو مدني، وأما يا أَيُّهَا النَّاسُ فقد وقع في المكي والمدني»[54] .

أهمية معرفة السور المكية والسور المدنية:

لهذا البحث التاريخي في تحديد وقت نزول سور القرآن فوائد ذكرها العلماء في مجال الدراسات القرآنية منها:

الفتتوقف معرفة الآيات الناسخة والمنسوخة على معرفة ما نزل أولا، قال النحاس: «وإنما نذكر ما أنزل بمكة لأن فيه أعظم الفائدة في الناسخ والمنسوخ، لأن الآية إذا كانت مكية، وكان فيها حكم، وكان في غيرها حكم غيره نزل بالمدينة، علم أن المدنية نسخت المكية».

بساير نزول القرآن تاريخ الدعوة، وترتيب السور ترتيبا زمنيا يمكننا من تصور تأريخ السيرة تصورا أكثر جلاء ووضوحا، فی ضوء الآيات القرآنية الكريمة، والقرآن من هذه الناحية يعتبر المرجع الأصيل لدراسة السيرة النبوية.

جإن تتبع السور المكية والسور المدنية والنظر في موضوعاتها وأسلوبها يكشف عن المنهج الذي رسمه القرآن للدعوة في مراحلها المختلفة، فكانت موضوعات السور المكية تتحدث عن قضية العقيدة خاصة، وتعددت صور عرضها، في أسلوب قوي مؤثر، لأنه كان يخاطب أناسا غلب عليهم الشرك وفساد العقيدة، فلما استقرت العقيدة الصحيحة في قلوب الجماعة المؤمنة التي تكونت في المدينة عندها أنزل اللّه تعالى الفرائض والحدود في أسلوب متمهل مترسل يناسب مخاطبة القلوب المؤمنة.[55]

(آيات القرآن)

الآية في اللغة وفي الإصطلاح :

الآية لغة: وردت بمعنى العلامة، ومنه قوله تعالى: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ الآية أي: علامة ملكه، وبمعنى الدليل. ومنه قوله تعالى: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ» أي دلائل قدرته، وبمعنى العبرة، ومنه قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ» أي عبرة لمن بعدهم، وبمعنى المعجزة، ومنه قوله تعالى: «سَلْ بَنِی إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ» أي من معجزة واضحة وقوله تعالى: «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ» ... إلى غير ذلك من المعاني.

وفي الإصطلاح: جزء من السورة لها مبدأ ونهاية، وآخرها يسمى فاصلة. وقيل: طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وعما بعدها، وهذا التعريف غير مانع؛ لدخول السورة فيه، إلا إذا راعينا فی التعريف اندراجها في السورة، والمناسبة بين المعنى اللغوی والإصطلاحی ظاهرة لأنها علامة على نفسها بانفصالها عما قبلها وما بعدها؛ أو لأن فيها عبرا ودلائل لمن أراد أن يتذكر، أو لأنها بانضمامها إلى غيرها تكون معجزة دالة على صدق الرسول. وآيات القرآن تختلف طولا وقصرا، وأكثر الآيات الطوال في السور الطوال، وأكثر الآيات القصار في السور القصار.

عدد آيات القرآن:

قال إبن كثير: «فأما عدد آيات القرآن العظيم فستة آلاف آية، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال: فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومئتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية. وقيل: ومئتان وتسع عشرة آية، وقيل: ومئتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: ومئتان وست وثلاثون، حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان»[56] .

وقال العلامة الطباطبائي: «وأما عدد الآي فلم يرد فيه نص متواتر يعرف الآي ويميز كل آية من غيرها ولا شيء من الآحاد يعتمد عليه، ومن أوضح الدليل على ذلك اختلاف أهل العدد فيما بينهم وهم المكيون والمدنيون والشاميون والبصريون والكوفيون. فقد قال بعضهم: إن مجموع القرآن ستة آلاف آية، وقال بعضهم: ستة آلاف ومئتان وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة، وقيل: وتسع عشرة، وقيل: وخمس وعشرون، وقيل: وست وثلاثون.

وقد روى المكيون عددهم عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن إبن عباس عن أبی بن كعب، وللمدنيين عددان ينتهی أحدهما إلى أبی جعفر مرثد بن القعقاع وشيبة بن نصاح، والآخر إلى إسماعيل بن جعفر بن أبی كثير الأنصاری وروى أهل الشام عددهم عن أبی الدرداء، وينتهی عدد أهل البصرة إلى عاصم بن العجاج الجحدري، ويضاف عدد أهل الكوفة إلى حمزة والكسائي وخلف قال حمزة أخبرنا بهذا العدد إبن أبی ليلى عن أبی عبد الرحمن السلمی عن علي بن أبي طالب. وبالجملة لما كانت الأعداد لا تنتهی إلى نص متواتر أو واحد يعبأ به ويجوز الركون إليه ويتميز به كل آية عن أختها لا ملزم للأخذ بشيء منها فما كان منها بينا ظاهر الأمر فهو وإلا فللباحث المتدبر أن يختار ما أدى إليه نظره. والذي روی عن علي عليه السلام من عدد الكوفيين معارض بأن البسملة غير معدودة في شيء من السور ما خلا فاتحة الكتاب من آياتها مع أن المروی عنه عليه السلام وعن غيره من أئمة أهل البيت عليهم السلام أن البسملة آية من القرآن وهي جزء من كل سورة افتتحت بها ولازم ذلك زيادة العدد بعدد البسملات.[57]

أول آية نزلت من القرآن وآخرها:

أوّل آية نزلت فهي الآيات الخمس من اوّل سورة العلق، ونزلت بقيّتها فی فترة متأخّرة.[58] وأما فی آخر آية نزلت من القرآن إختلاف؛ قيل هی الآية 281 من سورة البقرة «وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ..»،[59] وقيل هي آية الکلالة (الآية176 من سورة النساء «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ»).[60]

أطول آية في القرآن: